صندوق الموارد .. خريطة طريق
من الطبيعي أن أي طالب للعمل مهما كان مستواه أو مؤهله العلمي، يبحث عن الوظيفة ذات الدخل المناسب، والمستوى الجيد، وهذا من منطلق البدء في مرحلة العمل كبداية معينة على الحياة ومتطلباتها، وبالتالي البحث عن التحسن المعيشي والاستقلالية الجديدة عن مظلة الاحتواء وطلب العون من الغير.
يعتبر ذلك الهدف غريزيا في كل إنسان سواء كان غنيا أو فقيرا إذا كان ذا تفكير سوي ويسعى إلى تحقيق ذاته، وهنا لا بد للشخص أن يثبت للذي أمامه من أصحاب الأعمال أنه شخص يتعلم بسرعة وأن أي افتقار للخبرة سيتم تعويضه بسهولة بواسطة حماسه ورغبته الشديدة في التعلم، حيث يدرك حينها أصحاب الأعمال بوجه خاص أن الشخص الذي يتمتع بالحماس في العمل من الأرجح أن يسهم في الفريق أكثر من أي عضو آخر يفتقر إلى ذلك الاهتمام.
هذه المقدمة جاءت حول الباحث عن العمل، وسيليها دور الطرف الآخر من المعادلة وهي جهة العمل التي هي بدورها لا بد أن تكون معينا لطالب العمل وليست معقدا له، فكثير من الطاقات والكفاءات أثبتت وجودها بمجرد إعطائهم الفرصة الوظيفية، فلا بد أن يعي أصحاب الأعمال أن الشباب المتقدمين لوظائف معينة لديهم، لم يولدوا وهم مدربين أو ذوي خبرات تهم أصحاب الأعمال، ولكنهم ولدوا بعقول ومهارات يمكن صقلها وتدريبها لتناسب احتياجات أعمالهم.
في هذا الصدد أعجبني كثيرا ما قامت به مؤسسة النقد العربي السعودي بصفتها الجهة المشرفة على قطاع التأمين، عندما طلبت من الشركات العاملة في هذا القطاع بناء خطة توظيف تشمل تدريب وتطوير وتأهيل السعوديين من طالبي العمل، أي بمعنى أصح أن المؤسسة ألزمت قطاع التأمين بذلك .. فلك عزيزي القارئ أن تتخيل لو ألزمنا مثلا مكاتب التدقيق المحاسبي، الاستشارات المهنية بكافة أنواعها، وشركات المختبرات كمثال، ببناء خطط توظيف لتلك القطاعات ذات الدخل المناسب، وإلزامهم بتأهيل السعوديين في سياق خطط واضحة، فكم من وظيفة ذات مستوى جيد سنجدها خلقت لابن من أبناء وطننا التي تفوق نسبة الشباب من سكانها 60 في المائة، مؤسسين بذلك قاعدة عملية متينة تخدم حاضرنا ومستقبلنا.
هنا.. تأتي أهمية وضرورة تكاتف الجهود في جميع القطاعات سواء الحكومية أو الخاصة، لإنجاح مثل هذه الخطط وعودة الفائدة إلى الشباب السعودي الذين هم أبناؤنا في نهاية المطاف، فالأمل معقود على صندوق الموارد البشرية في أن يبني خريطة طريق لتلك القطاعات بالشراكة مع الوزارات المعنية ترشدهم وتقيدهم وتدعمهم بآليات مناسبة، وفي الوقت نفسه آليات رقابة شفافة مرتبطة بمميزات للمنجزين وعقوبات للمتخاذلين.
وفي الختام.. عزيزي الشاب عند تقدمك إلى أي وظيفة يجب عليك أن تكون محددا جيدا لطبيعة المجال الذي تحبه وتنوي المضي فيه، لأنك ببساطة لن تصبح متميزا في مجال لا تحبه، وتذكر أن هناك الكثير ممن يسعون إلى وظيفة جيدة ومستوى مالي جيد، فحب العمل مع بذل الوقت والجهد وتطوير الذات ينتج عنه التميز، وبالتالي المستوى الوظيفي العالي ذا العائد المالي الجيد.