لو حدث صراع الحداثة في زمننا الحالي .. لأغلق «أدبي جدة» وتم استبداله بمجلس جديد
''سموا أنفسكم مستقلين، كونوا دعاة سلام ومحبة، قولوا بحرية التفكير والتعبير لمخالفيكم قبل أنفسكم.. قل رأيك (ولا تبالي) شرط أن تقول هو رأيي أعرضه ولا أفرضه''.. هكذا يقول البروفيسور عبد الله الغذامي معبرا عن فلسفته الخاصة في عبارته الرئيسية على حساب ''تويتر'' الذي يدير من خلاله عددا من النقاشات المتجددة حول مسائل فكرية وثقافية مختلفة، وفي الجزء الثاني من حواره لـ ''الاقتصادية'' يتحدث الغذامي عن تغريداته متمنياً أن تكون خطاباً ثقافياً جديداً له ومعتبرا في ذلك مواكبة للمرحلة الراهنة، كما يوجه نقده الصريح إلى تدخل وزارة الثقافة والإعلام في قضايا المشهد الثقافي بشكل لم يكن موجوداً في مرحلة سابقة من عمله في هذا المجال.
هنا يعود الغذامي مجددا لمناقشة مسألة الانتخابات في الأندية الأدبية مشددا على ضرورة أن يمسك المثقفون بزمام المبادرة، وينتقد التخوف من إقامة بعض الفعاليات بذريعة إثارتها للإشكالات، مطالبا بإتاحة متسع التحاور والاختلاف للجميع وبينهم.
#2#
#3#
موقفك من الانتخابات الأدبية يصب في سياق الوصول إلى ممارسة مدنية الثقافة، في حين أن هذه الممارسة غائبة في كثير من مظاهرنا الثقافية الأخرى.. ما تعليقكم؟
علينا أن نبحث عنها، طالما وجدنا واحدة فلنبحث عن غيرها، المهم ألا نفرط بما أمسكنا به، لقد حصلنا الآن على الجمعية العمومية واللائحة والانتخابات، وإن فرطنا بأي منها فلن ندرك شيئا أبدا، علينا أن نتمسك بها كما يتمسك أهل السفينة بشراعها في مواجهة الريح، إن تركناه يطير غرقت السفينة، وإن أمسكنا به مع كل الاهتزازات والموج فسنصل إلى حال الاستقرار.. هي معركة مع النفس، مع الذات، مع قدرتنا على التعامل مع أخطائنا وعيوبنا إذا رأيناها، ألا ننهار أمامها ونستسلم، علينا أن نسأل أنفسنا ما العمل؟ هل نعود إلى التعيينات.. الكارثة؟ حتما ليس هذا ما يجب فعله وإنما أن نمضي إلى الأمام ومعنا هذه العيوب والأخطاء ونصحح ما استطعنا من تصحيحه بعيدا عن التباكي الرومانسي عند البعض، والبحث المستمر عن تدخل الوزارة، لقد ظلوا كما لو كانوا أطفالا يبحثون عن الأب الذي يحتضنهم.
لقد تعبت وأنا أنادي وأقول لهم ''أنتم رجال ولم تعودوا أطفالا، احتضنوا أنفسكم، ناضلوا من أجل الثقافة، ناضلوا من أجل الضمير الثقافي، لا تستسلموا.. اقبلوا هذه الأخطاء والعيوب، نعم هي كذلك، لكن هل نجعلها تقضي على التجربة؟ يجب أن ندافع عن التجربة ونحميها''.
