«هيئة السوق» تعطّل مشروع تحويل شركات الوساطة إلى بنوك استثمارية

«هيئة السوق» تعطّل مشروع تحويل شركات الوساطة إلى بنوك استثمارية

عطّلت هيئة السوق المالية مشروعاً لتحويل المؤسسات المالية (المرخص لها العمل في السوق المالية السعودية) إلى بنوك استثمارية والتي سبق أن أبدت مرونة في تطبيقه، وفق تصريحات سابقة لمسؤوليها بدأت من نيسان (أبريل) 2011، وتسريبات مطلعين شاركوا في نقاشات مع الهيئة حول هذه الفكرة. وفيما تحفظت الهيئة على الرد على أسئلة ''الاقتصادية'' للحصول على تعليق منها، قال خالد الجوهر عضو مجلس إدارة شركة الأولى جوجيت كابيتال، وأحد أعضاء تكتل شركات الوساطة، إن مجموعة من أهم وأكبر الشركات المالية في السعودية رفعت قبل سنة مذكرة تطالب فيها هيئة السوق المالية برفع كفاءة العدالة بينها وبين الشركات المصرفية التابعة للبنوك السعودية.

في مايلي مزيد من التفاصيل:

جمدت هيئة السوق المالية فكرة تحويل المؤسسات المالية (المرخص لها للعمل في سوق المال السعودي) إلى بنوك استثمارية والتي سبق أن أبدت مرونة في تطبيقها، وفق تصريحات سابقة لمسؤوليها بدأت منذ نيسان (أبريل) 2011، وتسريبات مطلعين شاركوا في نقاشات مع الهيئة حول هذه الفكرة.وقال لـ ''الاقتصادية'' خالد الجوهر عضو مجلس إدارة شركة الأولى جوجيت كابيتال والمدير التنفيذي وأحد أعضاء تكتل شركات وساطة تقدمت بطلب من هذا النوع قبل نحو عام، إن مجموعة من أهم وأكبر الشركات المالية في السعودية رفعت قبل سنة مذكرة تطالب فيها هيئة السوق المالية برفع كفاءة العدالة بينها وبين الشركات المصرفية التابعة للبنوك السعودية، من خلال 14 مقترحا تتضمن تصنيف الشركات المالية كبنوك استثمارية.
وقال الجوهر''إن هيئة السوق استقبلت المذكرة ووعدت بدراستها والبت فيها، إلا أن ذلك لم يحدث، بل وتم تجميده رغم أن المعايير التي تعمل بها اليوم تلك الشركات هي متوافقة 100 في المائة مع كل المعايير المحلية والدولية الخاصه بالبنوك الاستمثارية، بل إن بعضها يمارس دور البنوك الاستثمارية ولكن دون الحصول على هذا المسمى''.
وبيّن عضو مجلس إدارة شركة الأولى جوجيت كابيتال، أنه لا يوجد في العالم مفهوم لمسمى الشركات المالية، فهي إما بنوك تجارية أو بنوك استثمارية، مشيرا إلى أن المعايير التي تطبقها هيئة السوق المالية اليوم على شركات الوساطة المالية في السعودية بما فيها معايير الملاءة والكفاءة المالية وبازل 3 ، هي كلها معايير للبنوك الاستثمارية.
وأضاف'' هذا الإجراء المطلوب يأتي في إطار تنظيم السوق المالية في المملكة وهو ليس إجراء شكليا، بل سينعكس على أداء الشركات والسوق وسلوك المستثمرين، لذا يجب على الهيئة المسارعة في تصنيفنا كبنوك استثمارية، حتى يتسنى لنا ممارسة أدوارنا الحقيقية ولكي نحظى بتصنيف ملائم أمام عملائنا يمنحنا الثقة ويمنحهم الاطمئنان''.
من جهتها، قالت لـ ''الاقتصادية'' مصادر مطلعة أن تعطل إجراءات التحويل سببه الرئيس هو أن هناك فرقا بين نشاط الشركات المالية والبنوك وهو فتح حسابات جارية للعملاء، وهو ما يتطلب تدخلاً إشرافيا من جهات أخرى أبرزها مؤسسة النقد، حيث إن البنوك الاستثمارية كانت تعد نوعاً من العمل المصرفي الذي تشرف عليه مؤسسة النقد وذلك قبل إنشاء هيئة سوق المال والقيام بفصل تلك الإدارات عن البنوك التجارية، نظرا لأن عمل بنوك الاستثمار مرتبط بشكل كامل من حيث الإشراف بهيئة سوق المال التي تشرف على إدارة وتنظيم عمل سوق المال، الذي يتضمن سوقاً للأوراق المالية وكذلك سوقاً للصكوك والسندات.
وهنا يعود الجوهر للتأكيد على أن هناك تقصير في مستوى رعاية هيئة السوق المالية للجهات التي تشرف عليها، متمنيا في هذا الصدد أن يترفع مستوى التعاون بين الهيئة وشركات الوساطة كما هو حال العلاقة بين مؤسسة النقد والبنوك التجارية في المملكة.
