خصوصية سعودية.. ألا يحق لنا تخيُّلها؟
تساؤلات تستثيرني دائماً، وأحاول أن أتخيل سبب عدم تحويلها لواقع أو العمل بكل جدية لرؤيتها كبرنامج أو خريطة طريق نعمل جاهدين لتبنيها.
إن وطننا الغالي يزخر بالعديد من النماذج المتميزة التي حققت رضا المستفيدين وتطلعات المواطن والمسؤول بنسب كبيرة جدا، ومن هذه النماذج التي نفخر بها خريجو جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ومستواهم المتميز وإبداعهم في العطاء والتميز الإداري من جانب ومستوى التنظيم في الجامعة المقارب أو المماثل لنخبة من جامعات العالم، الديوان الملكي واستخدامه لأفضل آليات التقنية في إدارة العلاقة مع المراجعين، وخريجو معهد الإدارة العامة وكلية الجبيل الصناعية الذين يتم توظيفهم قبل تخرجهم، كذلك الهيئة الملكية للجبيل وينبع ومستوى البنية الأساسية والتحتية المشابهة لأفضل الجهات المماثلة على مستوى العالم وتنظيمها الإداري وعملها المؤسساتي، وشركة أرامكو السعودية التي تتميز إدارتها بأفضل أساليب الإدارة العالمية، وذلك كمثل لجهات تعاملت أو اطلعت على ما ذكرت سابقا، حيث عملت هذه الجهات على مواكبة التسارع والتطور المعرفي واستغلته في تحسين خدماتها وما تقدمه للمستفيدين وتحقيق ذلك بأفضل الآليات والمستويات.
وكلنا نعلم أن التقدم التكنولوجي والإلكتروني وصل إلى حدود كبيرة جدا، وما زال يطرح الجديد منه في كل يوم، وحتى كل ساعة، إن لم أكن مبالغا، ولا يمكن لنا بطبيعة الحال أن نتخلف عن هذا التقدم، سواء كان من خلال المشاركة فيه أو استخدام هذا التقدم التكنولوجي والإلكتروني، فالعالم أصبح متسارعا وقرية صغيرة بفضل هذا التقدم، ومقياس المنافسة والتقدم فيه تمحور حول سرعة الخدمات المقدمة، والتي لا يمكن أن تزيد من سرعتها، إلا من خلال المجالين التكنولوجي والإلكتروني، من جانب، ومن جانب آخر ارتبط التطور بالعمل المؤسساتي والحوكمة والشفافية، ألا يدعونا ذلك إلى التفكير جديا في العوائق التي تقف أمام تعميم مثل هذه التجارب المميزة، ولما لا تتكرر هذه النجاحات في كل أجهزة ووزارات الدولة وكياناتها وأن نبني عليها كي تعم الفائدة على الجميع في مختلف الجهات؟
أعزائي.. لو تتبعنا الجهات الحكومية في إنجاز المعاملات وأمور المواطنين لوجدنا هناك تجارب عديدة يجب الوقوف عندها والاستفادة منها، بل تعميمها على جميع الجهات الأخرى التي يقبع بعضها في سبات عميق وكأنه يعيش في واقع غير الذي نعيشه، أي أن التقنية تقف إذا وصلت إلى ذلك الجهاز، والخبرة المتراكمة وقفت لدى تلك الجهة، فما المانع من تعميم التجارب الناجحة لدينا واستنساخها لتوفير جميع الخدمات بأسرع وقت ممكن للمستفيدين على مختلف شرائحهم كافة؟.. وهنا أود أن أطرح تساؤلا مهما: ما الحل أو الآلية التي تجعلنا نستفيد من قصص نجاح بعض الجهات لدينا وتعميمها واستنساخها للوصول لمنظومة متكاملة والعمل على الاستفادة من خبراتها والتطوير والتحسين انطلاقا من هذه التجارب؟
إنني لست بخبير أو محلل يملك القدرة على تصور أو بناء خريطة طريق لذلك، لكنها تساؤلات أطرحها وتعبر عن أمنياتي بأن أرى المؤسسات والوزارات أَو الهيئات الحكومية تدار وفق أفضل الآليات وبعمل مؤسسي راق لا يرتبط بوجود أشخاص بل بأنظمة وآليات واضحة، ووفق آليات حوكمة شفافة تعمل على تطوير هذا العمل لجعله دائما متواكبا مع المستجدات، ويستفاد منه بشكل عام ليكون هو الخصوصية السعودية في الإدارة والإبداع والعطاء.