العوامل المؤثرة في التقييم الائتماني لصكوك الإجارة

العوامل المؤثرة في التقييم الائتماني لصكوك الإجارة

إن صكوك الإجارة هي التزامات مالية، يصدرها المؤجر، وتكون مدعومة بالدرجة الأولى بسلسلة من دفعات الإيجار يدفعها المستأجر عن طريق الاقتراض. وحيث إن الإسلام يحرّم التعامل بالربا، فإن مبدأ التعاملات بصكوك الإجارة يقوم على تحميل سلسلة الدفعات من إيجار معين إلى حامل صكوك الإجارة، بدلاً من هيكلة الدفعات على شكل قرض بفوائد يتم ضمانها برهن الموجودات.
ويعتبر صك الإجارة واحداً من كثير من الصكوك التي تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية بخصوص تزويد واستخدام المنتجات والخدمات المالية. جدير بالذكر أن التحقق من التزام أي نوع من الصكوك بالأحكام الشرعية يجب أن يكون صادراً عن هيئة إسلامية معترف بها.
يبحث هذا المقال في تقييم صكوك الإجارة من الناحية الائتمانية، وأشكال التعامل المعتادة فيها، والعوامل التي تؤثر في التقييم الائتماني. وتشتمل العوامل المذكورة على وضع ومسؤوليات جهة الإصدار الخاصة التي توجد عادة في صكوك الإجارة، وسلامة تسلسل دفعات الإيجار التي ستخدم صكوك الإجارة ذات التقييم الائتماني، ومدى التزام الجهة الملتزمة بالسداد، حين تكون هذه الجهة إحدى الحكومات، بالتعاملات التي من هذا القبيل واعتبارها مصدراً مهماً ومتصلاً من مصادر التمويل.

خلفية تقييمات صكوك الإجارة
أعطت "ستاندارد آند بورز" تصنيفات ائتمانية لصكوك الإجارة القائمة على أنواع مختلفة من عقود الإيجار الائتمانية، بما فيها الحكومات ذات السيادة والحكومات الإقليمية والشركات ومؤسسات الإقراض المتعددة الأغراض. وفي معظم الحالات أعطت "ستاندارد آند بورز" صكوك الإجارة التقييمات نفسها التي أعطيت للجهة المستأجرة التي تتولى تقديم الدفعات المتسلسلة. وهذا النهج الذي تتبعه وكالة التقييم الائتماني يعكس الطبيعة غير المشروطة وغير القابلة للنقض التي يتمتع بها الإيجار وأية ضمانات للإيجار يقدمها الغير، واتفاقيات البيع والشراء، وعوامل التحوّط المالية الموجودة في العملية نفسها. وتعطى أحياناً تقييمات أدنى من التي أعطيت للجهة المستأجرة حين تقل احتمالات استعادة مبلغ القرض، أو حين تكون هناك مخاطر لا يستهان بها مرتبطة بدفعات الإيجار، أو لوجود عوامل أخرى تؤيد إعطاء هذا التقييم المختلف. وليس من المرجح إعطاء تصنيفات أعلى ما لم تكن هناك ميزات إضافية من تقليل المخاطر في حالة سندات الدولة، رغم أن صكوك الإجارة بالنسبة للشركات يمكن أن تشبه عدداً من سمات القروض المؤمنة مما يمكن أن يرفع بالتالي من تصنيفها الائتماني.

