كفاءة الرؤساء التنفيذيين في تحقيق تنميتنا الوطنية

حاولت دراسة الإجابة عن هذه التساؤل عن طريق دراسة آليات وصول 120 رئيسا تنفيذيا إلى قمة هرم شركاتهم، وطبيعة المنهجية التي اتبعوها لتحقيق أهداف شركاتهم، وانعكاسات هذه المنهجية على النتائج المالية لشركاتهم والتنموية لاقتصاداتهم الوطنية.
نشرت الدراسة في مجلة أبحاث التقنية المتقدمة تحت عنوان ''المنافسة بين أعضاء الإدارة التنفيذية، وأعضاء مجالس إداراتها، والمرشحين الآخرين للوصول إلى هرم الشركة'' قبل قرابة عامين. شملت عينة الدراسة 700 رئيس تنفيذي تناوبوا على قيادة 120 شركة خلال الفترة من 1993 إلى 2000. وصل 47 في المائة من عينة الدراسة إلى هرم شركاتهم من خلال التدرج الوظيفي الطبيعي داخل الشركة، ووصل 39 في المائة من خلال ترشحهم من خارج قطاعات شركاتهم الاقتصادية، ووصل 2 في المائة من خلال عضويتهم السابقة في مجالس إداراتها.
اعتمدت منهجية الدراسة على تحديد قناة وصول كل رئيس تنفيذي إلى هرم الشركة، ومراجعة القوائم المالية للشركات المعنية طيلة الأعوام المالية الثلاثة التي تلت التعيين، والنظر إلى تطور الدور التنموي للشركة داخل قطاعها الاقتصادي خلال فترة عمل الرئيس التنفيذي عينة الدراسة.
من الأهمية بمكان قبيل الخوض في نتائج الدراسة وتوصياتها النظر في أدبيات العلوم الإدارية للبحث في إيجابيات وسلبيات قناة وصول الرئيس التنفيذي إلى هرم الشركة سواءً عبر التدرج الوظيفي، أو التعيين من عضوية مجلس الإدارة، أو الترشح الخارجي، وانعكاسات كل قناة وصول على ربحية الشركة ودورها التنموي.
من إيجابيات القناة الأولى، التدرج الوظيفي، والتكلفة، والخبرة العملية، والولاء الوظيفي، والمعرفية المهنية. فتكلفة التعيين تنخفض في الغالب كون أن المميزات المادية يطرأ عليها تعديل طفيف عند تعيين أحد أعضاء الإدارة العليا في منصب الرئيس التنفيذي. والخبرة العملية تصل إلى حد القناعة بمؤهلات ومهارات المرشح كونه تدرج في مناصب مختلفة داخل الشركة خلال فترة عمله الماضية. وعوامل الولاء، والاندماج في ثقافة الشركة، ومنهجية سير العمل جميعها محفزات كون المرشح دأب على التعايش معها في الماضي. تتجه الشركات في الغالب إلى تعيين أحد أعضاء الإدارة العليا في منصب الرئيس التنفيذي عندما يكون مجلس الإدارة راضياً تمام الرضا عن أداء الشركة في الفترة السابقة، ولديه الاستعداد الكافي لمواصلة مسيرة الرئيس التنفيذي السابق دون إجراء تغيير جذري في منهجية الشركة وسير عملها.
ومن إيجابيات القناة الثانية، مجلس الإدارة، الإبداع، والتجديد، واتساع الآفاق. حيث يتميز الرئيس التنفيذي المعين من داخل مجلس الإدارة للشركة بفهمه لمنهجية الشركة، ومكامن نقاط الضعف التي حالت دون تحقيق الأهداف التنموية. تسهم في الغالب مثل هذه المعرفة في تنشيط المنهجية العامة للشركة وتعديل سيرها بأساليب وأدوات مقنعة لأعضاء مجلس الإدارة. تتجه الشركات في الغالب إلى تعيين أحد أعضاء مجلس الإدارة في منصب الرئيس التنفيذي عندما يكون مجلس الإدارة غير راض كل الرضا عن أداء الشركة. يسهم عدم الرضا هذا في البحث عن دماء جديدة مقتنعة بمعايير مجلس الإدارة تكون قادرة على إحداث تغيير شبه جذري وليس جذريا في توجه الشركة يمكن أن يحقق أهداف الشركة في المستقبل القريب.
ومن إيجابيات القناة الثالثة، الترشيح الخارجي، التعلم، الثقة، واتساع الآفاق. حيث يتميز الرئيس التنفيذي المعين من خارج القطاع الاقتصادي للشركة بوجود أفكار جديدة اقتبسها من خلال عمله السابق ويحاول بلورتها على أرض الواقع في وظيفته الجديدة. تسهم في الغالب مثل هذه الأفكار في تنشيط جانب الإبداع في إدارة الشركة وتعديل سيرها بأساليب وأدوات إدارة جديدة. تتجه الشركات في الغالب إلى تعيين إداري من خارج القطاع الاقتصادي للشركة في منصب الرئيس التنفيذي عندما يكون مجلس الإدارة غير راض عن أداء الشركة. يسهم عدم الرضا هذا في البحث عن دماء جديدة ذات أفكار إبداعية تكون قادرة على إحداث تغيير جذري في أداء الشركة يمكن أن يحقق أهدافها في المستقبل القريب.
توصلت الدراسة أعلاه إلى ثلاث نتائج مهمة. الأولى أن مخصصات الأبحاث والتطوير لدى الرئيس التنفيذي المعيّن عبر قناة التدرج الوظيفي تكون أعلى من مثلائه المعينين عبر قنوات التعيين الأخرى. والثانية أن حجم مبيعات الشركة ينمو عندما يتم التعيين عن طريق التدرج الوظيفي بنسبة أكبر من قنوات التعيين الأخرى. والثالثة أن الشركات القائمة تفضّل تعيين رئيسها التنفيذي عبر قناة التدرج الوظيفي بشكل أكثر من قنوات التعيين الأخرى.
كما خلصت الدراسة أعلاه إلى توصيتين مفادها أن علاقة الرئيس التنفيذي السابق بأعضاء مجلس الإدارة يشوبها التوتر عندما يتم تعيين رئيس تنفيذي من أحد أعضاء مجلس الإدارة. كما تتأثر كذلك كمية وحجم المعلومات الداخلية التفصيلية عن إجراءات سير العمل عندما يتم التعيين عبر قناة مجلس الإدارة أو الترشيح الخارجي.
عديدة هي الفوائد عندما ننظر إلى كفاءة الرؤساء التنفيذيين لشركاتنا المساهمة من واقع نتائج الدراسة. حيث تفوق قائمة الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية الـ 150 شركة المتباين دورها في العملية التنموية السعودية بين أدوار رئيسة وثانوية. ويتباين كذلك أداء هذه الشركات بتباين ما تحققه من نتائج مالية لجمهور مساهميها ومثلها تنموية للاقتصاد السعودي. وإحدى الركائز الرئيسة في تحديد مدى نجاح هذه الشركة أو تلك في تحقيق مستهدفاتها المالية والتنموية كفاءة رؤسائها التنفيذيين في قيادة الدفة نحو توجّه الاقتصاد الوطني ومستهدفاته الطموحة. كفاءة من الأهمية متابعة مدى مواءمتها لهذه الشركة أو تلك خلال فترة تنموية تعتبر عصيبة على الاقتصاد السعودي لا تقبل بغير الصدارة لاقتصاد وفّر لهذه الشركات الكثير وينتظر منها ثمرة هذا العطاء لرفعة شأنه في خريطة العالم الاقتصادية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي