طهران صامدة أمام عقوبات جديدة البعض يقول إنها مؤلمة
إذا وصل الأمر إلى حد فرض عقوبات تقول إيران إنها قادرة على تحمل أي شيء يفرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كما هو متوقع لفشلها في الاستجابة إلى المهلة التي انتهت أمس، لوقف أنشطتها النووية الحساسة.
لكن محللين ودبلوماسيين، يقولون إن الاقتصاد الإيراني الذي يكافح مشكلة
البطالة ويجاهد لإيجاد وظائف كافية رغم العائدات النفطية المتنامية سيكون هشا، خصوصا إذا فرضت قيود على استيراد البنزين والتمويل الأوروبي والمكونات الصناعية.
ربما تراهن إيران على أنها لن تواجه عقوبات شديدة قريبا لأن الانقسامات القائمة في الأمم المتحدة قد تبطئ العملية وتقلص العقوبات إلى عقوبات رمزية إلى حد كبير مثل حظر السفر على المسؤولين الإيرانيين أو تجميد أرصدتهم في الخارج وهي إجراءات ترى رابع أكبر دولة مصدرة للنفط أنها قادرة على تحملها. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن علي رضا شيخ عطار نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الاقتصادية قوله "إذا فرضت علينا عقوبات سنوضع تحت ضغط لكن الضغط لن يؤذينا".
ومن جانبه، رفض الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد هذا التهديد، مصرا على أن إيران لن توقف تخصيب اليورانيوم الذي يقول الغرب إن طهران تستغله لتصنيع قنابل ذرية وتنفي إيران ذلك وتقول إنها تريد بناء محطات للطاقة النووية لا أسلحة.
وقال الرئيس الإيراني أمس وهو اليوم الذي يوافق انتهاء المهلة التي حددتها الأمم المتحدة لطهران لتنهي أنشطتها النووية الحساسة إن إيران لن تذعن للضغوط الغربية وتتخلى عن حقوقها.
وقال أحمدي نجاد في خطاب مذاع تلفزيونيا "على الغرب أن يعرفوا أن الأمة الإيرانية لن تذعن للضغوط ولن تقبل بأي انتهاك لحقوقها".
وأعلنت إيران مرارا أن تخصيب اليورانيوم الذي تطالب الأمم المتحدة طهران
بوقفه هو حق من حقوقها لن تتخلى عنه بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي التي وقعتها.
وواصل الرئيس الإيراني لهجة التحدي قائلا لوسائل إعلام محلية أمس "العقوبات لا يمكن أن تثني الناس عن تحقيق تقدم".
واستطرد "أمتنا أمة قوية، أمة تمكنت من امتلاك دائرة الوقود النووي بجهدها ويمكنها حل أية مشاكل أخرى".
ويقول خبراء الاقتصاد إن ثقة إيران قد تكون جزئيا في محلها لأنها تدربت على التعامل مع ما يقرب من عقد من العقوبات الأمريكية التي شجعت على قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي.
وقال المحلل الاقتصادي سعيد ليلاز "لم ننضم إلى الاقتصاد العالمي ولهذا لن نموت تحت وطأة عقوبات اقتصادية محتملة"، لكنه استطرد: إن هذا لا يعني الاستخفاف بالعقوبات كما يلمح بعض المسؤولين.
وأضاف "ستكون العقوبات صعبة ومضرة ومكلفة بالنسبة إلى اقتصاد إيران، وحتى الآن وبسبب العقوبات الأمريكية فقط نحن نخسر ما بين 10 و15 مليار دولار في العام".
ويرى خبراء اقتصاد أن قيود التمويل من جانب بنوك أوروبية وهي الممول
التجاري الرئيس لإيران التي بدأت تتحوط بالفعل بسبب النزاع النووي سترفع تكاليف الإقراض بالنسبة إلى الإيرانيين وتصعب عملية استيراد المعدات.
وحتى الآن تمتلئ الخزانة الإيرانية بدولارات النفط، ما يمكن البنك المركزي الإيراني من دعم قطاع مشاريع الأعمال الذي يحتاج إلى العملة الصعبة. ومن المتوقع أن يبلغ عائد إيران النفطي 54 مليار دولار في السنة المالية الإيرانية
حتى آذار (مارس) عام 2007.
لكن رغم كل هذا الربح والمكاسب، إلا أن النمو الاقتصادي الذي بلغ 5.5 في المائة جاء أقل من توقعات الخبراء كما وصلت نسبة البطالة رسميا إلى 12 في المائة، أما التقديرات غير الرسمية فتتحدث عن نسبة أكبر.
واضطرت إيران إلى استخدام احتياطيات مخصصة للاستخدام فقط وقت تدني أسعار النفط. وحذر البنك المركزي الإيراني الذي لا يملك الكثير من الأدوات لضخ سيولة إضافية في السوق حكومة طهران بالفعل من أن تحفيز الاقتصاد سيؤدي إلى رفع الأسعار.
وقال دبلوماسي غربي "وسادة الاحتياطي ليست وسادة حقيقية، إنها تشكل في
الوقت نفسه خطورة، وإذا واصلت الحكومة ضخ أموال النفط في الاقتصاد سيحدث تضخم أكبر".
وزاد التضخم في إيران الآن على 10 في المائة ويقول اقتصاديون إن ارتفاعا كبيرا في الأسعار سيؤذي بالضرورة فقراء إيران الذين وعد رئيس البلاد مرارا بدعمهم.
كما تعتمد إيران بشدة على استيراد البنزين لأن محطات التكرير المحلية لا تستطيع إنتاج ما يكفي لتغطية الطلب المتنامي بسرعة. فقد أبقى الدعم على سعر لتر البنزين عند تسعة سنتات "34 سنتا للجالون". وهذا يجعل إيران حساسة لفرض قيود على واردات الوقود.
ويشير محللون إلى أن القوى الكبرى قد يساورها القلق من هذه الخطوة وإضرارها بالشعب أكثر من الحكومة وهو ما قد يحدث وضعا اجتماعيا متفجرا في بلد جعلت وفرة الوقود ورخصه المواطنين يعتبرونه حقا لكل مواطن مع الولادة.
ويرى المحللون أن الحكومة الإيرانية نفسها أحجمت عن ترشيد الوقود خوفا من أثره الاجتماعي.
وإذا فرضت العقوبات تقول إيران إنها يمكن أن تخفض إمدادات النفط، ما سيزيد من ارتفاع أسعار النفط العالمية المرتفعة بالفعل. لكن هذه الخطوة قد تكون مكلفة بالنسبة إلى إيران لأن صادراتها النفطية تشكل نحو 80 في المائة من أرباحها من التصدير.
ويبين دبلوماسيون أن أي إجراءات عقابية أمامها طريق طويل.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أمس الأول أن القوى الكبرى من المتوقع أن تبدأ مناقشة مشروع قرار يفرض عقوبات على إيران في اجتماع يعقد في أوروبا الأسبوع المقبل إذا واصلت إيران تحدي مطالب مجلس الأمن الدولي لوقف تخصيب اليورانيوم.