تكرار أخطاء بيانات موجودات المملكة من السندات الأمريكية

تكرار أخطاء بيانات موجودات المملكة من السندات الأمريكية

نشرت جريدة ''الاقتصادية'' في 30/7/2011 مقالة للكاتبة الموقرة نهى علي بعنوان ''لي ذراع أوباما''. وتحدثت الكاتبة عن الدين الأمريكي، لكن ورد عديد من البيانات غير الدقيقة في هذه المقالة، التي من أبرزها الرقم المتعلق بما لدى المملكة من سندات خزانة أمريكية أو حصتها من الدين الأمريكي. حيث ذكرت الكاتبة أن المملكة تأتي في المركز الثالث عالمياً بعد الصين واليابان في ملكية السندات الحكومية الأمريكية (الدين الرسمي الأمريكي)، حيث وصل إجمالي استثمارات المملكة في هذه السندات حسب الكاتبة إلى 800 مليار دولار. وعلى الرغم من التأكيد على خطأ هذا الرقم مرارا وتكرارا إلا أنه يتم ترديده كثيرا في الصحف، والسبب على ما يبدو هو عملية النقل غير الدقيقة التي يقوم بها الكثير من الكتاب، والتي يقتبسون بموجبها من مقالات أخرى مملوءة بالأخطاء بيانات خاطئة وفي كثير من الأحيان مختلقة.
ومن المؤسف أن الكثير من الكتاب يقتبسون من دون محاولة التحقق من البيانات من مصادرها الأصلية. وتتوافر عن ملكية الدين الأمريكي الأجنبية بيانات دقيقة من المصادر الرسمية في الولايات المتحدة، التي تتصف بياناتها الرسمية بدرجة كبيرة من الدقة والشفافية. وتذكر آخر البيانات الصادرة من وزارة الخزانة الأمريكية في 18/7/ 2011، أن الصين تأتي في المركز الأول بين الدول الأجنبية في ملكية السندات الأمريكية، حيث وصلت موجوداتها من تلك السندات إلى 1159.8 مليار دولار في أيار (مايو) من عام 2011، وإذا أضيفت موجودات هونج كونج إلى موجودات الصين من السندات الأمريكية فإن حصة الصين الإجمالية سترتفع إلى 1281,7 مليار دولار. وهذا الرقم أقل من الرقم الذي ورد في مقالة الكاتبة البالغ 1.4 تريليون دولار. وتأتي اليابان في المركز الثاني في ملكية السندات الأمريكية، حيث وصلت قيمة موجوداتها في أيار (مايو) 2011م إلى 912.4 مليار دولار. وتأتي بعد ذلك المملكة المتحدة في المركز الثالث بموجودات تبلغ 346.5 مليار دولار، وهي أقل بكثير مما لدى الصين واليابان من سندات أمريكية. وتأتي مجموعة الدول المصدرة للبترول، التي من بينها المملكة في المركز الرابع بمبلغ 229.8 مليار دولار في أيار (مايو) من عام 2011. ولم تذكر وزارة الخزانة حصة المملكة بالضبط، لكن يعتقد أن المملكة تحتفظ بأغلبية حصة الدول المصدرة للنفط من السندات الأمريكية. وحتى لو احتفظت المملكة بكل حصة الدول المصدرة للنفط فإن ما لديها من سندات خزينة في هذه الحالة يبلغ نحو ربع ما ذكر في مقالة الكاتبة. ولقد سبق أن تطرقت إلى قضية ملكية المملكة من السندات الأمريكية بشيء من التفصيل وذلك في مقالة معنونة ''المبالغة في موجودات المملكة من سندات الخزانة الأمريكية''، ومنشورة في جريدة ''الاقتصادية'' بتاريخ 27/4/2011م.
وتتوالى الأخطاء في مقالة الكاتبة، حيث ورد أن كل أمريكي يتحمل 46 ألف دولار سنوياً من الدين الأمريكي، وهذه العبارة غير دقيقة، حيث إن المقصود أن حصة كل أمريكي من إجمالي الدين الفيدرالي الأمريكي تبلغ 46.6 ألف دولار في تموز (يوليو) 2011، أي أن إجمالي الدين القومي للفرد يبلغ 46.6 ألف دولار في تموز (يوليو) من عام 2011. كما ورد في المقالة أن على كل أمريكي دافع للضرائب تسديد 130 ألف دولار سنويا من هذه الدين، وهذا غير صحيح، حيث إن هذا الرقم يمثل حصة كل دافع للضرائب من إجمالي الدين العام. ولو كان على كل أمريكي دافع للضرائب تسديد هذا المبلغ سنويا لأفلست أمريكا منذ زمن بعيد.
وورد في مقالة الكاتبة أن العجز التجاري الأمريكي بلغ 1.4 تريليون دولار أمريكي، وهذا غير صحيح، حيث تفيد البيانات الرسمية الأمريكية بأن إجمالي العجز الأمريكي في تجارة السلع بلغ نحو 635 مليار دولار في عام 2010. وهنا تجب الإشارة إلى أن العجز في السلع وحدها ليس كافيا للدلالة على الوضع الخارجي للبلد، حيث يعتبر ميزان الحساب الجاري أكثر أهمية. وبلغ العجز في الحساب الجاري الأمريكي لعام 2010 نحو 470 مليار دولار وهو رقم كبير، لكنه أقل من العجز في الحساب التجاري، حيث تتمتع الولايات المتحدة بفائض كبير في حساب تجارة الخدمات، لكنه ليس كافيا لسد العجز الضخم في تجارة السلع.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم العجز في الحساب الجاري تجري تغطيته بالتدفقات الرأسمالية الضخمة إلى الولايات المتحدة والجزء المتبقي يغطى بالسندات المباعة للأجانب.

الأكثر قراءة