رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


"حرب" الأقدام العالمية وحرب الإرهاب الأمريكية

<a href="mailto:[email protected]">nsabhan@hotmail.com</a>

في هذه الأيام تتنافس الأقدام العالمية على البساط الأخضر في مظاهرة عالمية رياضية تشد إليها الأنظار وتستقطب الاهتمام وتحشد حولها المشاعر الوطنية للشعوب التي تمثلها منتخبات في هذا المونديال الكروي العالمي، والتشويق والإثارة لعموم المشاهدين وهم يتابعون روعة التنافس الرياضي الممتع بين صفوة المنتخبات بعد تصفيات شاقة وساخنة، وتسابق بين اللاعبين لإبراز مواهبهم في هذا المحفل العالمي، ولن نبالغ في القول إن كأس العالم باتت هي محور المتابعة على مستوى العالم كله وعلى مدى الأسابيع المقبلة، وأن أخبار المباريات ونتائجها وما يجري فيها تطغى على أي أخبار أخرى مهما كانت أكثر أهمية ومأساوية، كما يحدث في العراق وفلسطين وأفغانستان مثلا، وليس هناك دليل على ذلك أوضح من تجاهل العالم لجريمة مروعة كجريمة ساحل غزة في نفس يوم افتتاح كأس العالم الذي طغى عليها وجذب عنها جل الاهتمام والمتابعة..!!
منافسات كأس العالم لكرة القدم ليست مجرّد أداء لعبة رياضية عادية، بل عرض على مستوى العالم للبراعة والموهبة والقوة والقدرة على مقارعة الآخرين في "حرب" ضروس بين الأقدام العالمية، ولكن ضمن قوانين الرياضة والمرتكزة على التنافس الشريف بين الفرق واللاعبين، وهي حرب لتحقيق الفوز والانتصار وتسجيل الأهداف دون عنف ولا إضرار بالمنافس أو تعد عليه، وهو ما نشهده هذه الأيام على الملاعب الرياضية الألمانية، حيث يجتمع العالم متحدا في جو إنساني مفعم بالسلام والأخوة الإنسانية، وتنافس متاح للجميع لا يطغى فيه أحد على آخر وتساوي في الفرص دون تفريق بين منتخب وآخر، فقانون الرياضة هو القانون الدولي الوحيد الذي يسمح لدولة صغيرة ونامية بالفوز على منتخب دولة كبرى، بل وعظمى كالولايات المتحدة مثلا دون حرج أو قلق من ردة فعل الأمريكان ما دام الجهاز الفني والإداري للمنتخب الأمريكي لا يضم أحدا من المحافظين الجدد، وخاصة من هو على شاكلة السيد رامسفيلد، وما دام جاء ذكره هنا عرضا فلا بد من القول إن السيد رامسفيلد هو أسعد "إنسان" على وجه الأرض بكأس العالم وجذبه للاهتمام وانشغال الناس به وبرحى أجواء التنافس الكروي الذي سوف يزداد مع تقدم التصفيات، وبالطبع هو ليس سعيدا لأنه شغوف ومشجع للعبة كرة القدم العالمية وليس الأمريكية المعروفة بالخشونة والقوة والعنف، بل سعيد لأن العالم سوف ينشغل بمباريات المونديال وهو ما يصرف الأنظار عن أخطاء السيد رامسفيلد القاتلة وأخطاء جنوده المريرة وهم يخوضون ما يسمونه الحرب على الإرهاب، بل أكثر من ذلك، وهو أن فترة البطولة العالمية سوف تكون فرصة له ولجنوده لممارسة هوايتهم في ارتكاب ما يسمونه بالأخطاء الحربية التي لا يعتذرون عنها أبدا، فالعالم وبكل أسف سوف يتابع أجمل أهداف نجم البرازيل رونالدينيو ومهارات زين الدين زيدان إن بقي منها شيء وتحلل لساعات أكثر من متابعة مجزرة بشرية ترتكبها فرقة أمريكية عسكرية في العراق أو أفغانستان، أو مجازر "أولمرت" نجم الإرهاب الصهيوني الجديد وخليفة مجرم الحرب العتيد شارون بجدارة واستحقاق، والذي قدّم نفسه للعالم بأبشع الصور الإرهابية بارتكابه مجزرة ساحل غزة يوم افتتاح المونديال الكروي في تزامن يكشف عن نوعية الإرهاب الصهيوني، وهي الجريمة التي عكسها صراخ الطفلة هدى على سقوط والدها مضرجا بدمائه دون ذنب أو جريرة إلا لأنه أراد قضاء وقت على ساحل البحر هربا من جحيم القصف الصهيوني المستمر على قطاع غزة، وهو ما اعتبره "أولمرت" تهديدا لأمن "إسرائيل" وبرره المتحدث باسم الحكومة الأمريكية بقوله: إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها..!!!
مقارنة حرب الأقدام العالمية بالحرب على الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة بقيادة إدارة بوش ومديرها "الفني" رامسفيلد، ليس فيها أي مقارنة إلا بالاسم فقط، فما نسميه مجازا حرب الأقدام العالمية هي فعلا حرب كل فريق يريد إزاحة منافسه من طريقه صوب البطولة، ولكن هذه الحرب الكروية تجري وفق قوانين رياضية تحرص على التنافس ضمن قواعد أخلاقية رفيعة يهنئ فيها الخاسر المنتصر ويشد الفائز من أزر الخاسر ويتصافح الجميع بروح رياضية فيما يشبه أخلاق الفرسان، أما الحرب الرامسفيلدية ضد ما يسميه الإرهاب فهي حرب مفتوحة ومشرعة للقتل وهدم القرى وسحق البيوت على سكانها وإطلاق الرصاص في أي اتجاه، وإن صادف سقوط أبرياء، فهذا سوء حظهم فقط وليس خطأ الجنود الذين يدافعون عن أنفسهم ضد هجمات "الإرهابيين" المحتلة بلادهم، هذه هي الفوارق ما بين حربين إحداهما إجرامية عدوانية والأخرى تنافسية شريفة ضمن إطار رياضي يشيع المحبة والألفة بين الناس.

لقطة وتعليق:
في مباراة غانا والتشيك التي جرت يوم السبت الماضي كنا نشجع الفريق الغاني بعاطفة صادقة حتى سجل ذلك اللاعب الغاني الهدف الثاني، بعد تسجيل الهدف ذهلنا بالفعل ونحن نراه يرفع علم الدولة الصهيونية "إسرائيل" بدلا من رفع علم البلاد التي يلعب باسمها وتحت علمها، ولم يكن هناك أي تبرير لتصرف ذلك اللاعب الأخرق الذي أساء إلى بلاده في أكبر محفل دولي رياضي فيما يشبه تنصله من غانيته وإعلان صهيونيته، وله الحق في أن ينتمي حتى إلى قبيلة من القرود، ولكن ليس بهذه الطريقة، ولا ندري ما الذي سوف تفعله إدارة المنتخب الغاني تجاه لاعب امتهن البلاد التي يلعب باسمها وتفاخر ببلد آخر، في إشارة منه مهينة لغانا وشعبها ومسؤوليها..!!؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي