شركات الاتصالات الخليجية تراهن على «البيانات» مع تباطؤ النمو

شركات الاتصالات الخليجية تراهن على «البيانات» مع تباطؤ النمو

يوجد في الإمارات أعلى معدل لانتشار الهاتف المحمول في العالم وهو أكثر من 2.3 هاتف لكل فرد لكن أقل من سدس المشتركين يستخدمون خدمات البيانات عبر هواتفهم.
ويمثل ذلك فرصة نمو فريدة في سوق محلية مشبعة أكثر من ثلاثة أرباع سكانها من مواليد دول أخرى. وهناك كثير من العمال المغتربين الذين يتقاضون أجورا متدنية ينفقون جزءا كبيرا من دخلهم على الاتصال بأهلهم. يقول بابلو (22 عاما) وهو فلبيني يعمل نادلا في مطعم آسيوي في دبي منذ عام ''من المهم جدا أن أتحدث مع عائلتي لكي أعرف ما يحدث في بلادي''. وينفق بابلو ثلث راتبه الشهري الأساسي الذي يبلغ 1500 درهم (410 دولارات) على خدمة الهاتف المحمول المدفوعة مسبقا لكي يتصل بأمه وأبيه وأخته في مانيلا.
ويعد بابلو عميلا مثاليا لشركة الإمارات للاتصالات المتكاملة ''دو'' لكي تعزز نموها في خدمات البيانات بعيدا عن الخدمات الأساسية وهي تنافس مؤسسة الإمارات للاتصالات ''اتصالات'' التي كانت تحتكر السوق الإماراتية في السابق.
ولا ينفق المشتركون محدودو الدخل عادة أكثر من 100 درهم شهريا في المتوسط ويذهب معظمها إلى اتصالات هاتفية ببلادهم. لكن في ظل تراجع أسعار الهواتف وعروض خدمات البيانات من المتوقع أن يختار العمال وسائل رخيصة فيها تفاعل أكبر للاتصال بأحبائهم في الخارج مثل المراسلة الفورية وشبكات التواصل الاجتماعي.
وشكلت خدمات البيانات نحو 15 في المائة من الإيرادات المحلية لشركة اتصالات في العام الماضي و9 في المائة لشركة دو. وبلغت حصة ''دو'' في سوق الهاتف المحمول 40 في المائة منذ إطلاق الشركة في 2007 وهي تحاول الآن زيادة متوسط الإيراد من كل مستخدم عن طريق استهداف رجال الأعمال والعملاء الأثرياء واجتذاب محدودي الدخل إلى مزيد من الخدمات. وقال عثمان سلطان الرئيس التنفيذي لشركة دو ''علينا أن نجد طرقا لتحويل هذه البيانات إلى أموال.. رسوم مختلفة ـــ مستخدمون مختلفون ـــ نظام شرائح مختلف''.
ومعدل انتشار خدمات الهاتف في الإمارات هو الأعلى في العالم إذ يبلغ أكثر من 230 في المائة. لكن 16 في المائة فقط من المستخدمين يدخلون إلى الإنترنت عبر هواتفهم المحمولة وفقا لتقرير من الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات الإماراتية.
وقال عرفان علام محلل قطاع الاتصالات في ''المال كابيتال'': ''لا يزال هناك نمو في السوق.. ولن يأتي من زيادة عدد المشتركين فقط بل من إيرادات البيانات والإنترنت''.
وأضاف ''لا يزال معدل انتشار خدمات البيانات على الهاتف المحمول وخدمات النطاق العريض على الهاتف الثابت منخفضا مقارنة بما في الغرب وبالنسبة إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي''.
وقد جرى شحن نحو 3.5 مليون هاتف ذكي إلى الشرق الأوسط في الربع الأول من 2011 بزيادة 45 في المائة عن الفترة نفسها قبل عام وفقا لشركة كاناليس. ومن المتوقع أن يبلغ معدل النمو السنوي المركب 18 في المائة في الفترة بين 2009 و2014.
وقال بيت كنينجهام كبير المحللين في ''كاناليس'': ''كل شركات الاتصالات تروج للهواتف الذكية لأنها تؤدي إلى زيادة استخدام البيانات''.
وقد شكل نمو استخدام البيانات مفاجأة للشركات الإقليمية وجعلها تدرك أن عليها أن تطور أسعارها وقدرتها على تقديم هذه الخدمات.
وقال مارك بيوسكا الخبير في شركة إيه تي كيرني: ''هناك طفرة في حركة البيانات بينما لا تنمو الإيرادات بالمعدل نفسه وهذا يجعل الاستثمارات المطلوبة للحفاظ على مستوى الخدمات تلتهم العوائد على استثمارات شركات الاتصالات''.
