مؤتمرات التقنية وتنفيذ توصياتها من أجل التنمية
<a href="mailto:[email protected]">fah_arab@yahoo.co.uk</a>
لقد أصبحت مساعدة الدول النامية لوضعها على طريق التطوير التنموي في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات مهمة كل الدول وفي مقدمتها الدول المتقدمة والصناعية. ولقد استرعى انتباهي ازدياد دعوات مؤسسات وجهات عالمية لحضور مؤتمرات في مجال تقنية المعلومات، الأمر الذي جعلني أبحث في حجم هذا الاهتمام وحسن النوايا لتحقيق التنمية المتوازنة. في الحقيقة هالني ما توصلت إليه من معلومات فهي إن أخذت مكانها وتحققت فإن ذلك يعني أن العالم متغير لا محالة. يتلخص ما وصلت إليه من بحث في التالي: لقد جدولت 40 دولة استعدادها ورعايتها لـ 199 مؤتمرا وندوة علمية عالمية في مجال تقنية المعلومات لعام 2006م. وجاء ذلك بعد أن اعتبر العام الحالي في دول العالم بأكمله عام "استخدام التقنية لاستدامة التنمية. ستتركز الطروحات حول كيفية الإفادة من أحدث الابتكارات واستعراض أهم التجارب التي مرت بها الجهات المختلفة - في كل دولة - باستخدام التقنية لرفع كفاءة العمل وتحقيق إنتاجية أفضل. 40 مؤتمرا ستقام موزعة على مدار العام في الولايات المتحدة, وستغطي استخدام تقنية المعلومات ورفع كفاءة أنظمة التشغيل والمراقبة والتعليم والتطبيقات الصحية والطبية، إضافة إلى تطوير النظم الصناعية والإدارية. في حين تتوزع 39 دولة فيما بينها عدد 160 مؤتمرا لتناقش تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الجديدة, والتدريب على الاتصال من أجل التنمية, وما استجد في أبحاث تطوير النظم في المجالات العملية والخدمية المختلفة. الجيد وما يعد مكسبا حقيقيا للمملكة, هو أن المؤتمر الوطني الـ 18 للحاسب الآلي والذي سيرعاه خادم الحرمين الشريفين، يحفظه الله، في 26 من آذار (مارس) المقبل هو أحد المؤتمرات التي حجزت لها موقعا في هذه القائمة. كما هو معروف سيكون عنوان هذا اللقاء الكبير "تقنية المعلومات والتنمية المستدامة" وسيركز على تغطية المواضيع المختلفة في النظم ودورها في تحقيق التنمية المستدامة.
لقد غيرت تكنولوجيات المعلومات والاتصالات العالم من حولنا بصورة لا رجعة فيها إلى الأساليب التقليدية للعمل والتواصل مع الآخرين, إلا أن هذه الثورة لم تصل بعد إلى المناطق الفقيرة أو غير القادرة على المشاركة الفاعلة. هذا يدعونا إلى تحفيز قطاع الاتصالات بسرعة شمول هذه المناطق في المراحل المقبلة من التطوير والتنمية وتأسيس البنى التحتية على أحدث الأسس حتى لا يستمروا في عزلة دائمة مع كل حديث تستخدمه المجتمعات المتقدمة سواء داخليا أو خارجيا. ومما يهمنا في هذه المرحلة على طريق التنمية المستدامة هو أن يبدأ قطاع التعليم بفئاته ومستوياته المختلفة في التعامل تحت مظلة واحدة وباستراتيجية وطنية مقننة والعمل على توفير القاعدة البحثية لتطوير النظم في الأرشفة وقواعد البيانات وحماية وأمن المعلومات. كما نود أن تجد القطاعات الصحية ذاتها المبعثرة في نظام موحد للأدلة والمرجعية والتنسيق, والسعي للتطوير وحسب المؤشرات والأصول العالمية في هذا المجال. كما يؤمل من وزارة التجارة والصناعة ووزارة التخطيط والاقتصاد تعميم استخدام التقنية في الاقتصاديات المختلفة تمهيدا للدخول للمرحلة الثانية خلال العام المقبل, والتأكد من تنفيذ نظم الاتفاقية العالمية تقنيا مع تحري تنظيم إدارة الإنتاج الصناعي وربط المشاريع المتماثلة بمؤشرات التنمية المستدامة لإمكانية التقييم, فهناك مؤتمرات متخصصة ستقام في هذا الشأن ولا بد من اغتنام هذه الفرص. إضافة إلى ذلك لا بد من الإسراع في تنظيم وتقنين التجارة الإلكترونية وفرض وحدة النظم المستخدمة لتقليص حجم القضايا والدعاوى المستقبلية والمتوقعة. وعلى الغرف التجارية تحسين العلاقة بين القطاعين العام والخاص وبذل الجهود في مساعدة القطاع العام على الانتهاء من برنامج "الحكومة الإلكترونية".
