مجلس الوزراء.. حوكمة الهيئات

أنشئت هيئة سوق المال ومن ضمن أدوارها بناء وإرساء ثقافة الحوكمة لدى الشركات المتداولة في السوق المالية، إضافة إلى تنظيم وإصدار اللوائح والقواعد والتعليمات اللازمة لتطبيق أحكام نظام السوق المالية، بهدف توفير المناخ الملائم للاستثمار في السوق، وزيادة الثقة بها، والتأكد من الإفصاح الملائم والشفافية للشركات المساهمة المدرجة في السوق، وحماية المستثمرين والمتعاملين في الأوراق المالية من الأعمال غير المشروعة في السوق.
هيئة سوق المال من خلال ذلك تطالب القطاع الخاص بتطبيق الحوكمة، وبما أنها هيئة حكومية، فمجالس الإدارة الحكومية لا توجد لها ضوابط حوكمة ترجع لمرجعية غير رئيس المجلس من ناحية النظام وتطبيق الحوكمة، وفي الوقت ذاته تكون هي الحكم والمصلح والمطور للآليات والأنظمة المحققة لذلك.
فمثلا تجد أن نظام ما ينص على عقد المجلس أربعة اجتماعات سنوية، فإذا لم يعقد هذا المجلس ماذا يمكن أن يحدث؟ وما دور العضو في ذلك؟ وهل هناك جهة يحتكم إليها لو وجد اختلاف في تفسير نقطة نظامية مع رئيس تلك الجهة؟ وهل من الصحيح أن يوصي رئيس مجلس تلك الجهة بتعيين الأعضاء؟ وهل هؤلاء الأعضاء يكفل لهم النظام امتلاك الجرأة لمخالفة رئيس المجلس في الرأي؟ أليس من الأولى أن تطبق أجهزة الدولة ذات مجالس الإدارة الأنظمة ذات الصلة المطبقة على مجالس الإدارات في القطاع الخاص؟
إن الحوكمة أصبحت في الوقت الحالي ضرورة ملحة، كونها تعطي محصلة نهائية في تحسين الأداء الإداري والاقتصادي والاستثماري والمالي، من خلال مجموعة من الإجراءات والعمليات، التي يتم من خلالها توجيه الهيئات أو المؤسسات والتحكم فيها، بحيث يتضمن الإطار العام للحوكمة تحديد وتوزيع الحقوق والمسؤوليات على مختلف الأطراف في الهيئة أو المؤسسة من مجلس إدارة ومديرين ومساهمين وغيرهم من أصحاب المصلحة.. لكن عندما يطلبوا من الشركات الخاصة المتداولة في السوق أن يكون ضمن ما تقره لجنة مراجعة يكون من ضمن أعضائها، أعضاء من خارج المجلس مستقلون لإرساء مبدأ الشفافية، أليس من باب أولى تبني الأجهزة الحكومية ذات مجالس الإدارة ذلك المطلب ولتكون قدوة فيه؟
فمثلا عضوية مجالس الإدارات والهيئات واللجان الحكومية تتشابه مع عضوية مجالس إدارات الشركات المساهمة المتداولة في السوق المالية، فلِمَ لا يتم تحديد عضوية الشخص بعدد معين من مجالس الإدارات والهيئات واللجان الحكومية أسوة بإدارة مجالس الشركات؟ حيث يوجد عدد من المسؤولين رؤساء أو أعضاء لأكثر من 30 أو 40 ذراعا؟ .. فأين الوقت الذي يستطيع المسؤول من خلاله تحقيق الهدف من ضمه إلى جميع هذه المجالس والهيئات واللجان الحكومية؟ لكن عند تحديد عدد معين من مجالس الإدارة والهيئات واللجان الحكومية لا يتعدى خمسة مثلا، فمن الطبيعي وجود الوقت للمتابعة والإشراف بشكل فعلي وعملي متقن، أكثر من السابق، كذلك عند تحديد عدد معين للعضوية للشخص أو المسؤول الواحد، لا بد من النظر في المكافآت التي يتقاضاها نظير العمل لهذه المجالس والهيئات واللجان، ورفعها بشكل أجزى من الوقت الحالي، كي يكون هناك حماس لتقديم الأفضل في هذه المجالس والهيئات واللجان الحكومية، وكي يتحقق لدينا التكامل في الأعمال.
ومن هذا المنطلق أدعو إلى وضع نظام ينظم عضوية مجالس الإدارات والهيئات واللجان الحكومية، وتحديد المسؤوليات والواجبات والمكافآت، إضافة إلى تبني لائحة حوكمة لما ذكر تسند إلى جهاز حكومي مستقل مرجعيته ديوان مجلس الوزراء يشرف عليها ويطورها، وتتحقق الشفافية التي نادى بها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله وأطال في عمره - فيظل ما تشهده المملكة من طفرة كبيرة في مختلف المجالات.. طفرة تحتاج إلى مواكبة من جميع الأنظمة والقوانين الفعلية.
ختاما.. ألم يحن الوقت لتبني إدارة في ديوان مجلس الوزراء تقوم بدور الحوكمة للأجهزة الحكومية التي تحتوي في تنظيمها على مجالس للإدارة؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي