عمليات «احتيال هاتفي مكثفة» تطال أصحاب الحسابات المميزة في البنوك

عمليات «احتيال هاتفي مكثفة» تطال أصحاب الحسابات المميزة في البنوك

تعرض مجموعة من أصحاب الحسابات البنكية المميزة خلال الأسابيع الماضية لعمليات احتيال بعد تلقيهم اتصالات هاتفية من أشخاص يزعمون أنهم موظفو بنوك، حيث نتج عن ذلك تحويل مبالغ مالية طائلة إلى حسابات خارج المملكة أو حسابات تعود لأشخاص وافدين.
ويتقمص المحتال بحسب ـ سليمان الأحمد أحد المتضررين ـ شخصية أحد كبار خدمة العملاء المعروفين في البنك، وذلك بداعي تحديث بيانات الحساب عبر جواله الخاص كخدمة خاصة للعميل، ويستدرج الشخص المزعوم العميل خلال الحديث معه لتزويده ببعض البيانات كرقم توثيق العمليات الذي يرسله عادة البنك عند التحويل أو إجراء عمليات على الخدمات المصرفية عبر الهاتف.
ويضيف الأحمد، اكتشفت مباشرة بعد تلقي الاتصال إنني تعرضت مع نهاية دوام الأربعاء الماضي إلى عملية احتيال أسفرت عن تحويل مبلغ 100 ألف ريال من رصيدي إلى حسابات متعددة تعود إلى عمالة وافدة من جنسيات عربية مختلفة، مؤكدا أن المتصل يتمتع بشخصية موظف البنك، ويتحدث بثقة عالية ولديه معلومات كثيرة عن الحساب، ما يدل على تسرب البيانات من البنوك بحسب وصفه.
ويقول عبدالله سليمان متضرر آخر، إنه حاول إيقاف عملية التحويل بعد تلقيه اتصالا من محتال ادعى أنه موظف بنك، من خلال الاتصال مباشرة بخدمة العملاء في بنكه، إلا أن الموظف رفض بحجة أن هذا ليس من صلاحياته، وطالبه بمراجعة مؤسسة النقد.
وأضاف، بعد البحث بشكل شخصي توصلت لأسماء أحد من حولت لهم النقود وهو من العمالة الوافدة ولدى الاتصال به قال إنه وقع ضحية لإحدى عمليات احتيال، حيث طلب منه أحد أبناء جيرانه رقم حسابه لتحويل أموال لوالده ليكتشف أن جاره ـ على حد قوله ـ استغل حسابه الشخصي في تحويل أموال مختلسة من حسابات متعددة إلى حسابه تتوزع ما بين 27 ألف ريال إلى 100 ألف، موضحا أن ذلك الشخص قام برد جزء من المبلغ المختلس مع تزويده باسم ومكان المختلس، الذي لا يتجاوز عمره 23 عاما، وحاصل على بكالوريوس في إدارة الشبكات والبرمجة متسائلا ما الطريقة لإعادة باقي المبلغ بعد تسرب معلومات عن حسابه وأرقامه السرية وهو يجهل من سربها؟
وأكد لـ"الاقتصادية" أحمد الجبير مستشار مالي وعضو جمعية الاقتصاد السعودية أنه لاحظ خلال الفترة الماضية والحالية تزايد حالات الاحتيال والاختلاسات المصرفية نتيجة تزايد المحتالين الذين يتقمصون صفة موظفي البنوك من خلال الاتصال على العملاء مباشرة وخداعهم للوصول إلى الأرقام السرية أو أرقام التوثيق، مؤكدا أن التقدم التقني والإلكتروني زاد من عمليات الاختلاس والاحتيال المصرفي في ضوء عدم وجود أنظمة وقوانين في المملكة تحمي أصحاب الحسابات، فضلا عن ضعف التوعية من قبل البنوك حول جرائم الاحتيال والنصب، ما نجم عنه استغلال أصحاب النفوس الضعيفة هذه الثغرات للاحتيال عبر الاتصال الهاتفي، مبينا أن واقعة النصب في مثل هذه الحالات لا يتحملها البنك، ولا يلغي عمليات التحويل التي تمت باعتبار أنها تمت بموافقة العميل.
وانتقد الجبير ضعف الأنظمة والقوانين في اتخاذ الإجراءات السريعة في حال اكتشاف عمليات النصب، منوها أن الإجراءات طويلة وتحتاج إلى اللجوء إلى الأجهزة الأمنية وإثبات حالة الاختلاس، ما قد يسهل على المحتال التصرف في الأموال من خلال سحبها أو توزيعها على عدد من الحسابات المتعددة، معتبرا أن معظم من وقع ضحايا عمليات الاختلاس المصرفية هم من عملاء البنوك، ومع ذلك لا يستطيع البنك حماية حساباتهم أو إيقاف حساب المختلس إلا بموافقة مؤسسة النقد، مطالبا البنوك بتحمل المسؤولية الإدارية عند حصول عملية الاختلاس، واتخاذ قرار إداري عاجل بوقف حساب المختلس في الحال ولو لعدة أيام لحماية عملائه في مثل هذه الحالات واسترداد الأموال المسروقة بغير حق.
من جانبها، أكدت رزان الرواشدة مستشارة قانونية، أن هذا النوع من الاحتيال يعد من الجرائم السريعة ينفذها أشخاص يمتازون بالذكاء الشديد لذلك يقع كبار الشخصيات حتى المتعلمون فخا سهلا للمحتالين، مبينة أن مثل هذه الحالات يستدرج فيها المحتال الذي يتميز بقدرته على الإقناع ولديه الإجابات والمعلومات الجاهزة والسريعة على استفسارات العميل، محذرة بأن تحديث البيانات لا يتم عبر الهاتف للعملاء إنما في مقر البنك، وهو الأسلوب الذي يلجأ له المحتالون لاستدراج صاحب الحساب، وتحويل الأموال أثناء محادثته من خلال الإنترنت.
ونبهت الرواشدة أن استخدام أجهزة الهاتف في الفنادق تسرب معلومات الحساب البنكي كونها تسجل عادة جميع الأرقام التي يستخدمها العميل من هاتف غرفته، ومنها أرقام الحساب والأرقام السرية خلال استخدامه خدمات البنك الهاتفية أو الرد على رسائل SMS التي تدعي فوز صاحب الجوال بجائزة مالية وتطلب منه تزويدهم برقم الحساب من أساليب الاحتيال الحديثة.
وأكدت ضرورة الاحتفاظ بإيصالات الصراف الآلي وعدم إلقائها بعد الاطلاع عليها كون بعض المختلسين يقومون باستغلال المعلومات الموجودة في الإيصال في النصب مطالبة أصحاب الحسابات بعدم التجاوب مع أي اتصال يدعي أنه من موظف بنك أو تزويده بالأرقام السرية حتى لو ثبت أن المتصل موظف بنك، خاصة أن بعض المحتالين قد يستخدم رقما شبيها للبنك، وقد يكون لديه معلومات كاملة عن الحساب والعمليات التي تمت عليه، لافتة إلى أن أرقام التوثيق والأرقام السرية الخاصة بالعمليات المصرفية لا يجب أن يطلع عليها أي إنسان، سواء كان من البنك أو خارجه.

الأكثر قراءة