إشراك القطاع الخاص في مجلس صندوق التنمية الصناعي
منذ إنشاء صندوق التنمية الصناعية السعودي بموجب مرسوم ملكي قبل 38 عامًا وتحديدًا في عام 1974 تقريبًا كجهاز تمويلي مرتبط بوزارة المالية (كهيئة مستقلة) هادف إلى دعم وتنمية القطاع الصناعي الأهلي، وهو في تطور مستمر، من خلال عمله على تقديم قروض متوسطة أو طويلة الأجل، لتأسيس مصانع جديدة أو تطوير وتحديث وتوسعة مصانع قائمة، إضافة إلى تقديم المشورة في المجالات الإدارية والمالية والفنية والتسويقية للمنشآت الصناعية في المملكة.
وباشر هذا الصندوق أعماله بدءًا من ذلك الوقت، لتحقيق الأهداف المنوطة به ضمن ضوابط وإجراءات وسياسات إقراضية محددة حسبما ورد في المرسوم الملكي الكريم، برأسمال مبدئي قدره 500 مليون ريال، تم رفعه تدريجيًا حتى أصبح 20 مليار ريال ودعم بعشرة مليارات أخيرًا ومنذ العام المالي 1401/1402هـ أصبحت المبالغ المسددة من القروض الصناعية القائمة كافية لتوفير التمويل اللازم للمشاريع الصناعية الجديدة، مما جعل الصندوق منذ ذلك التاريخ قادرًا على مواصلة دعمه المالي للمشاريع الصناعية الجديدة من خلال تدوير رأسمال مبالغ القروض المسددة، ويضاف لها الرسوم المتحصلة من المقترضين، حيث قام منذ إنشائه بدور ريادي، في تحقيق أهداف وسياسات برامج التنمية الصناعية في المملكة، بالمشاركة مع منظومة من المؤسسات الحكومية ذات العلاقة المباشرة بالصناعة.. ومن هذه المقدمة نجد بالفعل أن هذا الصندوق عمل على بناء جهاز مؤسساتي داعم وجاذب للاستثمارات الصناعية في المملكة، أي أنه خلد له قصة نجاح شهد عليها تاريخ الصناعة في المملكة.
وللقيام بالأدوار المهمة التي يضطلع بها الصندوق فقد قام بتوظيف وتدريب وتأهيل كوادر وطنية ومهنية وفنية ذات مستوى عال من التأهيل والخبرة، حيث شمل تأهيل الكوادر الوطنية عديدًا من مجالات العمل الإداري والفني والمهني.. ولكن لوحظ في الفترة الأخيرة التسرب الكبير لهذه الكفاءات التي أثبتت جدارتها، وذلك بسبب عدم تطور رواتبهم ومكافآتهم لتجاري مثيلاتها في السوق، ومحاولة تطبيق بعض أنظمة الخدمة المدنية، على الرغم من وجود المنافسين الكثر المستقطبين لتلك الكفاءات كالبنوك التجارية أو الاستثمارية، والكثير من المصانع، حيث تسبب هذا التسرب في الآونة الأخيرة بضعف الجهاز الوظيفي، ما أدى بدوره إلى تأخير إجراءات القروض على الرغم من أنه جهاز حكومي مربح، حقق ويحقق عوائد مالية جيدة للدولة.. ومن هنا تكمن ضرورة بقاء صندوق التنمية الصناعي محررًا من نظام الخدمة المدنية، وعدم مقارنة موظفيه بموظفي الخدمة الآخرين، حيث يكون المعيار هو المنافسة في السوق من أجل ضمان نجاحه في أداء مهامه بعيدًا عن البيروقراطية التي تكتنف تعاملات نظام الخدمة التي لا تتماشى مع روح المنافسة.
إن هذا الصندوق يعد جهازًا حكوميًا ذا شخصية اعتبارية، يرتبط إداريًا بوزارة المالية، ويتولى إدارة الصندوق مجلس إدارة يتم تعيينهم من مجلس الوزراء بناء على توصية من وزير المالية، الذي لم يأل جهدًا في دعم زيادة رأسمال الصندوق كمطلب ملح للصناعيين.. على أن للصناعيين مطلبا يأملون منه إضافة القطاع الخاص لمجلس الإدارة اعترافًا بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومن خلال ما أنجزه الصندوق وما يقوم به من أعمال طورت الصناعة السعودية.. أعتقد أنه حان الوقت كي يفعل كهيئة مستقلة يعمل مجلس إدارتها على تأكيد وتعزيز هدف الصندوق الأساسي كهيئة محفزة وداعمة وخالقة للصناعة الوطنية، وكذلك تعديل وتصحيح سلم رواتب ومكافآت الموظفين، ليتساووا مع نظرائهم في مجال العمل ذاته، إضافة إلى قيام جهازه التنفيذي على تطوير آليات العمل الداخلية، لتتماشى مع التطورات المتلاحقة في علم الإدارة واستخدام آليات التقنية الحديثة المساعدة على تسهيل وتعجيل الإجراءات الداخلية، لخدمة الاقتصاد الوطني وتحقيق تطلعات القيادة بتنويع الدخل الذي لن يتحقق إلا عن طريق تطور ونمو الصناعة.. ومن ثَم بقاء هذا الصندوق كأحد النماذج الاستثمارية الناجحة والطموحة لاستثمارات الدولة.