القطاع الصحي سيكون من أكثر القطاعات إسهاما في المؤتمر الـ 18, إذا ما تقدمت مراكز المعلومات فيه بعرض تجاربها في هذا المجال. فعلى سبيل المثال هناك تجارب في مجال الطب الاتصالي, وأخرى في مجال أنظمة المعلومات الجغرافية GIS، حيث يمكن عرض ما تم من جهود مع وزارة الدفاع أو مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في رفع وتسجيل إحداثيات المواقع المختلفة للمرافق الصحية والخدمية المساندة مثل المرافق الأكاديمية الصحية. وليتنا نعرض تجربة نقل وإسعاف المصابين في الحوادث مع حفظ تواصل سيارات الإسعاف مع قسم الطوارئ للمستشفى المراد نقل الحالة إليه. أما من ناحية الطب الوقائي فستكون تجارب برنامج الاستشعار عن بعد الذي بُدئ مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية خير دليل على التقدم التقني الذي وصلت له المملكة. حيث سيصل بعملية التنبؤ بوجود أو انتشار الأمراض المعدية أو تحولها إلى وبائية إلى الاستعداد والتخطيط الجيدين لمواجهتها وتوفير الإمكانات لدحرها أو وقف انتشارها.
نتوقع من عقد هذه المؤتمرات نتائج وتوصيات عديدة رئيسة وفرعية تسلط الضوء على أساليب استخدام التقنية في هذا العصر, وستخبرنا التجارب والأبحاث والدراسات بكيفية الإفادة من البرامج والأنظمة في التطوير والتنمية. لذلك فالحاجة ملحة إلى أن نهتم في المؤتمر الـ 18 بصياغة توصيات واضحة ومفهومة, وقابلة للتنفيذ بخطط تنفيذية مقننة. آن الأوان لوضع الآلية المناسبة لتفعيل ما لم يتم تنفيذه من قبل, أو تنفيذ ما سيتم التوصية به بأسلوب ومنهج علمي, على أن توكل مهام متابعتها إلى جهة معينة وبمسؤوليات محددة. وللوصول إلى الجودة الشاملة فلابد من المحافظة على المسيرة بالوتيرة نفسها. ستصدر أكثر من ألف توصية متخصصة (فنية وإدارية) عن هذه المؤتمرات تباعا, وهي في حد ذاتها تحد كبير لجميع دول العالم في مجال تقنية المعلومات. الأمل كبير بأن تظفر المملكة بكل هذا الكم من الفوائد لترجمته في استكمال برنامج الحكومة الإلكترونية, وبداية عهد التجارة الإلكترونية والطب الاتصالي والاستثمار في تقنية المعلومات وأمنها. كما علينا أن نستلهم الأفكار ونشرع في تشجيع شبابنا للبحث والتطوير في هذه التقنية تحت إحدى مظلات أو مؤسسات البحوث العلمية لنثبت أننا على الطريق الصحيح في استخدام التقنية لتحقيق التنمية وبشمولية تامة.