مقارنة تقييمات صكوك الإجارة بتقييمات الجهة المستأجرة
ينبغي أن تعطى صكوك الإجارة التقييم نفسه الذي يعطى للجهة المستأجرة إذا كانت حركة النقد في العملية قادرة على تحمل عدد من الضغوط المعقولة التي يمكن أن تتعرض لها (ما عدا الحالة التي تتسم بعجز الجهة المستأجرة عن الدفع)، إذا كانت الجهة المستأجرة تعتبر تمويل الإيجار على أنه مكافئ من حيث الأولوية للتمويل التقليدي القائم على الاقتراض،وإذا كانت احتمالات استعادة مبلغ القرض مشابهة لاحتمالات التعاملات القائمة على الديون.
وإذا كان هناك خطر فعلي من قيام الحكومة باقتطاع مبالغ معينة، كما هي الحال في عقود الإيجار الحكومية في عدد من مناطق الاختصاص، أو إذا كانت هناك مخاطر مالية أو تشغيلية أخرى، فإن تصنيف صكوك الإجارة يمكن أن يقل عن تصنيف الجهة المستأجرة. ولا تستبعد "ستاندارد آند بورز" احتمال تقييم صكوك الإجارة بصورة أعلى من تقييم الجهة المستأجرة. ويمكن أن يحدث هذا على الأرجح حين تكون الجهة المستأجرة شركة تتمتع بجدارة ائتمانية قابلة للتقييم، وحين تكون المواصفات الائتمانية لصكوك الإجارة شبيهة بالديون المؤمنة للأغراض الائتمانية، الأمر الذي يمكن أن يدفع بالتقييم ليصبح أعلى من التقييم المعطى للجهة المستأجرة، وذلك اعتماداً على مدى قوة الصكوك.

هيكلية الصكوك الإسلامية التي تتلقى معظم التقييمات
تعطي "ستاندارد آند بورز" تقييمات لنوعين واسعين من أنواع التمويل الإسلامي:
* صكوك الإجارة التي تكون فيها العملية بكاملها ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية، بما في ذلك هيكل الملكية وكذلك الصكوك.
* هيكل "الملكية" الملتزم بأحكام الشريعة، وفي هذه الحالة فإن السندات تكون صادرة عن جهة إصدار خاصة مستقلة وتستخدم العوائد للاستحواذ على موجودات من المؤجر أو البائع، واقتران ذلك ببند حول الشراء أو البيع. وفي هذا النوع من التعامل فإن السندات نفسها ربما لا تكون صادرة حسب أحكام الشريعة الإسلامية.
جدير بالذكر أن معظم صكوك الإجارة التي تلقت تقييمات من "ستاندارد آند بورز" هي على النحو التالي:
1) يبيع البائع موجودات معينة (مثل بناية للمكاتب، أو قطعة أرض أو مطار) إلى جهة خاصة لهذا الغرض، ويمكن لهذه الجهة أن تكون تابعة أو غير تابعة للبائع، مقابل سعر محدد (سعر الشراء).
2) تسعى الجهة الخاصة للحصول على تمويل لشراء الموجودات من خلال إصدار صكوك إجارة إلى المستثمرين بمبلغ يساوي سعر الشراء. وتمثل صكوك الإجارة في هذه الحالة حقوق ملكية في موجودات الجهة الخاصة، التي يمكن أن تكون مباشرة أو غير مباشرة، وذلك حسب نوع الجهة الخاصة.
3) بعد ذلك تقوم الجهة الخاصة بتأجير الموجودات إلى جهة مستأجرة، يمكن أن تكون تابعة للبائع، أو مباشرة للبائع نفسه، مقابل دفعات إيجار دورية، وينبغي أن تكون الدفعات المذكورة على قدر التزامات الجهة الخاصة بموجب صكوك الإجارة.
4) حين يحين موعد استحقاق الصكوك، أو في حالة الحل، تبيع الجهة الخاصة الموجودات إلى البائع بموجب سعر محدد سلفاً. وينبغي أن تكون قيمة السعر مساوية لأية مبالغ لا تزال مطلوبة بموجب شروط صك الإجارة.
ومن الممكن التعامل من خلال ترتيبات أخرى. على سبيل المثال يمكن أن تعمل الجهة الخاصة على أن تؤجر من الباطن إلى الجهة المستأجرة الموجودات التي استأجرتها الجهة الخاصة في البداية من الجهة المستأجرة نفسها. وفي الأحوال العادية يقع تاريخ استحقاق الإيجار الأصلي بعد تاريخ استحقاق الإيجار من الباطن. والترتيبات التي على هذه الشاكلة لا تتضمن بيع الموجودات، ويمكن أن تكون هي الترتيبات المفضلة حين يكون من الصعب بيع الموجودات، إما لأسباب قانونية وإما سياسية (على سبيل المثال، لا ترغب الدولة ذات السيادة في بيع مطار الدولة الرئيسي).
وإضافة إلى ما تقدم، واعتماداً على مدى الالتزام بأحكام الشريعة، يمكن أن يكون للجهة المستأجرة الحق في شراء الموجودات قبل تاريخ الاستحقاق مقابل مبالغ معينة بموجب صكوك الإجارة إلى جانب نفقات أخرى، ويمكن أن يكون للجهة الخاصة الحق في إعادة الموجودات إلى الجهة المستأجرة. كما يمكن مساندة الإيجار بضمانات بديلة. وتلعب العملات وأنواع أخرى من التحوط دوراً في حركيات العملية.

