رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


التفاؤل بالخير

مرة أخرى تثبت الأرقام متانة الاقتصاد السعودي وقدرته على تجاوز الأزمات المالية من خلال السياسة المالية والنقدية التي اتبعتها المملكة، التي ساهمت في المحافظة على المكتسبات الاقتصادية وتنمية الموارد، التي تمثل خط الدفاع الرئيس لها في مواجهة الأزمات. ولأول مرة تتجاوز إيرادات الميزانية حاجز التريليون ريال، ولأول مرة أيضاً يتجاوز الإنفاق الفعلي على بنود الميزانية حاجز الـ 800 مليار ريال. الإيرادات الفعلية تجاوزت ضعف ما قدر لها خلال هذا العام، في حين تجاوز الإنفاق الفعلي ما قدر في بداية العام بما نسبته 40 في المائة. السياسة التي اتبتعها المملكة باستثمار ما يفوق 100 مليار دولار في تعزيز قدرات الإنتاج النفطي، تؤتي أكلها الآن سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي المحلي. هذه السياسة مكنت المملكة من الاستجابة بشكل سريع ودون تأثر أساسيات الاقتصاد فيها للمتطلبات على صعيد الالتزامات الدولية بأن تكون المملكة مفتاح الاستقرار في أسواق الطاقة، وفي الوقت نفسه الاستجابة لمتطلبات واحتياجات المواطن.
ومرة أخرى، تستمر الميزانية في النهج الذي يركز على الاستثمار في العنصر البشري، الذي يمثل محور التنمية في المملكة، بتخصيص ما نسبته 24 في المائة من مخصصات موازنة العام المقبل، التي تقدر نفقاتها بما يقارب 690 مليار ريال، للإنفاق على قطاع التعليم والتدريب، وبمبلغ يفوق 168 مليار ريال. ولنعد بالذاكرة إلى الوراء قليلاً، ونتذكر أن هذا المبلغ وحده يفوق بقليل إنفاق المملكة الإجمالي في عام 1419. أحد العناصر المهمة التي يتضمنها هذا البند، هو الاستمرار في تعزيز البنية التحتية لقطاع التعليم بإنشاء المزيد من المدارس (742 مدرسة) إضافة إلى الجاري تنفيذه حالياً (2900 مدرسة). أيضاً من الملامح الرئيسة لذلك استمرار الإنفاق على برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، الذي بلغ عدد المستفيدين منه حالياً أكثر من 120 ألف طالب وطالبة وما يقارب 137 ألف مرافق، بإنفاق يقدر خلال هذا العام بـ 20 مليار ريال.
مرة أخرى أيضاً تستمر المملكة في نهجها الذي يركز على تعزيز البنى التحتية لقطاع الصحة، الذي عانى خلال السنوات الماضية تراجعا كبيرا في إمكانيته، ما يؤكد حرص القيادة على معالجة الخلل في هذا القطاع. موازنة هذا العام خصصت ما يقارب 86 مليار ريال، أو ما نسبته 13 في المائة من إجمالي الإنفاق المقدر للعام القادم للإنفاق على قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية. هذا القطاع بالذات يعيش الآن ثورة إنفاق كبيرة بكل المقاييس التاريخية، والكرة الآن في مرمى المسؤولين عنه لترجمة ما خصص في موازنة هذا العام إلى خدمات صحية على مستوى عال. وفي مجال محاربة الفقر والتنمية الاجتماعية، بلغ ما أنفق على هذا القطاع في العام الماضي فقط ما يزيد على 25 مليار ريال، وستستمر وتيرة هذا الإنفاق في الزيادة خلال العام المقبل بهدف الوصول إلى أهداف التنمية الاجتماعية. قطاع النقل والاتصالات خصص له هو الآخر ما يتجاوز 35 مليار ريال، وبما نسبته 5 في المائة من اعتمادات الإنفاق على أبواب الميزانية لهذا العام، وبزيادة نسبتها 40 في المائة على المخصص للعام الماضي. قطاعات أخرى ستشهد هي الأخرى إنفاقاً لتعزيز قدراتها، وزيادة البنى التحتية المخصصة لها، بما في ذلك تعزيز التنمية الصناعية، والخدمات المالية، ودعم صناديق التنمية الحكومية.
وفي ظل معاناة الكثير من اقتصادات العالم ومخاوفها من تراجع النمو الاقتصادي لها خلال هذا العام، فإن المملكة تعيش واقعاً اقتصادياً يدعو إلى حمد الله وشكره على هذه النعمة، حيث يقدر أن يبلغ النمو الاقتصادي للمملكة خلال هذا العام ما نسبته 6.8 في المائة، وهو معدل أعلى من توقعات صندوق النقد الدولي التي حددته بـ 6.5 في المائة. والذي يدعو للتفاؤل هنا هو أن نمو القطاع البترولي سيبلغ 7.8 في المائة، وهو أعلى بكثير من معدل نمو القطاع البترولي المقدر بمعدل 4.3 في المائة. كل هذه الأرقام تدعو إلى التفاؤل بالمستقبل الاقتصادي للمملكة، ويتبقى أن يتم ترجمة ذلك إلى رفع مستوى معيشة المواطن، سواء بشكل مباشر من خلال زيادة متوسط دخله، أو من خلال رفع مستوى الخدمات المقدمة له. وتحقق ذلك مرهون بأداء القطاعات والوزارات جميعها، كل في مجال اختصاصه، وقدرتها على تحويل هذه الأرقام المبهرة على المستوى الكلي للاقتصاد إلى إنجازات على مستوى المواطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي