مختصون لـ"الاقتصادية" : لا خوف على البنوك السعودية من الشريك الأجنبي

مختصون لـ"الاقتصادية" : لا خوف على البنوك السعودية من الشريك الأجنبي

قلل محللان اقتصاديان تحدثا لـ «الاقتصادية» من تأثر المصارف السعودية، بتداعيات الأزمة الاقتصادية الأوروبية، وأنها أقل تأثرا من نظيراتها في العالم بالأزمات العالمية، نظرا للسياسة النقدية المتبعة في المملكة. وفي الوقت الذي أكد فيه الدكتور عبد الله باعشن - محلل اقتصادي - وجود "تأثير محدود" للأزمة الأوروبية في البنوك السعودية، فإن ناصر القرعاوي - محلل اقتصادي - لفت إلى "نسب عالية من الارتفاع" في أرباح البنوك السعودية ذات الشريك الأجنبي في الربع الثالث.
وأكد الدكتور عبد الله باعشن أن تغطية "جيه.بي مورجان" لبعض المصارف المحلية تعد تغطية احترازية، كون بعض المصارف السعودية مرتبطة بهذه المؤسسة المالية العالمية الكبرى، التي كان لها دور في إنقاذ مؤسسات مالية ضخمة من الانهيار، مشددين على أهمية فتح مسارات استثمارية محلية، وإعادة تدوير الرساميل المجمدة في العقارات، إلى جانب ترشيد القروض الاستهلاكية.
ويلفت باعشن الذي يرأس مجلس إدارة شركة الفريق الأول للاستشارات المالية، إلى أن نتائج بعض البنوك السعودية التي أعلن عنها، حققت نموا جيدا، وهذا دليل أن تأثرها بالأزمة الأوروبية يعتبر تأثيرا محدودا لأسباب عديدة، أهمها أنها تركز على السوق المحلية، خاصة في مجال الائتمان الذي تأثرت منه البنوك في منطقة اليورو.
وقال باعشن، إن التأثير الذي حدث في بعض البنوك، قد يطول بند الاستثمار وهو من البنود المهمة الأخرى التي تؤثر في نتائج البنوك خاصة إذا كانت في مجال استثمار الأدوات المالية ذات المدى القصير أو المدى الطويل المتمثلة في السندات والصكوك والمشتقات المالية. وأشار إلى أن أكثر البنوك السعودية يتركز مجالها الاستثماري في العمليات الائتمانية والتمويلية، خاصة تمويل قطاع الشركات التي تعمل في الإنفاق الحكومي، وبالتالي النتائج عكست أن تأثير الأزمة الأوروبية في البنوك السعودية كان ضعيفا ومحدود المخاطر.
وأضاف "فيما يخص تغطية المؤسسة المالية "جيه بي مورجان" أحد البنوك الرئيسة العالمية التي تتعامل مع بنوك في مختلف أنحاء العالم، يعتبر تحركا طبيعيا فعندما تتعامل البنوك المحلية مع مثل هذه البنوك أو المؤسسة المالية العالمية والتي قد تتعرض لأزمة مالية في منطقة اليورو أو الأمريكية، يكون انعكاسها على البنوك المحلية، إلا أن البنوك المحلية تركز في الخدمات المحلية كعمليات الائتمان والعمليات الأخرى. البنوك السعودية تعتمد على الاستثمار المحلي خاصة هذه الفترة التي تتطلب ضخ أموال كثيرة، وبالتالي ليست لديها فرصة كبيرة لكي تعمل في الأسواق العالمية باستثناء بعض البنوك المحلية الكبرى التي لها فروع في بعض الدول الأوروبية، خاصة في بريطانيا، وحتى هذه قد يكون التأثير فيها محدودا، كونها تخدم عملاءها السعوديين المتواجدين في بريطانيا".
وأوضح باعشن، أن تقرير "مورجان" عبارة عن تقرير تحليلي عن مدى تأثر البنوك السعودية بالأزمة الأوروبية، والذي يعتقد أن بعض البنوك المحلية قد تواجه بعض المخاطر المحدودة للبنوك التي تتعامل في السوق الأوروبية. وأشارإلى أن البنوك الكبيرة ذات الشريك الأجنبي هي التي يمكن أن تتأثر بتأثر شريكها الأجنبي بما يحصل في سوقه الأوروبية، ولكن الشريك الأجنبي ينظر إلى السوق السعودية كمستثمر، وبالتالي فإن عوائد استثماراته في السوق السعودية مرتفعة، وإن كانت هناك فروع في الدول الأوروبية. وبيّن أن التقرير أشار إلى بعض البنوك دون غيرها من البنوك المحلية الأخرى في عملية تغطية بعضها، حيث يعود ذلك إلى أن هنالك بنوكا في المملكة حديثة أو ذات الحجم المتوسط، وهذه البنوك ليس لها تعامل مع البنوك الأوروبية، لذا لم تغطها "مورجان"، لأنها قد تكون بعيدة نوعا ما عن المخاطر.
من جهته، أكد لـ«الاقتصادية» سعد آل حصوصة - محلل مالي- متانة القطاع المصرفي في السعودية، واستقرار أدائه في مواجهة أي مخاطر قد تعترض نشاطه مستقبلا؛ وذلك قياسا بنسبة التعثر التي ما زالت متدنية لدى هذا القطاع.
وأوضح آل حصوصة، الرئيس التنفيذي لشركة أرباح المالية، أن البنوك السعودية كانت الأقل تأثرا بالأزمة المالية العالمية، وذلك بفضل تركيزها على السوق المحلية، كما أن السياسات الحكيمة لمؤسسة النقد أتاحت مزيدا من المرونة للتعامل مع الصدمات، مؤكدا أنه لا توجد مؤشرات على تعثر البنوك هيكليا؛ وذلك وفقا للمؤشرات الفنية، كما أن البنوك السعودية قادرة على مواصلة النمو وتحقيق الأرباح.
وقال آل حصوصة: "إن القطاع المصرفي العالمي كان في وقت سابق من أبرز ضحايا الأزمة المالية العالمية، حيث شهدت الولايات المتحدة الأمريكية فقط تعثر أكثر من ألف مصرف، وشهدت الصناعة على المستوى العالمي تحقيق خسائر فادحة بفعل الحجم غير المسبوق لخسائر القروض، والتي أدت إلى انهيار مؤسسات مالية عملاقة، في حين أن هناك مؤسسات أخرى كانت على وشك الانهيار لولا تدخل الحكومات التي اتبعت سياسة التأميم لإنقاذها، أما بالنسبة لوضع المصارف في السعودية، فهو مختلف تماما على الرغم من بعض التداعيات السلبية على القطاع جراء الأزمة، لكن ما يلاحظ، أن المصارف السعودية خلال هذه المرحلة تحجم عن الإقراض للغايات الاستثمارية أو على الأقل تقدمه بأسعار فائدة مرتفعة؛ ما يلحق أضرارا بالاقتصاد الكلي؛ إذ يأتي ذلك على الرغم من الجهود الكبيرة التي قامت بها مؤسسة النقد العربي السعودي لدعم القطاع بالسيولة المطلوبة"
وأضاف الرئيس التنفيذي لشركة أرباح المالية: "إن المصارف السعودية دائما تركز في استثماراتها بشكل كبير على الأصول المحلية، وتتبع سياسة التحفظ؛ ما أدى إلى تجنبها للمخاطر في الأزمات".
من جهته، اعتبر ناصر القرعاوي - محلل اقتصادي - أن التأثير النسبي في المصارف السعودية من الأزمة العالمية الحالية للديون الأمريكية والتعثر في منطقة اليورو، محدود إلى حد كبير، وغير مؤثر في العائدات الإجمالية للبنوك السعودية في نهاية العام الجاري، وحتى العام المقبل، إلا إذا أصبحت هنالك نتائج سلبية أكثر مما هو متوقع في حالة انهيار بنوك أو تعثر للوضع الاقتصادي العالمي، وتباطؤ نسبة النمو في أمريكا، إلى جانب عدم الإفصاح والشفافية فيما يتعلق بالمجموعة الأوروبية، إذ سيكون التأثير ممكنا في البنوك المحلية في حال وقوع تلك الاحتمالات، فالمصارف السعودية مرتبطة بشبكة المصارف في العالم التي ترتبط ببعضها البعض. والبنوك المحلية مستثمرة إلى حد ما في أسواق المال العالمية لكن ليس للحد الذي يدعو إلى الخوف والهلع.
وأشار القرعاوي إلى أنه يلاحظ العام الحالي انفتاح قوي ومتسارع على الإقراض في السوق المحلية، خاصة للأفراد واتجاه البنوك للسوق المحلية، لأنها أكثر أمانا واستقرارا من الأسواق العالمية، حيث تبحث هذه البنوك عن فرص الاستثمار في الداخل والخارج، لكن هناك محاذير من عدم التوسع في الاستثمار الأجنبي منذ عام 2008، والذي حد بدوره من توسع البنوك في استثماراتها في الأسواق العالمية، الأمر الذي لا يكلفها اقتطاع نسبة من إيراداتها أو أرباحها لسد هذا الخلل، وبالتالي المصارف السعودية تعتبر من أقل المصارف في العالم تأثرا بالأزمات العالمية، وذلك نظرا للسياسة النقدية المتبعة في المملكة.
وبين القرعاوي أن تجربة البنوك التي أصبح لديها قناعة بأن الاستثمار المحلي أكثر أمنا وأكثر عائدا ربحيا. وهذه الرغبة ستستمر لدى البنوك حتى العام المقبل، خاصة مع وجود مؤشرات نمو لحجم الاقتراض من القطاع الخاص ومن الأفراد. البنوك المحلية إلى حد ما في منأى من الأزمات الاقتصادية، الأمر الذي يؤكد أن المسار الاقتصادي في المملكة منظومة متكاملة فيما يتعلق بالفرص الاستثمارية الكبيرة، داعيا إلى التوسع في القطاع الاستثماري، والترشيد في قطاعات معينة، خاصة قروض الأفراد الاستهلاكية، إضافة إلى فتح مسارات أخرى للاستثمار في قطاع التقنية والطاقة، لأهميتها ونجاحها، إلى جانب ضرورة التوسع في إقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كونها تخلق دورة اقتصادية سريعة ونامية.
وقلل من مخاوف تأثر البنوك المحلية ذات الشريك الأجنبي بسبب خضوعها للسياسة والتشريعات المحلية، حيث وجد أن المصارف السعودية ذات الشريك الأجنبي حققت في الربع الثالث من العام الجاري نسبا عالية من الانتفاع، مما يؤكد أن قرارها لا يزال محليا حتى مع وجود شريك أجنبي، إذ يعد ذلك مؤشرا جيدا وأن البنوك السعودية إلى حد كبير في مأمن من تداعيات الأزمة الأوروبية، حتى لو حصل انهيار اقتصادي لدول أخرى بعد اليونان.

الأكثر قراءة