ويتابع'' علاقة مؤسسة النقد بالبنوك رغم أنها علاقة إشرافية إلا أن هناك تعاونا كبيرا، وتتطلع لتحقيق المصالح الإيجابية والوقوف إلى جانبها في حالات التعثر والرفع من مستوى تأثيرها في الاقتصاد الوطني.. بينما حال الشركات المالية مع هيئة السوق هي علاقة غير جيدة، هناك إجراءات طويلة ومعقدة للحصول على تراخيص الأنشطة، وليس هناك اجتماعات فورية أو لقاءات مباشرة لمناقشة وضع القطاع كما يحدث بين مؤسسة النقد وبنوكها''.
أما فيما يتعلق بقانونية إشراف الهيئة على نشاط البنوك الاستثمارية، أكد الجوهر أن البنوك الاستثمارية، كمورجان ستانلي وغيرها، هي شركات استثمارية لا تقدم خدمات تجارية، وتعمل تحت إشراف الهيئات المالية، قروضها وحسابات العملاء فيها مقدمة فقط لأنشطة السوق المالية كالتداول وغيره. وبين أن البنوك الاستثمارية لا تفتح حسابات جارية ولاتقدم قروضا استهلاكية للأفراد.
وقال الجوهر أن تحويل الشركات المالية إلى بنوك استثمارية سيمكنها من طرح منتجات إضافية والتوسع في إدارة الأصول واستقطاب المستثمرين من خلال تنويع الفرص أمامهم في سوق يعاني تفوق الاستثمار الفردي والذي تسعى هيئة السوق المالية إلى تحويله إلى استثمار مؤسسي لزيادة الجاذبية الاستثمارية نحوه، وإيجاد التوازن في أدائه بعيداً عن المضاربات الساخنة والتذبذبات العالية التي سادت تعاملات السوق خلال السنوات الماضية.
معلوم أن البنوك الاستثمارية لا تقوم بفتح حسابات لإيداع الأموال، بل ينحصر دورها كوسيط بين الشركات ورجال الأعمال من جهة، وأصحاب الأموال من جهة أخرى بحيث تربط بين الطرفين مما يسهم في تدفق التمويل والاستثمار إلى قطاعات الأعمال، وكذلك تقديم الخدمات الاستشارية لهم ولعب دور الوسيط بتداول الأوراق المالية وتوفير التمويل للشركات والمستثمرين، وكذلك القيام بإدارة عمليات الاستحواذ والاندماجات والمساهمة بإنشاء الشركات وتوفير التمويل لها سواء بالإقراض أو من خلال طرح الصكوك والسندات وكذلك تأسيس وإدارة الصناديق الاستثمارية.
أما المؤسسات المالية فهو مسمى عام لا يعكس طبيعة النشاط، حيث إن البنوك بمختلف أنواعها تعد مؤسسات مالية كالبنك المركزي أو التجاري أو الاستثماري أو الادخاري أو الصناعي والعقاري، وبالتالي فإن الحاجة لتحديد مسمى نشاط المؤسسات المالية الحالية إلى بنوك استثمار هو ضرورة من حيث تبيان طبيعة نشاطها من خلال اسمها التقني، وكذلك توضيح الفرق بينها وبين البنوك التجارية التي تستقبل الودائع وتقوم بعمليات الإقراض بأنواعها الفردي والتجاري وعمليات صرف العملات أيضا وخدمة قطاعات الأعمال من خلال فتح الاعتماد للأعمال التجارية داخلياً وخارجياً وغيرها من الخدمات الشخصية.
وتأتي تصريحات الجوهر بعد أن هبط عدد شركات الاستشارات والوساطة المالية في السوق السعودية إلى مستويات كبيرة ومقلقة خلال الفترة الماضية، إثر انسحاب العشرات منها خلال عام 2011 ومطلع العام الجاري، فيما توقف بعضها عن طلب الحصول على رخص هيئة السوق المالية التي تسمح لها بممارسة نشاطها في المملكة، كان آخرها طلب شركة الاستثمارات الخليجية، بينما لجأت شركات أخرى إلى تعديل نشاطها والاكتفاء بتقديم نشاطي الترتيب والمشورة، منها شركة ''رسملة''. وتم سحب التراخيص من شركات مالية أخرى لأسباب متنوعة.
ووفق متخصّصين تحدثوا لـ ''الاقتصادية'' حينها فإن انسحاب أكثر من 60 شركة من أصل نحو 140 شركة مرخصة من السوق بين عامي 2010 و2011، أي بنسبة تقريبية تبلغ نحو 42 في المائة، وبقاء 83 شركة فقط، يعود إلى تراجع الدخل واحتدام المنافسة في سوق البنوك الاستثمارية وشركات الوساطة التي تزايدت بشكل سريع منذ بداية الترخيص لها من قبل هيئة السوق المالية، وما صاحبه من تراجع في أحجام التداول، وإحجام المستثمرين عن العودة إلى السوق بالزخم الذي رافق فترة الترخيص لشركات الوساطة المالية، إلى جانب سيطرة التداول الفردي والاعتماد على مواقع الإنترنت في تلقي النصيحة المالية، كان من أهم الأسباب وراء الانسحاب الجماعي.

الأكثر قراءة