«الخفي» في الأسهم المجانية .. اختبار لقرار المتداول

تطالع إعلانات الشركات المساهمة المدرجة في سوق الأوراق المالية المتداولين بأخبار متتالية عن منح بعض الشركات المدرجة أسهما مجانية لملاك الأسهم المقيدين في سجلات الشركة المانحة.

وما يعرفه المتداولون إن هذه الأسهم المجانية هي عبارة عن زيادة في رأس المال للشركة المانحة، لكن قد يخفى على البعض المؤشرات التي يمكن الاسترشاد بها لاغتنام الفرص في الشركات التي يحق لها نظاماً منح هذه الأسهم المجانية، وتحديد القرار الاستثماري الصائب للشراء أو البيع.

كما يخفى على البعض مصدر هذه الأسهم المجانية أو المؤشرات المالية التي يمكن بها تحديد الشركة المتوقع أن تمنح أسهما المجانية، أو ربما يغيب عن البعض المواد المنصوص عليها في نظام الشركات المساهمة والتي تنص على آلية تكوين وتوزيع تلك الأسهم المجانية.

الأسهم المجانية هي مكونات الاحتياطي النظامي للشركة المساهمة والذي تنص عليه المادة 125 من نظام الشركات المساهمة، حيث تجنب الشركة المساهمة كل سنة 10 في المائة من الأرباح الصافية لتكوين هذا الاحتياطي النظامي، ويستخدم هذا الاحتياطي النظامي في تغطية خسائر الشركة أو في زيادة رأسمالها وذلك بتوزيعه على المساهمين إذا بلغ نصف رأس المال بحسب ما تقرره الجمعية العامة العادية كما نصت بذلك المادة 126 من نظام الشركات المساهمة.

#2#

إذاً الأسهم المجانية هي أرباح حققتها الشركة، وهذه الأرباح حقوق ثابتة للمساهم أثبتتها المادة 108 من نظام الشركات المساهمة إضافة إلى حقوق أخرى. ويمكن للمستثمر الذي يريد أن يتخذ قرارا استثماريا صائبا ممزوجا بالذكاء المعرفي تحديد الشركات المتوقع أن تمنح أسهما مجانية وذلك بقراءة المؤشرات المالية للشركة، وبالأخص القيمة الدفترية التي تعكس كفاءة إدارة الشركة ونجاحها في استثمار رأسمال الشركة.

فعندما يقرأ المتداول القيمة الدفترية بأنها أكبر من عشرة ريالات فإن ذلك يعني أن الشركة لا تزال محافظة على رأسمالها دون خسائر بعكس الشركات الخاسرة التي تقل القيمة الدفترية فيها عن عشرة ريالات.

أما الشركات التي يحق لها أن تمنح أسهما مجانية فهي تلك الشركات التي تزيد فيها القيمة الدفترية على 15 ريالا، أي أنها تملك احتياطيا نظاميا كونته أرباح الشركة تجاوز هذا الاحتياطي نصف رأسمال الشركة، وبالتالي يحق للشركة تحويل هذا الاحتياطي إلى رأس المال عن طريق منح ملاك الأسهم أسهما مجانية.

وتأتي زيادة رأس المال نتيجة لرغبة الشركات المناحة في التوسع في نشاطاتها الاستثمارية، ويعد ذلك من أفضل مصادر تمويل النشاطات التوسعة للشركات المساهمة، بخلاف الشركات التي تتوسع عن طريق الاقتراض وتحميل مساهمي الشركة تبعات تلك الديون.

ومنذ مطلع 2012 أعلنت بذلك 15 شركة من الشركات المساهمة المدرجة في سوق الأوراق المالية عن رغبتها في زيادة رأسمالها عن طريق منح أسهم مجانية للملاك المساهمين بما يقدر بـ 9.5 مليار ريال، وقد قرأ المتداولون الأخبار من موقع '' تداول'' بعد موافقة هيئة السوق المالية السعودية على طلب تلك الشركات زيادة رأسمالها.

