5 قضايا تواجه تنفيذ الاتحاد الجمركي الخليجي الموحد رغم الاتفاق على آلية التحصيل المشترك
أجمع المحللون الاقتصاديون على أنه على الرغم من الاتفاق الأخير الذي توصلت إليه لجنة الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون لدول الخليج في اجتماعها الاستثنائي الـ 36 الذي اختتم في أبو ظبي أخيرا، على آلية التحصيل المشترك وتوزيع الحصيلة الجمركية على دول المجلس، فإن دخول هذا الاتحاد حيز التنفيذ الكامل لا يزال يواجه عدة قضايا متشابكة. ودفعت هذه القضايا وزراء مالية دول مجلس التعاون الخليجي إلى اتخاذ قرارهم العام الماضي بتمديد المرحلة الانتقالية لتطبيق الاتحاد الجمركي الخليجي لمدة عامين آخرين تنتهي في نهاية 2007. وهذا الأمر يعني من الناحية الواقعية العودة بقرار التطبيق الذي بدأ في كانون الثاني (يناير) 2003 إلى نقطة البداية، حيث إن تطبيق هذا الاتحاد يمر ومنذ ثلاث سنوات بمرحلة تطبيق انتقالية كان يفترض أن تختتم في نهاية عام 2005.
وكان الاجتماع الاستثنائي للجنة الاتحاد الجمركي قد أوصى بتكليف الأمانة العامة لإعداد ورقة حول آلية تحصيل وتوزيع الضريبة والرسوم الجمركية في الاتحاد الجمركي لدول المجلس على ضوء مداولات اللجنة في هذا الاجتماع والمقترحات التي طرحتها الدول الأعضاء، آخذة في الاعتبار البيانات الإحصائية المتوافرة لدى الأمانة العامة عن الفترة الانتقالية من نتائج المقاصة بين الدول الأعضاء. كما أوصت بضرورة موافاة الأمانة العامة الدول الأعضاء خلال أسبوع من تاريخ هذا الاجتماع بنموذج البيانات الإحصائية المطلوبة لإعداد هذه الورقة للأعوام من 2003 إلى 2005 على أن تعيد الدول الأعضاء النموذج المشار إليه بعد تدوين المعلومات المطلوبة في موعد أقصاه نهاية أيلول (سبتمبر) 2006.
وبشأن الحماية الجمركية للمنتجات الوطنية في دول المجلس، استمعت اللجنة إلى آراء ومقترحات الدول الأعضاء حول هذا الموضوع، واستعرضت الآثار التي ترتبت على استيفاء رسوم جمركية حمائية في بعض الدول الأعضاء بشكل منفرد، مؤكدة ضرورة الانتهاء من ذلك رغبة في انتهاء لجنة الحماية مما هو مطلوب منها في الوقت المحدد.
كما اتفقت اللجنة على تكليف الأمانة العامة بإعداد تقرير عما تم إنجازه من قبل لجنة الحماية الجمركية للمهمة الموكلة بها على أن يعرض التقرير على الاجتماع المقبل 73 للجنة الاتحاد الجمركي.
ويرى مراقبون أن هذه القضايا ما هي إلا الجانب الأسهل في العديد من القضايا المطولة التي يواجهها تنفيذ الاتحاد الجمركي الموحد وتحديدا خمس قضايا، تأتي في مقدمتها علاوة على آلية انتقال السلع بين دول المجلس خلال المرحلة الأولى الانتقالية لتوزيع الحصيلة الجمركية، معالجة تعارض التزامات دول المجلس لمنظمة التجارة العالمية مع متطلبات وشروط قيام الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون، ومعالجة البضائع التي ترد مستنداتها عن طريق البنوك عند قيام الاتحاد الجمركي والعمل بنقطة الدخول الواحدة، معالجة البضائع التي تستوفي رسومها بالتأمين عند العمل بنقطة الدخول الواحدة، وأخيرا القضية الأكثر تشابكا وهي المعوقات غير الجمركية.
وبالنسبة لآلية التحصيل المشترك يتضح من توصية لجنة الاتحاد الجمركي أنها لا تزال بعيدة عن التوصل إلى صيغة نهائية لهذه الآلية كونها تطالب الأمانة العامة بوضع صيغة نهائية لها على ضوء مداولاتها. وهذا يعني أن اللجنة لم تأخذ بالدراسة الكويتية المقدمة للاجتماع التي اقترحت فيها توزيع الحصيلة الجمركية بموجب البديل الشامل الذي يقوم على أساس أن يتم في المرحلة الأولى الانتقالية توزيع الحصيلة الجمركية على أساس صافي واردات الدولة، وحسب المقصد النهائي للسلع المستوردة، مع إيجاد آلية مستندية مناسبة للتعامل مع انتقال السلع المستوردة فيما بين دول المجلس. على أن يتم ذلك دون عوائق تحول دون حرية انسياب السلع، وبالشكل والمضمون الذي يتناسب مع العمل بنقطة الدخول الواحدة. وتمتد فترة هذه المرحلة أربع سنوات كحد أقصى من تاريخ قيام الاتحاد الجمركي لدول المجلس، والعمل بنقطة الدخول الواحدة. ويتم توزيع إجمالي الحصيلة الجمركية في المرحلة الأولى على أساس صافي قيمة واردات كل دولة بعد استبعاد قيمة الواردات التالية: الإعفاءات الجمركية كافة، واردات المناطق الحرة، البضائع المعاد تصديرها إلى خارج دول الاتحاد الجمركي الخليجي، بضائع الإدخال المؤقت، والبضائع التي تستوفى (تحصل) رسومها بالتأمين.
