«النواب الأمريكي» يوافق على سقف الدَّين.. والقلق يعود إلى الأسواق العالمية

«النواب الأمريكي» يوافق على سقف الدَّين.. والقلق يعود إلى الأسواق العالمية

أقر مجلس النواب الأمريكي التسوية لرفع سقف الدين العام التي تم التوصل إليها مساء الأحد بين البيت الأبيض والزعماء الديمقراطيين والجمهوريين في الكونجرس، ما أزال الغموض حول تبني النص الذي يتعين إقراره في مجلس الشيوخ الثلاثاء.
وأقر النواب المشروع بأغلبية 269 صوتا مقابل 161، بعد يوم من الغموض حيال إمكانية تبني النص في مجلس النواب خصوصا بسبب تردد عدد من الديمقراطيين غير الراضين عن التنازلات المقدمة من جانب الرئيس باراك أوباما.
وتميز التصويت بعودة النائبة الديمقراطية غابرييل غيفوردز إلى جانب زملائها بعد أشهر على إصابة بالغة تعرضت لها خلال إطلاق نار أودى بحياة ستة أشخاص في أريزونا (جنوب غرب) في كانون الثاني (يناير).
وبعد عودة التفاؤل إلى الأسواق مع الإعلان الأحد عن التوصل إلى هذه التسوية، ما لبثت حالة الحماسة أن خفت سريعا الإثنين وأغلقت العديد من البورصات الأوروبية على خسائر.
فقد أغلقت بورصة باريس على انخفاض بنسبة 2,27 في المائة وهو أدنى مستوى لها منذ آب (أغسطس) 2010 في حين سجلت بورصة ميلانو انخفاضا بنسبة 3,87 في المائة وبورصة فرانكفورت 2,86 في المائة ولندن بنسبة 0,70 في المائة. وفي الولايات المتحدة خسرت وول ستريت 0,31 في المائة عند منتصف النهار.
ولا يشمل الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأحد أي زيادة ضريبية تحت أي شكل كان الأمر الذي قد يثير اعتراض الجناح اليساري للحزب الديمقراطي.
وقال النائب إيمانويل كليفر رئيس مجموعة النواب السود في المجلس في حسابه على موقع تويتر أمس إن "هذا الاتفاق شطيرة من فعل الشيطان مغلفة بالسكر إذا نزعتم الخبز لن تحبوا ما سترونه".
وكان راول غريخالفا رئيس مجموعة النواب الديمقراطيين "التقدميين" في المجلس قد صرح منذ الأحد بأنه "سيناضل ضد إقرار" الاتفاق.
كما أبدت زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي تحفظا وقالت إنها سترى "كيف يمكن أن نساعد" في إقرار الخطة.
وفي الجانب اليميني يثير الاتفاق حفيظة النواب المقربين من تيار "حزب الشاي" المحافظ جدا الذي يطالب باستقطاعات ضخمة من نفقات الدولة الفيدرالية والذين يعارض بعضهم حتى أي رفع لسقف الدين.
ونددت النائبة ميشال باكمان التي أعلنت خوضها الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لاختيار مرشحه للرئاسة تحت راية "حزب الشاي" بهذه التسوية وقالت إنها تتضمن "نفقات كثيرة واستقطاعات غير كافية" مضيفة "على أحد أن يقول لا. وهذا ما سأفعله".
وفي مجلس الشيوخ تبدو فرص إقرار النص كبيرة. وقال زعيم الأغلبية الديمقراطية في المجلس هاري ريد "أمام الكونجرس فرصة فريدة ليظهر للعالم ما نستطيع أن نحققه ليس رغم انقساماتنا وإنما بفضل هذه الانقسامات".
كما اعتبر وزير الخزانة الأمريكي تيموثي غايتنر خلال مقابلة تلفزيونية الإثنين أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأحد سيكون "أمرا جيدا للاقتصاد على المدى الطويل".
وقال غايتنر لقناة إي بي سي إن "هذا الاتفاق لوحده لا ينشئ وظائف. ما يقوم به هو تفادي إلحاق مزيد من الأضرار على المدى القصير".
ويرفع الاتفاق سقف الدين العام الفيدرالي بمقدار 2100 مليار دولار على الأقل ليتيح لوزارة الخزانة الاقتراض بعد الثاني من آب (أغسطس) ويخفض النفقات بمقدار 2500 مليار على مرحلتين وفقا لمكتب الميزانية في الكونجرس وهو هيئة محايدة.
والمرحلة الأولى من خفض النفقات قيمتها ألف مليار دولار على مدى عشر سنوات تبدأ فور إقرار الاتفاق وتشمل قطاع الدفاع وقطاعات أخرى، على أن تكون حصة نفقات الدفاع من هذا الخفض مقدار 350 مليار دولار على عشر سنوات.
والمرحلة الثانية قيمتها 1500 مليار دولار على مدى عشر سنوات أيضا، وستتولاها لجنة خاصة في الكونجرس مؤلفة من عدد متساو من أعضائه الديمقراطيين والجمهوريين تكون مهمتها تحديد أوجه الإنفاق التي ستشملها الاستقطاعات الإضافية قبل عيد الشكر في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وفي حال عدم الاتفاق على هذه التخفيضات يتم تفعيل آلية ملزمة تفرض تلقائيا عددا من الاستقطاعات في الميزانية.
إلا أن مسؤولا في البيت الأبيض أوضح أن هذه الاستقطاعات التلقائية لن تمس الضمان الاجتماعي أو برنامج ميدكير الصحي للمسنين.
وأكد أوباما أن الاتفاق سيعيد النفقات الفيدرالية إلى أدنى مستوى لها منذ 60 عاما لكنه تعهد بعدم تنفيذ ذلك بطريقة "فظة" في حين لا يزال معدل النمو الأمريكي منخفضا (1.3 في المائة) ومعدل البطالة مرتفعا (9.2 في المائة).
وجاءت تعليقات الصحف الأمريكية على الاتفاق غير حماسية وأحيانا منتقدة. وعنونت نيويورك تايمز "اتفاق مفزع، لتفادي الفوضى" في حين أبدت شيكاغو تريبون خشيتها من أن لا يكون النص كافيا لـ "تمكين الولايات المتحدة من المحافظة على تصنيف دينها العام" وهو أعلى تصنيف ممكن حاليا (إيه.إيه.إيه).
كما أثارت الأزمة انتقادات في الخارج. فقد اتهم رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الولايات المتحدة الإثنين بأنها "تتطفل" على الاقتصاد العالمي من خلال تجميعها الديون الهائلة التي تهدد النظام المالي العالمي.
وقال بوتين أمام تجمع شبابي مؤيد للكرملين في وسط روسيا إن الولايات المتحدة "بلد يعيش على الديون، ولا يعيش ضمن إمكاناته، ويلقي بثقل المسؤولية على الدول الأخرى ويتصرف بشكل من الأشكال مثل الطفيليات".
وألمح إلى أن واشنطن ربما فكرت في إعلان التخلف عن السداد لإضعاف الدولار "وخلق ظروف أفضل لتصدير بضائعها".

الأكثر قراءة