معايير "ستاندارد آند بورز" في التقييم
تتبع "ستاندرد آند بورز" عدداً من المعايير في تقييم صكوك الإجارة وتأخذ في اعتبارها العناصر الأربعة الرئيسية التالية:
1) هل دفعات الإيجار وإعادة الشراء المتحصلة من الجهة المستأجرة إلى الجهة الخاصة تتمتع بالمستوى الائتماني نفسه مثل الدين التقليدي للجهة المستأجرة؟
2) هل أنشئت الجهة الخاصة لغرض واحد فقط لتكون وسيلة الاتصال بين الجهة المستأجرة وحاملي صكوك الإجارة؟
3) هل تؤمن حركة النقد من عملية الإيجار تسديد كامل الالتزامات المترتبة لصالح حاملي الصكوك وفي مواعيدها الدقيقة؟
4) إذا كانت الجهة المستأجرة هي الحكومة، فهل التزامها نحو صكوك الإجارة يماثل التزامها نحو الأنواع الأخرى من تمويل الديون؟
تعمل "ستاندارد آند بورز" على تحليل الالتزامات المترتبة على الإيجار وإعادة الشراء لتحديد ما إذا كانت لها مواعيد محددة، وغير قابلة للنقض، وغير مقيدة بشروط. فإذا كانت الجهة المستأجرة هي الحكومة، فإن الوكالة تقيم كذلك خطورة اقتطاع نفقات معينة من العملية (أي الاحتمال بأن المشرع في تلك الحكومة سيقتطع أموالاً للوفاء بالتزامات الإيجار).
ومن العوامل المهمة في تحديد ما إذا كانت صكوك الإجارة ستحصل على التقييم نفسه المعطى للدين التقليدي على الجهة المستأجرة أن يكون تقييم الإيجار والالتزامات المهمة الأخرى مكافئاً للتقييم المعطى للدين التقليدي على الجهة المستأجرة. فإذا كانت التزامات الإيجار معرضة لمخاطر الاقتطاع لأغراض الميزانية أو مخاطر أخرى، وكان أثر هذه المخاطر أقل مقارنة بالمخاطر المترتبة على إصدارات الديون التقليدية، فربما تقوم "ستاندارد آند بورز" في هذه الحالة بتخفيض تقييم صكوك الإجارة إلى مرتبة أدنى من التقييم الائتماني للجهة المستأجرة. ومن العوامل الأخرى التي يمكن أن تكون سبباً في إعطاء تقييم ائتماني متدن نذكر ما يلي:
* المواقف التي ربما تضطر فيها الجهة المستأجرة لاسترداد رأس المال المتبقي عن طريق إعادة شراء الموجودات عند تاريخ الاستحقاق أو في حالة الحل.
* أية شروط أخرى تسمح ببعض الاستثناءات للخروج على بعض مواعيد التسديد، أو حين تكون إمكانية استعادة المبلغ أدنى من غيرها.
ومن العوامل التي تؤخذ في الاعتبار كذلك حين يقيم التزام إعادة الشراء من قبل الجهة المستأجرة هناك مدى ضرورة الموجودات للجهة المستأجرة.
ويمكن أن تتضرر الجدارة الائتمانية نسبة إلى تقييم الجهة المستأجرة إذا كانت الجهة المصدرة للصكوك ليست من جهات الإصدار الخاصة، كأن تكون لها على سبيل المثال أغراض أخرى خلاف الدخول في الأساسيات الضرورية لتنفيذ عملية الإيجار.
