مخيمات الإفطار .. مجمعات آسيوية بكامل ثقافاتها وعاداتها

مخيمات الإفطار .. مجمعات آسيوية بكامل ثقافاتها وعاداتها

أتاحت المخيمات الرمضانية التي تقيمها وترعاها الجهات الخيرية بدعم من الخيرين ورجال الأعمال في المنطقة الشرقية فرصة طيبة لأفراد الجاليات الأجنبية للالتقاء وتبادل الأحاديث التي لا تخلو من أخبار بلدانهم السياسية منها والاقتصادية، رغم أن محور هذه الأحاديث يركز في المقام الأول على طبيعة عملهم داخل المملكة وما يحكمه من قوانين وأنظمة في مقدمتها برنامج نطاقات الذي أعلنته وزارة العمل أخيرا.
اعتمدت هذه المخيمات الرمضانية، دون قصد، لغات أجنبية للتخاطب وإن كانت اللغة العربية تحاول أن تتسلل إلى ألسنتهم بين الحين والآخر، إلا أن اللغة " الأردو " تظل السائدة والمعتمدة للتخاطب بعد ذلك، حيث تجد أعدادا كبيرة منهم بدت تشكل مجموعات فيما بينهم بعد الإفطار داخل هذه المخيمات أو خارجها.
تتكون كل مجموعة حسب ما تفرضه طبيعة العلاقة بين أفرادها، فهناك مجموعة غلب على تكوينها طابع العمل في شركة أو مؤسسة واحدة، ومجموعة أخرى تشكلت بحكم تقاسم أفرادها مقر السكن، بيد أن الانتماء لمنطقة أو مدينة أو إقليم في بلدانهم كان عاملا مهما في تشكيل أغلب المجموعات التي تحاول أن تصطحب معها، وهي بعيدة عن ديارها الكثير من ذكريات رمضان في بلدانهم، مما جعل هذه المجموعات أكثر ترابطا وارتيادا لهذه المخيمات.
أصبحت التجمعات البشرية من الجاليات الأجنبية في الشرقية في المخيمات الرمضانية أشبه بورش عمل يومية تتاح من خلالها فرص للتباحث والتشاور في قضايا محلية ودولية بعيون آسيوية، في ظل غياب تام لوجود العنصر العربي في هذه المخيمات. ربما يعود ذلك لقناعة راسخة في أذهان أفراد الجاليات العربية أن هذه المخيمات تستهدف الآسيويين في المقام الأول لحاجتها الماسة للاستفادة من الخدمات التي توفرها لهم هذه المخيمات سواء من وجبة إفطار أو برامج دينية تثقيفية طوال الشهر الفضيل.
وهنا يقول الدكتور عبد الله بن حسين القاضي مدير عام جمعية البر في المنطقة الشرقية لـ " الاقتصادية " إن شهر رمضان المبارك موسم من مواسم الخير، تضاعف فيه الحسنات وتحط الخطايا والسيئات ويحرص فيه المسلمون جماعات وأفرادا على مزيد من البذل اقتداء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي كان أجود من الريح المرسلة وكان أجود ما يكون في رمضان، لذلك فإن الجمعية تقدم عديدا من البرامج والمساعدات الإضافية في هذا الشهر الكريم، علاوة على المساعدات الدورية المعتادة في سائر العام، ومن ذلك المساعدات النقدية والغذائية وتفطير الصائم وعمرة رمضان وإيصال زكوات الفطر لمستحقيها، كما تقدم في نهاية الشهر الكريم كسوة العيد.
وبين الدكتور القاضي أن إفطار الصائم برنامج رمضاني تنفذه بعض فروع الجمعية ويهدف إلى تفطير الأسر المحتاجة في منازلهم من خلال إيصال المواد الغذائية أو الأطعمة أو المساعدات النقدية التي يخصصها مقدموها لهذا الغرض. ويتيح هذا البرنامج تفطير كل أفراد الأسرة المحتاجة وبطريقة تراعي خصوصية هذه الأسر وفي أجواء أسرية ورمضانية خالصة، وهو برنامج مختلف عن المخيمات الرمضانية التي ينفذها عدد من الجهات القائمة عليها، سواء من حيث تفطير الصائمين أو الجهود التوعوية والدعوية التي تقوم بها من خلال هذه المخيمات.
عدد من المهتمين بشؤون الجاليات العربية المقيمة في الشرقية أرجعوا ضعف الإقبال على هذه المخيمات من الجاليات العربية إلى النظرة الضيقة لأفراد الجاليات العربية لمدى جدوى هذه المخيمات بالنسبة لهم، خاصة أنها لا توفر لهم أطباقا غذائية رمضانية اعتادوا تحضيرها خلال رمضان وهي أطباق اشتهرت بها بلدانهم. وبينوا أن عددا كبيرا من العزاب من الجاليات العربية يستمتع بإعداد هذه الأطباق بأنفسهم، كما أنهم كثيرا ما يلبون دعوة الإفطار لدى أقاربهم أو أصدقائهم الذين تجتهد زوجاتهم على تحضير أطيب الأطباق الرمضانية المشهورة في بلدانهم لذا فهم يرون أن ما يقدم من وجبة إفطار في هذه المخيمات لم يعتادوه في إفطارهم ، كما أن طباعهم تختلف كثيرا عن طباع الجاليات الآسيوية. ويعتقدون أن هذه المخيمات تستهدف الجاليات الآسيوية، خاصة فئة العزاب منهم، باعتبارها أكثر فئة مستفيدة من خدمات هذه المخيمات. يرى كثير من أفراد الجاليات الآسيوية في هذه المخيمات فرصة للالتقاء بأصدقائهم وفي بعض الأحيان بأقاربهم لإعادة ذكريات الزمن الجميل من حياتهم في بلدانهم وتبادل الأخبار فيما بينهم حول ما يمس جوهر حياتهم في المملكة فلكل واحد منهم قصة وحكاية قد تتاح له فرصة روايتها لمجموعته. وقد تكون القصة والحكاية عن موقف مع كفيله أو الشركة التي يعمل فيها أو قد تكون القصة سرا من أسرار أسرة يعمل لديها أراد البوح به بعيدا عن الجدران وآذانها.

الأكثر قراءة