وقال مارتن مابوت محلل الاتصالات في ''نومورا''، إن شركات الاتصالات قد تنشئ نماذج أعمال جديدة أكثر تعبيرا عن الاستخدام الفعلي للشبكات بحيث ترفع أسعار خدمات البيانات وتقلص أسعار الخدمات الصوتية.
وأضاف ''الفرق في أسعار المكالمات والبيانات بات شيئا من الماضي.. إيرادات البيانات سترتفع لا محالة. المسألة هي زيادة عدد مستخدمي البيانات. كل المشتركين يستخدمون هواتفهم للمكالمات لكن قلة قليلة هي التي تستخدم البيانات إلى جانب الرسائل القصيرة''.
ويبدو أن ''فودافون قطر'' وجدت طريقة للتحول من الخدمات الصوتية إلى البيانات دون المشقة الكبيرة التي يتحملها نظراؤها في المنطقة.
وقد استهدفت ''فودافون قطر'' التي بدأت عملياتها في 2009 السكان محدودي الدخل كما فعلت ''دو''. وتتيح الشركة للمشتركين الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل فيسبوك مجانا وأصبحت حصتها في السوق القطرية 45 في المائة وحصتها في الإيرادات 25 في المائة.
ويحصل المشتركون في ''فودافون قطر'' مجانا أيضا على عشرة ميجابايت من البيانات شهريا إذا أعادوا شحن رصيدهم مرة واحدة على الأقل. وأصبح أكثر من نصف المشتركين يستخدمون الإنترنت عبر الهاتف المحمول حاليا. وقالت دييت كريستي مديرة خدمات الإنترنت في ''فودافون قطر'': ''استخدام البيانات يشهد طفرة.. في سوق مثل قطر لا تمتلك الأغلبية أجهزة كمبيوتر لكن الجميع لديهم هاتف محمول. منح المشتركين كميات مجانية من البيانات سيجعلهم مرتاحين ومستعدين لاستهلاك إضافي. هذه البيانات المجانية تشكل تدريبا للكثيرين على استخدام الإنترنت عبر المحمول''.
وقال خليفة صالح هارون مدير استراتيجية الإنترنت والشركة في ''فودافون قطر'': إن المواقع الأكثر شعبية هي مواقع التواصل الاجتماعي ثم المنتديات ومواقع الأخبار.
وقالت كريستي ''يمكنك الدخول إلى الإنترنت عبر الهواتف الرخيصة الآن حتى لو كان هاتفا يدعم خدمات الجيل الثاني فقط''.
وأضافت ''قد لا تكون هذه هي الطريقة التي تريدها وأريدها أنا لكن إذا كانت هذه هي وسيلة البعض للتحدث مع أصدقائهم وعائلاتهم في بلادهم فإنهم سيفعلون ذلك''.
من ناحية أخرى، تمثل السعودية سوقا فريدة إذ إن خدمات النطاق العريض على المحمول حققت نجاحات ملموسة نظرا لضعف خدمات الإنترنت عبر الهاتف الثابت في المملكة. وكل ثلاثة مستخدمين للهاتف المحمول يقابلهم اثنان يستخدمان خدمة النطاق العريض على المحمول ـــ وهذه سادس أعلى نسبة في العالم ـــ وفقا لبيانات الاتحاد الدولي للاتصالات.
وشجعت التقاليد الاجتماعية والدينية المحافظة في السعودية على زيادة الطلب على هذا النوع من خدمات المحمول.
وخدمة المراسلة على بلاكبيري وموقع فيسبوك هما عادة أسهل الطرق للتواصل بين الشبان في السعودية إذ إن أعمار ما يقرب من ثلثي السكان أقل من 30 عاما. ولذلك شكلت خدمات البيانات نحو 18 في المائة من إيرادات شركة اتحاد اتصالات (موبايلي) العام الماضي. وتمتلك ''موبايلي'' أيضا 70 في المائة من سوق خدمات النطاق العريض على المحمول في السعودية. وأكثر من عشر مشتركيها الذين يبلغ عددهم 22 مليونا مستخدمون نشطون لخدمات البيانات.
وقال مدحت عامر المدير التنفيذي للمعلومات في ''موبايلي'': ''نمونا ينبع من ذلك (خدمات البيانات على الإنترنت).. إلى أي مدى يمكن رفع أسعار المكالمات أكثر من ذلك...''. وأضاف ''لقد أنشأنا نماذج استخدام جديدة عن طريق ترويج الهواتف الذكية بكثافة''.

الأكثر قراءة