البيع الآجل (9)
تناولنا في الحلقات السابقة مجموعة من صيغ التمويل المستخدمة في المصارف الإسلامية وهي صيغة (التمويل بالمرابحة للآمر بالشراء)، وصيغة (بيع الاستصناع)، وصيغة (التأجير مع الوعد بالتملك) وصيغة (المشاركة الثابتة المنتهية)، وصيغة المشاركة المتناقصة، وصيغة (المشاركة المتغيرة) وصيغة (بيع السلم)، وصيغة (المضاربة)، وسوف نتناول في هذه الحلقة موضوع التمويل عن طريق البيع الآجل.
مفهوم البيع الآجل (البيع بالتقسيط)
البيع الآجل هو أن يتم تسليم السلعة في الحال مقابل تأجيل سداد الثمن إلى وقت معلوم، سواء كان التأجيل للثمن كله أو لجزء منه، وعادة ما يتم سداد الجزء المؤجل من الثمن على دفعات أو أقساط، فإذا تم سداد القيمة مرة واحدة في نهاية المدة المتفق عليها مع انتقال الملكية في البداية فهو بيع آجل، وإذا تم سداد الثمن على دفعات من بداية تسلم الشيء المباع مع انتقال الملكية في نهاية فترة السداد فهو (البيع بالتقسيط).
مشروعية البيع الآجل
البيع الآجل والبيع بالتقسيط قد يكون بالسعر الذي تباع به السلعة نقدا، وهذا لا خلاف في جوازه، بل هو عمل يؤجر فاعله، وقد يكون البيع الآجل بسعر أكبر من الثمن الحال وفي هذا اختلاف بين الفقهاء، أجازه جمهور الفقهاء، وصورته أن يقول صاحب السلعة لمشتري هذه السلعة ثمنها مائة إذا دفعت الثمن الآن ومائة وعشرة إذا دفعته بعد سنة، ويتم البيع على هذا.
وقد منع بعض الفقهاء هذا البيع بحجة أن هذه الزيادة ربا، ورأي الجمهور أرجح لأن هذا بيع تراض، فتدخل في عموم قوله تعالى: "وأحل الله البيع وحرّم الربا...". البقرة (آية 275). وقوله تعالى: "يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ...." النساء (آية 29).
تطبيق البيع بالتقسيط بالمصارف الإسلامية
وتسلك المصارف الإسلامية طريق البيع الآجل أو البيع بالتقسيط بثمن أكبر من الثمن الحالي في حالتين:
الأولى: في معاملاتها مع التجار الذين لا يرغبون في استخدام أسلوب التمويل بالمشاركة، وهذه الطريقة هي البديل لعملية الشراء بتسهيلات في الدفع التي تمارسها البنوك التجارية.
الثانية: في المعاملات التي يكون فيها المبلغ المؤجل كبيرا والآجل طويلا.
إجراءات تطبيق بالبيع بالتقسيط بالمصارف الإسلامية
وقد تبين من الواقع العملي استخدام هذه الصيغة في العديد من المصارف الإسلامية لتمليك وسائل الإنتاج الصغيرة للحرفيين مثل سيارات الأجرة.
ومن أنسب المشاريع التي يمكن للمصارف الإسلامية تمويلها باستخدام هذا الأسلوب بيع الوحدات السكنية، فالبيع الآجل (البيع بالتقسيط) في هذه الحالة هو البديل المناسب لسلفيات المباني بالفائدة التي تمارسها البنوك التقليدية (البنوك العقارية).
وسوف نستكمل بمشيئة الله عرض بدائل التمويل التقليدي، التي يمكن أن تستخدم في المصارف الإسلامية ثم نحاول الإجابة عن السؤال الذي طرح سابقا وهو: لماذا تعتمد المصارف الإسلامية على صيغة أو اثنتين فقط في تمويل العملاء؟