ويحتل مصرف السعودي البريطاني المرتبة الأولى من حيث قيمة الزيادة أي ما يعادل 26 في المائة، التي بلغت 2.5 مليار ريال زيادة في رأسماله إذ سيمنح ''البريطاني'' سهم مجاني مقابل كل ثلاثة أسهم يملكها المساهم.

أما المرتبة الثانية فمن نصيب مصرف السعودي الفرنسي الذي سيزيد رأسماله بـ 1.8 مليار ريال على طريق منح سهم مجاني مقابل كل أربعة أسهم يملكها المساهم وتأتي شركة المراعي من قطاع الزراعة والصناعات الغذائية في المرتبة الثالثة بزيادة تقدر بـ 1.7 مليار ريال عن طريق منح سهم مجاني مقابل كل (1.35) سهم يملكه المساهم، ومن قطاع البتروكيميات تأتي شركة التصنيع الوطنية رابعاً بزيادة 1.1 مليار ريال والتي ستمنح سهما مجانيا مقابل كل خمسة أسهم يملكها المساهم. ومن حيث نسبة الزيادة تأتي شركة المواساة للخدمات الطبية من قطاع التجزئة في مقدمة الشركات التي ستزيد رأسمالها بنسبة 100 في المائة، تليها شركة المراعي التي ترغب في زيادة رأسمالها بنسبة 74 في المائة وفي المرتبة الثالثة تأتي شركتا أسمنت اليمامة والخزف السعودي اللتان سيزيد رأسمالهما بنسبة 50 في المائة، وبنسبة 33 في المائة زيادة في رأس المال تأتي شركة البحر الأحمر والشركة المتحدة الدولية للمواصلات (بدجت).

إن ما يجب أن يعرفه المتداولون أن الأسهم المجانية ليس منحة أو هبة من الشركة المساهمة، بل هي حق من حقوق ملاك الأسهم باعتبارها أرباحا محتجزة افترضها نظام الشركات المساهمة احتياطيا نظاميا لتدعيم المركز المالي للشركة المساهمة.

ومن يستحق هذه الزيادة هم ملاك الأسهم المقيدون في سجلات الشركة بنهاية تداول يوم انعقاد الجمعية العامة غير العادية، لكن من يستفيد من هذه الزيادة (المنحة) هو المساهم الذي يحسن اختيار السهم المراد الاستثمار فيه باختياره الشركة ذات الكفاءة الإدارية والملاءة المالية، والتي تظهرها القيمة الدفترية للشركة المساهمة، إضافة إلى الأخذ بالمؤشرات المالية الأخرى التي تنشرها ''تداول'' في موقعها المجاني، وهي مؤشرات مالية مستخلصة من قراءة القوائم المالية كالميزانية وقائمة الدخل والقوائم والتقارير المالية الأخرى.

كما أن المتداول الذكي يحسن ـ إضافة إلى ما سبق ـ تقدير التوقيت المناسب لشراء السهم أو بيعه، لذا يتوقف كثيرا في قراره عند الدخول في شركة توزع أسهما مجانية بنسبة 20 في المائة، ويرى أن القيمة السوقية للسهم قد ارتفعت بأكثر من ذلك حتي دخل السهم مرحلة جني الأرباح.

ومما يجب أن يعرف أن دخول 9.5 مليار ريال كرأسمال في سوق الأوراق المالية يعكس قوة ومكانة وملاءة الاقتصاد السعودي الذي تتوالى إعلانات الشركات المدرجة في سوقه المالية بالتوسع في أنشطتها الاستثمارية باستخدام احتياطاتها المكونة من أرباحها المحتجزة نظاما لزيادة رأس مالها، في الوقت الذي يرى المتداولون ويسمع المستثمرون بإفلاس شركات عالمية وتراجع وتباطؤ نمو اقتصادات دولية جراء الأزمة المالية العالمية.

يذكر أن الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية قد أكدت كفاءتها وكفاءة الاقتصاد السعودي بتقديمها أرباحا تزيد على 95 مليار ريال بنهاية عام 2011، وبزيادة فاقت 20 في المائة مقارنة بأرباح الشركات المتداولة في عام 2010.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي