منتدى آسيوي يبحث تأثير القوة الاقتصادية للصين في البيئة والتجارة الإفريقية
من المؤكد أن تسعى الصين من خلال المنتدى الصيني - الإفريقي الذي تستضيفه بكين خلال الفترة من 3 إلى 5 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل إلى الرد على العديد من الاتهامات والانتقادات التي وجهها بول وولفويتز رئيس البنك الدولي إليها بشأن تجاهل اعتبارات حقوق الإنسان والاعتبارات البيئية عند تقديم قروض إلى الدول الإفريقية.
ويناقش المنتدى بالفعل تأثير القوة الاقتصادية المتنامية للصين في البيئة والتجارة في إفريقيا في ضوء اهتمام الصين المتزايد بالعلاقات التجارية والاستثمارية مع العديد من الدول الإفريقية في كثير من المجالات، خصوصا في مجال الطاقة. وقالت ليو هاي فانج خبيرة الشؤون الإفريقية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية: إن المنتدى سيناقش تحسين سبل تنظيم وإدارة المشاريع الصينية في إفريقيا "بما في ذلك فشل بعضها في مراعاة المبادئ البيئية وكذلك السيطرة على هذه المشاريع".
وقللت ليو من احتمالات حدوث صراعات تجارية في إفريقيا ومن أهمية الانتقادات الغربية للصين بأن علاقاتها الاقتصادية من دول القارة الإفريقية خالية من الاعتبارات "الأخلاقية".
وأضافت "هناك بالفعل صراعات تجارية بسيطة بين الصين وبعض الدول الإفريقية، لكن علاقاتنا تقوم على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة".
وأشارت إلى أن وجود مشاعر معادية للصين في بعض الدول الإفريقية نتيجة طبيعية لنظام اقتصاد السوق والمنافسة الاقتصادية عندما تتجه الشركات الصينية إلى العمل في هذه الدول. وضربت مثلا بتجارة المنسوجات، حيث قالت إن الصين وافقت على قيام بعض الدول الإفريقية بفرض قيود على
وارداتها من المنسوجات الصينية حتى تتيح الفرصة أمام الصناعات المحلية في هذه الدول للنمو.
وكان أبرز مثال على تنامي مشاعر العداء للشركات الصينية في إفريقيا قيام مجموعة من المسلحين في نيجيريا في نيسان (أبريل) الماضي بتفجير إحدى مصافي النفط وتهديد شركة نفط صينية بالاعتداء عليها وعلى العاملين فيها باعتبارهم "لصوصا". وجاء هذا الحادث بعد أسابيع قليلة من فوز الصين بعقد قيمته 2.3 مليار دولار لاستغلال حقول النفط البحرية في نيجيريا.
وقال تانج جياشوان أحد كبار المسؤولين في الخارجية الصينية: إنه من الصعب تجنب حدوث بعض المشكلات التي تعترض عملية توسيع التعاون الصيني - الإفريقي.
يذكر أن المصالح النفطية للصين في إفريقيا تزايدت خلال السنوات القليلة الماضية، حيث استوردت الصين 38.34 مليون طن نفط خام من إفريقيا العام الماضي تمثل نحو 30 في المائة من إجمالي واردات الصين النفطية.
كما بلغ عدد مشاريع النفط والغاز الكبيرة التي تستثمر فيها الصين في إفريقيا 27 مشروعا تنتشر في 14 دولة منها السودان، الجزائر، أنجولا، ونيجيريا.
ووصل إجمالي حجم التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا 39.8 مليار دولار عام 2005 منها 21.1 مليار دولار صادرات صينية. ومن المتوقع زيادة حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 50 مليار دولار خلال العام الحالي.
وبلغت قيمة الاستثمارات الصينية في إفريقيا 6.2 مليار دولار في 800 مشروع تغطي مختلف المجالات من التصنيع إلى الزراعة.
في الوقت نفسه فإن تنامي النفوذ الاقتصادي الصيني في إفريقيا يواجه انتقادات عنيفة من جانب الدول الغربية بدعوى أن الصين تقدم المصالح الاقتصادية على الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية.
وتتهم دوائر غربية الصين بمساندة أنظمة حكم ديكتاتورية وفاسدة في إفريقيا حرصا على مصالحها الاقتصادية. كما تتهم منظمة العفو الدولية الصين بتغذية الصراعات المسلحة في العديد من دول القارة من خلال مبيعات السلاح الصيني إلى أطراف هذه الصراعات.
وترى المنظمة التي مقرها في لندن أن الصين على سبيل المثال تواصل تزويد السودان بالأسلحة رغم وجود وثائق مؤكدة على تورط الحكومة السودانية في أعمال القتل والاغتصاب التي تحدث في إقليم دارفور غربي السودان.
لكن فانج تقول إن هذه الانتقادات الغربية بما فيها انتقادات رئيس البنك الدولي تخفي وراءها "أغراضها الخاصة". وتضيف أن الصين تتبنى مبدأ "الشعوب الإفريقية هي التي تحل مشكلات القارة عندما نتعامل مع الدول الإفريقية".
وقالت "رغم بعض الانتقادات التي يمكن سماعها من جانب المجتمع الدولي بأن الموقف الإنساني في دول مثل السودان وأنجولا سئ فإن الصين يظل لديها الكثير لكي تتعاون بشأنه مع هذه الدول" في القارة السمراء.
وكانت الصين قد اتخذت استعدادات كبيرة لضمان نجاح هذا المنتدى، حيث يشارك أكثر من 810 آلاف رجل أمن ومرور ومسؤول رسمي ومتطوع في ترتيبات المنتدى الذي يضم مسؤولين حكوميين وممثلين عن المجتمع المدني ورجال الأعمال.
وكانت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" الرسمية قد ذكرت في تعليقها أمس الأول أن الصين قدمت دعما غير محدود للشعوب الإفريقية أثناء كفاحها ضد الإمبريالية والاستعمار" في النصف الثاني من القرن العشرين.
وأشارت الوكالة إلى قيام الصين بمد خط للسكك الحديدية يربط بين دولتي زامبيا وتنزانيا، إضافة إلى مشاركة أكثر من 15 ألف مسؤول صحي صيني في توفير العلاج لأكثر من 170 مليون شخص في إفريقيا منذ عام 1963 عندما أطلق الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونج دعوته لإقامة علاقات متميزة مع الشعوب "الصغيرة والسوداء" في إشارة إلى شعب الصين "القصير" والشعوب الإفريقية السمراء.
وكانت الصين قد رفضت الاتهامات التي وجهها إليها وولفويتز بشأن عدم مراعاة اعتبارات حقوق الإنسان والبيئة عند إقراض الدول الإفريقية.
وقال ليو جيان شاو المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "الصين لا يمكن أن تقبل مثل هذه التعليقات" في إشارة إلى تصريحات وولفويتز التي نشرتها صحيفة "لو إيكو الاقتصادية" الفرنسية.
وقال ليو: إن اتهامات وولفويتز "بلا أساس" نافيا أن تكون المساعدات التي تقدمها الصين ضارة بحقوق الإنسان في إفريقيا.
وأضاف أن "الصين تتبنى مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول عند التعامل مع العلاقات الخارجية". وقال إن "الصين لا تحب أن تفرض الدول الأخرى قيمها ونظمها الاجتماعية عليها".
وأشار إلى أن التعاون مع الدول الإفريقية يقوم على أساس"المساواة والمنفعة المتبادلة" ومساعدة الاقتصادات الإفريقية.