ومن الأمور التي تبعث على القلق بشكل خاص في الحالات التي من هذا القبيل، هناك القروض التي تعطى للجهة المصدرة من أطراف أخرى خلاف حاملي صكوك الإجارة، خصوصاً إذا كان من الممكن أن تتدخل الأطراف الأخرى في نظام دفعات الإيجار المخصصة لصكوك الإجارة. فضلاً عن ذلك، إذا كانت الجهة المصدرة للصكوك تدير صندوقاً خاسراً، فإن مواطن الانكشاف الائتماني لجهة الإصدار الخاصة ستؤخذ في الاعتبار. كما يتم كذلك تقييم ملكية وإدارة جهة الإصدار الخاصة. وأخيراً، إذا كانت الجهة المستأجرة تمتلك جهة الإصدار وكان هناك احتمال بوجود تضارب للمصالح بينهما، فإن هذه الأمور ستؤخذ في الاعتبار في التحليل.
وتقارن "ستاندارد آند بورز" أحكام وشروط اتفاقية تأجير الموجودات وكذلك أحكام وشروط صكوك الإجارة، وتعمل على تحليل الكيفية التي تتم بها تغطية مواطن الإخفاق المحتملة في تنفيذ الالتزامات الواردة في العملية. على سبيل المثال، فإن مواطن الإخفاق التي يمكن أن تنجم عن الانكشاف أمام تقلب أسعار تبادل العملات يمكن تغطيتها عن طريق الإيجار (مثل وضع أجرة إضافية)، أو بتقديم ضمان للإيجار من هيئة أخرى ذات جدارة ائتمانية، أو من خلال التحوّط. وفي العادة حين تكون الجهات المستأجرة هيئات حكومية فإنها توافق على أن تغطي في مواعيد زمنية منتظمة أية نفقات إضافية ذات علاقة بالضرائب أو مبالغ الجباية المفروضة أو المكوس والرسوم أو النفقات حال نشوئها.
ومن الاعتبارات الائتمانية المهمة الأخرى هناك ما إذا كانت الموجودات المبيعة خالية من أي حجز أو غير موضوعة كضمان لأشياء أخرى، أو رهن أو فائدة على الأوراق المالية، أو صك تحويل الملكية، أو النفقات، أو أية قيود أخرى.
ويمكن التقليل من المخاطر على الموجودات المؤجرة الناجمة عن الفقدان أو التلف، يمكن التقليل منها عن طريق التأمين، رغم أنه يجب القيام بدراسة متأنية للأحكام والاستثناءات، وكذلك لخطر عجز جهة التأمين عن الوفاء بالتزاماتها.
ومن البنود ذات الأهمية الخاصة في هذا المقام إذا كانت الجهة المستأجرة دولة ذات سيادة هناك الاعتبارات المتعلقة بـ "الاستعداد للدفع". فمن الناحية التاريخية، فإن الجهات المستأجرة إذا كانت دولة ذات سيادة وعانت من مشاكل في السداد فإنها كانت تميز بشكل غير منصف بين التزاماتها المالية المتكافئة وتقدم واحداً على الآخر.
وتدرس "ستاندارد آند بورز" المدى الذي تُدخل فيه الحكومة صكوك الإجارة ضمن الحسابات الحكومية باعتبارها التزامات مدينة، لا تمييز بينها وبين الدين التقليدي من حيث أولوية التسديد. وتتم مساندة اعتبارات "الاستعداد" بأن يكون تمويل صكوك الإجارة مصمماً لاستهداف المستثمرين المهتمين بالصكوك الملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية، بدلاً من إنشاء طبقة جديدة من الالتزامات.

الأكثر قراءة