#4#
الرهان على الثقافة والمثقفين أمر جيد ولكن يتعين عليه إدراك وجود أزمات على مستوى فردي واجتماعي وذهنيات رفض نمطي لكثير من المشروعات؟
من حق الناس أن ترفض ولست وصيا على أحد كي أملي عليه، قل كذا وافعل كذا، أو هذا خطأ وهذا صواب، ولكني أقول أظهروا ما عندكم وقولوا، من حقكم أن تقولوا ومن حقنا أن نختلف ونتحاور ونتجادل بل نتخاصم أيضا، هذه شروط إنسانيتنا، لسنا ملائكة ولسنا شياطين، بل فينا شيء من الملائكية وفينا شيء من الشيطنة، لنتعامل مع الواقع دون الارتهان لفرضيات أن هذا يثير مشكلة وهذا يفتح بابا وهذا يربك وهذا ظلامي وهذا إقصائي، يا أخي حتى أنا وأنت أيضا ظلاميان وإقصائيان في بعض المعاني، فلنواجه الحقيقة الاجتماعية والثقافية بشجاعة، لا أقول بصدق، وإنما بشجاعة، لأن الصدق مشترك بين الأطراف وليس حكرا على طرف دون آخر، لكن الشجاعة أحيانا هي التي تنقصنا لأننا نميل إلى ترك الفكرة إذا رأينا أنها تثير إشكالات وملابسات ونقاشات على اعتبار أنه لا داعي لها، بل لها ألف داع.. الواقع الإنساني كما هو واقع إنساني محض ولا يجب الإصرار على أنه إما شيطاني أو ملائكي بالضرورة.
لماذا تتعرض الوزارة للوم بشكل مستمر.. رغم أن المتابع لا يرى أنها تمثل رهاناً بالنسبة للمثقفين ولعل الدكتور الغذامي في طليعة هؤلاء؟
نلومها ألف لوم لأنها تتدخل، نحن نلوم تدخلها، لو تركت الثقافة وشأنها فالثقافة تعرف كيف تحل مشاكلها وتعرف كيف تتحاور، في الماضي أيام الرئاسة العامة لرعاية الشباب، كنا في النادي الأدبي في جدة والصراع على أشده بين التيارين المحافظ والحداثي ورغم هذا لم يتدخل الأمير فيصل بن فهد ولا مرة واحدة، لقد ترك هذه الفئات تشتغل، وكان هذا سببا أثمرت من بعده الحداثة، لو أعدنا اليوم صراع الحداثة والصحوة نفسه فأنا متأكد أن وزارة الثقافة والإعلام ستغلق النادي في جدة وتلغي مجلس الإدارة وتضع بديلا له، وهو ما تفعله الآن.
لقد عملت في جدة 11 سنة نائبا للرئيس ولم يحدث خلالها أن هاتفنا الأمير فيصل، ولهذا أشعر بامتنان كبير له، عليه رحمة الله.. فقد ترك لنا أن نواجه الأمور بحيثياتها دون أن يتدخل حتى عندما وصلت بعض المسائل إلى مراحل ونقاط حساسة وحادة وخطيرة جدا. هذا هو النهج الذي نريد من وزارة الثقافة والإعلام أن تنتهجه، اتركوا الناس تعمل وأحيلوهم إلى الجمعية العمومية، والجمعية العمومية لديها لائحة تتصرف بناء عليها.
في مرحلة ما بعد النخب.. هل يمكن أن تؤدي المستجدات الثقافية والمعرفية الراهنة في تصعيد نخب جديدة بمعايير مختلفة أو دون معايير حتى؟
النخبة ذهبت وانتهى الأمر، ولا يمكن خلق نخبة جديدة، وإلا فإننا خرجنا من طاغية إلى طاغية أو من ظلمات إلى ظلمات، نحن نعيش مرحلة صعود الشعبي وبروز أصوات الناس وليس النخب، وهو ما كان دافعا لي حين دخلت إلى ''تويتر''، حيث لم أدخل لأكون قائد أوركسترا أو شيخ قبيلة، بل لأكون واحدا مع هؤلاء الذين يتعاملون معي، مثلي مثلهم، أسمع منهم أكثر مما أقول، أقبل نقدهم وحدتهم وغضبهم، مع ملاحظة أن الجانب الشتائمي لا يكاد يذكر فهو أقل من 1 في المائة، والرقي في التعامل هو الذي لمسته فعلا، والأدب لا يكون من طرف واحد بل من طرفين، لا يليق أن أطلب منهم التأدب معي دون أن أتأدب معهم.
وهل يمكن أن يكون ''تويتر'' خطابا ثقافيا جديدا أو جزءا من مشروع قادم للدكتور عبدالله الغذامي؟
أرجو ذلك، أكون نجحت كثيرا إذا أصبح ''تويتر'' خطابا ثقافيا لي فهذا معناه أنني استطعت التحول مع الزمن وفهمت ثقافته ولغته، الخطورة ألا أكون كذلك.. أعجز عن أن أكون ''تويتريا'' بالمعنى الحقيقي لذلك.