الشركات الخليجية تلجأ إلى أسواق الدين لإعادة تمويل استحقاقات بقيمة 60 مليار دولار
تخلفت الشركات في منطقة الخليج عن ركب الكيانات شبه الحكومية في إصدار السندات متأثرة بالأزمة الائتمانية والاضطرابات الإقليمية، لكن في ظل استحقاقات بقيمة نحو 60 مليار دولار تحتاج إلى إعادة تمويل بحلول عام 2012، قد يقرر مزيد من تلك الشركات إصدار سندات لاجتذاب المستثمرين الأجانب.
ويقول مستثمرون: إن الشركات التي تلجأ إلى أسواق الدين يمكن أن تتوقع طلبا جيدا وهو ما يرجع جزئيا إلى قلة إصداراتها، مقارنة بالكيانات شبه الحكومية، فضلا عن العوائد المرتفعة لهذه السندات. لكن في المقابل يجب أن تكون الشركات مستعدة لفتح دفاترها للتدقيق وتحمل علاوة مخاطر إقليمية كبيرة.
وقال ستيف كوك مدير سندات شركات الأسواق الناشئة في شركة باين بريدج ذراع إدارة الأصول لشركة أيه. أي. جي: "الاحتياج إلى إعادة التمويل في هذه المنطقة أكثر منه في أي مكان آخر في 2011، كنا نتوقع إصدارات أكثر بكثير من المنطقة لكن هذا لم يحدث حتى الآن". وأضاف: "ما نفهمه هو أن الصفقات المحتملة كثيرة، إنها مسألة توقيت ليس إلا". وتابع: "إذا كانت (الشركات المصدرة) واقعية في التسعير وعرضت علاوة إصدار جديدة فمن المرجح أن يكون الطلب قويا على هذه الصفقات".
ولم تتمكن أي شركة منذ بداية هذا العام من الحصول على صفقة سندات دولارية بعيدا عن الخليج، إلا "إعمار العقارية" وذلك قبيل اندلاع الاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لكن في ظل انخفاض فوارق عوائد السندات أكثر من كل مستوياتها في العامين الماضيين في دبي ووجود خطط ضخمة للبنية التحتية والتنمية الاجتماعية في دول المنطقة، من المتوقع أن يتغير ذلك. كما أنه لا يزال الإقراض المصرفي غير منتظم حتى في أحسن أحواله، وفي ظل تعهدات الحكومة بتطوير أسواق رأس المال يصبح إصدار السندات مصدرا طبيعيا لجمع رأس المال.
وتتردد الشركات الخليجية في اللجوء إلى أسواق السندات العالمية وسط وضع أمني متقلب في المنطقة وخروج تدريجي من أزمة ديون دبي. لكن أداء الحكومات والكيانات المملوكة للدولة والبنوك كان أفضل من ذلك وإن جاءت إصداراتها اغتناما للفرص، حيث استفادت من السيولة في ماليزيا وسويسرا لتنويع مصادر تمويلها. وتعد ماليزيا جذابة على وجه الخصوص لوجود المستثمرين في الأصول الإسلامية، بينما أتاح إصدار عدد من البنوك الخليجية سندات بالفرنك السويسري هذا العام تمويلا أقل تكلفة. وكانت المحصلة أن الخليج لم يشكل إلا جزءا ضئيلا من إجمالي إصدارات الشركات في الأسواق الناشئة الذي بلغ 69 مليار دولار في الربع الأول من العام.
ومن المتوقع أن تأتي الإصدارات المحتملة من قطاعات لديها خطط توسعية كبيرة مثل التجزئة والضيافة والسياحة، بينما تبحث البنوك عن أنشطة جديدة تحقق لها إيرادات من الرسوم. وقال أندرو ديل المدير الإقليمي لأسواق الدين في أتش. أس. بي. سي: "ستتم الصفقات في الأماكن الأكثر استقرارا". ولن يكون أمام الشركات التي ترغب في الإصدار التي لا يمتلك عديد منها تصنيفات ائتمانية خيارات كثيرة عدا أن تفتح دفاترها. وتتمتع الكيانات شبه الحكومية بضمانات مباشرة أو غير مباشرة. وقال ديل: "رغم أن الإفصاح يزداد إلا أن المنطقة لا تزال متأخرة عن العالم المتقدم في هذا الجانب". وقد تسببت قلة الشفافية وبطء الإصلاحات التنظيمية لحوكمة الشركات والمعايير المحاسبية في إعاقة تكون ثقافة ناضجة للشركات في المنطقة. وقال تومي تراسك محلل الشركات لدى ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني: "أخرت الاضطرابات الإقليمية بعض الجهات المصدرة وليس كلها عن المضي قدما في عملية التصنيف".