وكان من المتوقع أن تلقى هذه الدراسة اعتراضات بعض الدول الأعضاء في المجلس كونها ستؤثر سلبا على حصصها ضمن آلية التوزيع المشترك، ويرجع هذا الرأي إلى عدة أسباب أهمها التعرفة الجمركية الحالية المتدنية على السلع المستوردة، إضافة إلى تمتع شريحة عريضة من هذه السلع للإعفاء من الضريبة الجمركية، الأمر الذي يسقطها من جملة الإيرادات. وترى هذه الدول أنه في حالة احتساب آلية التوزيع فيها على أساس بيانات ومعطيات ما قبل الاتحاد الجمركي وفق آلية يكون التوزيع فيها على أساس صافي واردات الدول الأعضاء من السلع، تحتسب فيها قيمة السلع المعفية ضمن قيمة هذه الواردات وهذا ينسجم ومبدأ عدالة التطبيق على الجميع.
وفيما يخص معالجة مدى تعارض التزامات دول المجلس لمنظمة التجارة العالمية مع متطلبات وشروط قيام الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون، يتضح من دراسة أعدتها الأمانة العامة لدول المجلس حول الموضوع أن تنفيذ التعرفة الموحدة وهي 5.5 في المائة للسلع الأساسية، و7.5 في المائة للسلع الأخرى قد يتعارض مع لوائح "الجات" التي تسمح بوصول التعرفة لبعض السلع إلى 35 في المائة ما يقتضى ذلك تسريع مفاوضات دول المجلس مع الدول العربية للوصول إلى منطقة التجارة العربية الحرة.
كما أعدت الأمانة العامة مذكرة أخرى حول ما تبقى مناقشته من النظم الداخلية للاستيراد في الدول الأعضاء تتضمن معالجة وضع البضائع التي ترد مستنداتها عن طريق البنوك، ومذكرة أخرى حول البضائع التي تستوفى رسومها بالتأمين في ظل قيام الاتحاد الجمركي والعمل بنقطة الدخول الواحدة لدول المجلس. وكذلك معالجة موضوع الإدخال والتصدير المؤقت في ظل قيام الاتحاد الجمركي والعمل بنقطة الدخول الواحدة لدول المجلس وفق الأحكام الواردة في النظام (القانون) الموحد للجمارك لدول المجلس. كذلك تعالج المذكرة وضع السماح للمخلصين الجمركيين في دول المجلس بممارسة مهنة التخليص الجمركي في الدول الأعضاء بموجب ما ورد في النظام (القانون) الموحد للجمارك لدول المجلس، وإلغاء اشتراط الحصول مسبقاً على رخص الاستيراد عند استيراد أي بضائع لأي من دول المجلس كونها تتعارض مع متطلبات الاتحاد الجمركي لدول المجلس والعمل بنقطة الدخول الواحدة. ومع ذلك، فإن تطبيق جميع هذه المقترحات لا يزال يسير ببطء يواجه صعوبات إدارية وروتينية لا تتناسب مع أهمية مشروع الاتحاد الجمركي وأهدافه الاقتصادية الحيوية.
وفيما يخص المعوقات غير الجمركية فهي كثيرة، ونكاد نقول إنه تتزايد بدلا من أن تتناقص وتتطلب بالتالي سرعة وجدية المعالجة مثل معوقات شهادة المنشأ والقيمة المضافة والمواصفات الفنية وتعقد الإجراءات الجمركية والأنظمة المرورية والإجراءات المطبقة على مرور وسائط النقل بين دول المجلس وارتفاع تكاليف النقل بين دول المجلس مع ضعف المشاريع المشتركة في مجال تأسيس شركات نقل مشتركة، خاصة في مجال النقل البري والساحلي، كذلك النظر في إمكانية منح السائقين من غير المواطنين الخليجيين العاملين في وسائل نقل وطنية تأشيرات متعددة السفرات تكون صالحة لفترات طويلة تراوح بين ستة أشهر وسنة كاملة بدلا من التأشيرات التي تمنح لسفرة واحدة فقط.