رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


.. وماذا عن تأخر التدخل العلاجي لمريض لا يملك تكلفته؟

إن توجهات وانطباعات أفراد المجتمع حيال الوضع الصحي أصبحت متضاربة مما جعلها ظاهرة صحية. هي كذلك لأنها أداة تقود إلى صناعة الحلول بعد حيرة طويلة. التضارب ينشأ من كيف ينظر كل منا إلى المشكلة. ففئة تنظر إلى أسعار الخدمات الصحية المقدمة في القطاع الخاص بأنها أكبر مشكلة. وفئة تقول إن توافر الخدمة الصحية المعينة من عدمها في المرفق الصحي المقصود يعد مشكلة. كما أن نوعية الخدمة الصحية المقدمة والفرق بين هذا المقدم وآخر يتسبب في مشكلة. إحدى الفئات ترى أن الخجل هو ما أخر العلاج في حالات كثيرة فباتت هناك مشكلة. من ناحية أخرى إذا كان مقدم الخدمة مهتما بتطوير ما يقدمه من خدمات ويسعى لتوفير أحدث الخدمات وتوفير أحدث الأجهزة والأدوات لتحسين مستوى الخدمة فعليا فهو يشكل للآخرين مشكلة ولبعض المرضى مشكلة من حيث قيمة الخدمة ومدى إتاحتها. هنا يمكن القول إن المريض يمكن أن يخرج من مأزق صحي ليقع في مأزق مالي وهي مقايضة ما زالت مؤلمة تبحث عن حل.
لو ركزنا على مشكلة واحدة من هذه وهي تأخر المريض عن البحث عن علاج لحالته لضيق ذات اليد أو تقديم أولويات اعتبرها في حياته أهم من صحته. فهل يمكن قبول تكرار هذا الوضع من دون أن يؤثر في الصحة العامة. وهل ستصبح التكاليف ظاهرة تحتاج منا لدراسة مستفيضة بين (1) التأمين، و(2) الميزانية، و(3) والمكرمات أو الهبات؟ حاليا لا يتوافر لدينا حجم لمثل هذه الحالة، ولكن هل من الممكن قياس ذلك عن طريق دراسة متخصصة تقوم بها الجامعات ومراكز الأبحاث وأي جهة من الجهات ذات العلاقة. هل هي مسؤولية الفرد أم موظف أم مسؤول؟ أم أنها مشيئة الله في الأرض أن يكون هناك صحيح البدن ومعتل وسقيم؟
لقد قامت عدة جهات ببحث هذه المواضيع باستفاضة في دول غربية وأكدتها دول شرقية متقدمة كان الهدف منها الإجابة عن مثل هذه الأسئلة والخروج بفهم أكبر للوضع الصحي العام، الذي ينتج عنه إعداد جيد لمقدم الخدمة بأن يكون في مستوى التطلعات، ووضع البيانات والمعلومات كافة بين يدي المخطط وصاحب الصلاحية ليصدر القرارات المناسبة في كل مرحلة من مراحل التنفيذ. فيما يتعلق بموضوعنا فلقد كانت الخلاصة أن عدم التدخل والتجاوب مع كل حالة تأخر صحيا بسبب غلاء المعيشة أو تفضيل إيجاد المسكن أو التحصيل العلمي أو ما أشبه، فهو مدعاة للتسبب في وفاة أو جَعْلها مسألة قانونية إذا ما تعقدت يحاسب عليها عدة أطراف أو قد تنتهي إلى إعاقة وهنا يتعقد كثير من المسائل.
إذا ما راجعنا آلية تقديم الخدمات الصحية فلدينا - ولله الحمد - لا يتعرض الفرد لكثير من هذه الصعوبات في المدن الكبيرة. فإذا ما لجأ لمرفق صحي حكومي ولم تقدم له الخدمة لعدم توافرها أو عدم وجود أسرة شاغرة تقوم وزارة الصحة بتحويل الحالة بين مرافقها. وفي حالة تعذر ذلك يتم إحالة المريض بين المرافق الصحية المختلفة وبين المستشفيات المرجعية ذات القدرات الأفضل علاجيا وأوفر أسرّة. وفي حالة تعذر ذلك يتم شراء الخدمة من مقدمها في القطاع الخاص بعد تحويل الحالة إليه أو قبول استمرار العلاج لديه مع تغطية جميع التكاليف إذا كان قد أدخل هناك. في نموذج آخر لتغطية التكاليف يمكن التنسيق لفتح الملف في المستشفيات العسكرية لفترة، مع أنها تقوم بتقديم الخدمات الصحية لمنسوبيها وذويهم بأسلوب متميز، وهي بذلك تخفف على النظام تحمل شريحة كبيرة من أفراد المجتمع أي معاناة صحية. من ناحية أخرى، تقوم الشركات بتغطية علاج منسوبيها وذويهم مستفيدين من التأمين الصحي التعاوني والتجاري. ولكن هل ما زلنا لا نعرف ما إذا كانت هناك مشكلة من النوع المناقش أعلاه، وما حجمها؟ ولكن ماذا عن المدن الأصغر فالأصغر؟
لتكوين فكرة شاملة ومن ثم العمل على تنفيذ المطلوب أعتقد أن الحل في إجراء الدراسات المتتالية، خصوصا أن الدعم الآن غير محدود ولله الحمد. هي فقط مسألة إزاحة معيقي الدراسات والأبحاث من الطريق (وهم للأسف ما زالوا يمارسون هواياتهم الإدارية). أما كخطة عاجلة طارئة Contingency Plan نحن نحتاج بداية إلى أن نعتبر الصحة في أهميتها بمستوى أهمية التعليم والأمن، فبصحة الأبدان نتمكن من بناء الأوطان. ثانيا: لا بد أن نوجه برامج الصحة العامة والرعاية الصحية الأولية للعاطلين والفقراء وصغار السن والشيوخ الكبار من النساء والرجال خارج التغطية. والثالثة: أن يكون التنسيق بين المرافق الصحية في الأجهزة المختلفة أكثر تفصيلا لحل مشكلة قفل الملفات وأسباب تحديد فتح الملفات بحالة المريض التي دخل بها فقط. هذا إضافة إلى الأمور التقنية التي ما زالت معلقة فيما يتعلق بتبادل بيانات حالة المريض. أما رابعا: فهي تدريب أكبر عدد ممكن من الممارسين الصحيين. وأخيرا معالجة مشكلة شغور الأسرة من قبل مديري الشؤون الصحية ويكون حساب مدة إشغال السرير وما تعلق بذلك من حسابات هاجسهم الأكبر، لأن كل واحد منهم هو المسؤول الأول في منطقته عن صحة مجتمعها. والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي