المملكة تستهلك 40 % من النفط لإنتاج الطاقة تماشيا مع النهضة التنموية

المملكة تستهلك 40 % من النفط لإنتاج الطاقة تماشيا مع النهضة التنموية

تعد المملكة من أكبر الدول في المنطقة والعالم استهلاكاً للطاقة، وهذا يعود إلى أسباب عديدة منها الموقع الجغرافي الذي نتج عنه مناخ صحراوي شديد الحرارة وخاصة في فصل الصيف، وأيضاً مساحة المملكة الشاسعة التي تستدعي صرف كميات كبيرة من الطاقة على قطاع المواصلات، إضافة إلى النهضة الصناعية والعمرانية التي تشهدها المملكة والتي ألقت بثقلها على مولدات الطاقة.
ومع زيادة النمو السكاني تتزايد الحاجة لكميات إضافية من الطاقة لتوفير أسباب الحياة المدنية والرفاهية ولتدوير عجلة الصناعة النامية بقوة، والتي قادت المملكة، إضافة إلى الازدهار الاقتصادي، لكي تحتل مرتبة متقدمة من بين دول العالم في إنتاج الطاقة واستهلاكها، لتكون ضمن أكبر 20 دولة في الاستهلاك.
ومع ازدهار عملية التنمية في البلاد نجد أنه نمت معها بشكل متواز كميات الطاقة المنتجة والمستهلكة. فبحسب منظمة معلومات الطاقة فإن المملكة ضاعفت إنتاجها واستهلاكها للطاقة ثلاث مرات بين عامي 1980 و2000م. ومن الجدير ذكره أن المملكة تستهلك تقريباً كل ما تنتجه من طاقة والبالغ 1 في المائة من إجمالي الاستهلاك العالمي للطاقة.
وإذا أردنا عقد مقارنة بسيطة، فإنه وبحسب منشورات منظمة معلومات الطاقة فإن كمية استهلاك المملكة للطاقة تبلغ ضعف استهلاك مصر وتقارب استهلاك إيران، علماً أن عدد سكان مصر أو إيران يقارب ثلاثة أضعاف سكان المملكة. ومن الإنصاف القول إن طقس المملكة الحار هو أحد العوامل الرئيسية في هذه الزيادة في الاستهلاك، حتى إن بعض الدراسات تقدر استهلاك التكييف في فصل الصيف بـ 70 في المائة من مجمل الطاقة الكهربائية في المملكة، وهذه بلا شك نسبة خيالية ولكنها متوقعة ومقبولة خاصة أن المكيفات تعمل ليلاً ونهاراً في هذا الفصل من السنة.
طبعاً استهلاك القطاع الصناعي للطاقة يعد الأعلى كقطاع في المملكة حيث المنشآت النفطية والبتروكيماوية ومحطات التحلية، ويأتي قطاع المواصلات في المرتبة الثانية ومن ثم يأتي الاستهلاك المنزلي، ورابعاً يأتي استهلاك المكاتب الحكومية والمراكز التجارية. ويكفي أن نعلم أن نحو 35 إلى 40 في المائة من استهلاك المملكة للنفط يذهب لإنتاج الطاقة، وذلك بواسطة حرق زيت الوقود (وهو مشتق نفطي ثقيل يخرج من قاع برج التقطير، وغالباً ما يحتوي على كميات كبيرة من الكبريت المستعمل في كثير من محطات توليد الكهرباء ومحطات تحليل المياه المالحة).
كما أنه ومع تسارع عجلة التنمية في الكثير من بلدان العالم وزيادة الحاجة لطاقة لا تعتمد على الثروات النفطية والغازية لجأ كثير من دول العالم إلى استخدام الطاقة النووية لأغراضها السلمية وجدول (1) (بحسب التقرير العالمي للطاقة لعام 2004م) يعرض أهم الدول في العالم استعمالاً لهذه الطاقة، ويبدو أن أمريكا، فرنسا، اليابان، ألمانيا، روسيا، وكوريا الجنوبية تنتج وتستهلك نحو 74 في المائة من إجمالي الطاقة النووية المنتجة في العالم.
ومع تعالي الأصوات في الوقت الراهن بحظر الطاقة النووية السلمية وتحجيم استعمالها على بعض دول العالم، ومع وجود الأزمة الإيرانية الراهنة والإعلان المصري القريب، فإن الحكومات مدفوعة لأن تعيد النظر في سياساتها الحالية من هذه القضية بحيادية وشفافية أكثر، من منطلق أن هذا النوع من الطاقة قادر على تدمير العالم وأن أي خطأ بشري محتمل قد يحمل ويلات مجرد تخيلها غاية في الإزعاج وعدم الراحة.
لا شك أن الترشيد في استهلاك الطاقة هو أمر محمود ومطلوب، ويزداد مع ازدياد الوعي لدى المواطن، خاصة إذا عُلم أن كل إنتاج هذه الكميات الكبيرة من الطاقة يعتمد في الأساس على مصادر غير متجددة أي محدودة من النفط والغاز، وأن زيادة الاستهلاك بشكل كبير تنتج عنها عواقب وخيمة، ويكفي أن نتذكر الأزمة التي اعترضت المصانع في المنطقتين الشرقية والوسطى خلال فصل الصيف الماضي، ما اضطر شركة الكهرباء إلى جدولة عمل المصانع نتيجة لعجزها عن تغطية الطلبات على الكهرباء، وما أدى أيضا إلى وضع هذه المصانع وشركة الكهرباء في مواقف غير محسوبة ومحرجة نوعاً ما.

أكاديمي متخصص في صناعة تكرير النفط والبتروكيماويات ـ الظهران
[email protected]

الأكثر قراءة