خريطة أوروبية للطاقة 2050 والتحول نحو المصادر المتجددة (2 من 2)
في جانب النقاشات المتعلقة بتغير المناخ، لاحظت خريطة طريق الاتحاد الأوروبي للطاقة إلى عام 2050 أن جميع السيناريوهات المطروحة ضمن الخريطة تتوقف على التوصل إلى إبرام اتفاق عالمي ملزم بشأن قضية تغير المناخ. إذا فشل العمل المنسق بتغير المناخ بين جميع الأطراف الرئيسة في العالم إلى التوصل إلى اتفاق ملزم في غضون السنوات القليلة المقبلة، فإن السؤال المطروح في خريطة الطريق هو إلى أي مدى ينبغي أن يستمر الاتحاد الأوروبي في نظام للطاقة موجها نحو إزالة الكربون.
كما لاحظت خريطة الطريق أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي تحقيق أهدافه للطاقة البديلة والمتجددة لعام 2020 في الطريق إلى السيناريوهات الخاصة بخطة عام 2050. تستند الخطة لعام 2020 إلى تنفيذ حزمة من الإجراءات لتغير المناخ وتحديد أهداف للطاقات المتجددة. هذه الأهداف تشمل ما يلي: الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 20 في المائة عن مستويات عام 1990 بحلول عام 2020؛ تحقيق 20 في المائة من حصة الطاقة المتجددة في إجمالي استهلاك الطاقة في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2020، والتوصل إلى 10 في المائة كحد أدنى من حصة الوقود الحيوي من مجمل استهلاك البنزين والديزل في مجال النقل في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2020. أما على مستوى الدول فقد نصت حزمة الإجراءات على تحسين كفاءة استخدام الطاقة بنسبة 20 في المائة. هذا وسيتم تنفيذ هذه الأهداف من خلال إجراءات مقترحة على مستوى القارة ككل أو من خلال التشريعات المحلية لكل دولة. المقترحات المقدمات لهذه الخطة حددت السياسات الرئيسية والأطر العامة التي وضعت للوصول إلى الأهداف 20-20-20. الأقسام الأربعة للسياسة الأوروبية التي تؤثر في قطاعات استهلاك النفط المختلفة هي: البرنامج المعدل لتجارة الانبعاثات، معايير انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون CO2 بالنسبة للسيارات، تعليمات الطاقة المتجددة لوقود النقل، والتعليمات المعدلة لجودة الوقود.
بخصوص التكنولوجيات الرئيسة والأنشطة التي مطلوب تمويلها ضمن خريطة الطريق، وضعت المفوضية الأوروبية بالتعاون مع الصناعة والمراكز البحثية المتخصصة ''خريطة طريق''، التي حددت بموجبها التكنولوجيات الرئيسة المنخفضة الكربون ذات الفرص الكبيرة على مستوى الاتحاد الأوروبي في ستة مجالات: طاقة الرياح، الطاقة الشمسية، شبكات الكهرباء، الطاقة الحيوية، احتجاز الكربون وتخزينه، والانشطار النووي المستدام. التكاليف الإضافية ستغطي البحوث الأساسية والتطبيقية وعرض المنتج التجريبي في الأسواق، باستثناء أنشطة التوزيع على النطاق التجاري. في هذا الخصوص دعت المفوضية الأوروبية لتنسيق العمل وتكامله مع الجهات الفاعلة ذات الصلة، ودعت أيضا لتحمل المزيد من المخاطرة في الاستثمار في هذا المجال. كما طالبت المستهلك بمزيد من الدعم خصوصا عندما تكون مخاطر السوق وعدم اليقين بخصوص التكنولوجية عالية. حيث إن هذا يمكن أن يكون بمثابة حافز للصناعات والجهات المشاركة، يدعمه أيضا استثمار أقوى من قبل المصارف والمستثمرين من القطاع الخاص في الشركات والجهات البحثية العاملة في هذا المجال، كل هذا من شأنه أن يدفع عملية الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون.
من وجهة نظر مفوضية الاتحاد الأوروبي العقبات التي تحول دون تطوير تكنولوجيات منخفضة الكربون تكمن في حقيقة أن وفرة الموارد الطبيعية من الطاقة، مثل النفط والغاز والفحم وبأسعار مناسبة، قد أحجمت الدول الأعضاء في الاتحاد والصناعة من الاستثمار في أبحاث تكنولوجيات الطاقة منخفضة الكربون. حيث إن ميزانيات مراكز بحوث الطاقة العامة والخاصة قد تناقصت منذ ثمانينيات القرن الماضي. عليه تدعو المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء والمؤسسات البحثية إلى العمل منذ الآن وبشكل عاجل لزيادة مستوى الاستثمار في الأبحاث لتطوير تقنيات منخفضة الكربون. حيث إن استمرار الأسواق وشركات الطاقة بالتصرف من تلقاء أنفسها من غير المرجح أن يكون قادرا على إحداث الطفرات والاختراقات التكنولوجية اللازمة لتطوير تقنيات منخفضة الكربون في غضون فترة زمنية قصيرة. ذلك أن حجب الاستثمارات، والمصالح الخاصة، فضلا عن المخاطر العالية والحاجة إلى استثمارات كبيرة في بدائل أقل ربحا، يعني أن التقدم سوف لن يكون سريعا بدون المزيد من الدعم والدفع في هذا المجال. سياسات واستثمارات القطاع العام مع القطاع الخاص هي السبيل الوحيد الموثوق لتلبية وتحقيق الأهداف المرجوة في هذا الجانب من أجل الصالح العام، حسب وجهة نظر مفوضية الاتحاد الأوروبي.
إن الكثير من المتتبعين والمختصين يرون أن حزمة الإجراءات الأوروبية لتغير المناخ وتحديد أهداف الطاقات المتجددة في خريطة طريق الطاقة 2050 قد تكون طموحة في الوقت الحاضر وسيتم تنفيذها بصورة جزئية فقط في الصناعة النفطية ذلك لسببين رئيسيين: كون عدة قطاعات مستهلكة للنفط سوف لم تتأثر تماما، كما أن محددات ومعوقات تقنية ستمنع التنفيذ الكامل لحزمة الإجراءات في القطاعات الأخرى. على سبيل المثال ليس من المتوقع حاليا تحقيق الأهداف الثلاثة 20-20-20 ضمن خطة الاتحاد الأوروبي للطاقة البديلة والمتجددة لعام 2020 بالكامل.
لكن مع ذلك هذه الإجراءات ستؤثر سلبا في الطلب العالمي على الطاقة وخصوصا الطلب على النفط، إضافة إلى ذلك عدم اليقين في هذه البرامج والخطط يمثل تحديا كبيرا للدول المنتجة للطاقة للمضي قدما في استثماراتها في موارد جديدة، خصوصا في ظل تذبذب كبير في أسعار الطاقة، استمرار ارتفاع تكلفة التطوير والإنتاج، وارتفاع الطاقات الإنتاجية الاحتياطية إلى مستويات قياسية. في الوقت نفسه إذا لم تحقق هذه البرامج والخطط أهدافها كما هو مخطط لها، فإن دول الاتحاد الأوروبي قد تواجه هي نفسها تحديا كبيرا في توفير احتياجاتها من إمدادات الطاقة في المستقبل.