مخاوف من ركود اقتصادي عند ارتفاع البرميل فوق 150 دولارا

مخاوف من ركود اقتصادي عند ارتفاع البرميل فوق 150 دولارا

قد ترتفع أسعار النفط إلى أكثر من 150 دولارا للبرميل قبل أن يدفع ذلك العالم المتقدم إلى الانزلاق إلى حالة ركود، وهو ما يترك للبلدان المنتجة مجالا لمواصلة تحقيق الإيرادات النفطية دون تقويض الطلب على الوقود.
وقال ممثلون للبلدان المستهلكة: إن الأسعار ارتفعت بما يكفي للتأثير سلبا على استهلاك الوقود، لكن وكالة الطاقة الدولية ومنظمة أوبك تركتا توقعاتهما لنمو الطلب على النفط دون تغيير في تقريرين لهما هذا الأسبوع.
ويرى بعض المحللين، أن القاعدة العامة للارتفاع الذي يسبب ركودا وتداعيات كبيرة على الطلب على الوقود هو أن يبلغ 100 في المائة سنويا، وهو ما يعني تجاوز الأسعار للمستوى القياسي المسجل في 2008 البالغ 147.27 دولار للخام الأمريكي.
وقال ريتشارد باتي من شركة ستاندرد لايف انفستمنتس: ''الخطر هو أنه إذا استمرت الأسعار في الارتفاع فإن أي تباطؤ في النمو سيكون أشد وطأة وسيزيد احتمالات الركود. هذا وارد الحدوث بعد ارتفاع أسعار النفط 100 في المائة''. وحتى الآن تقل الزيادة عن نصف هذه النسبة.
وسجل مزيج برنت الذي يقود الصعود الحالي أعلى مستوى في عامين ونصف العام فوق 127 دولارا للبرميل، مرتفعا 49 في المائة عن مستواه قبل عام ونحو 40 في المائة عن مستواه في نهاية 2010.
والمقاييس الأخرى التي يستخدمها باتي واقتصاديون آخرون تفيد بأن كل ارتفاع بمقدار عشرة دولارات للبرميل يضيف - في حال استمراره - 1 في المائة إلى التضخم ويلتهم 0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ورغم أن كثيرين قالوا إن من الصعب تحديد مستوى الخطر على وجه الدقة، إلا أن كثيرين أيضا اتفقوا على أن هناك مجالا لمزيد من الارتفاع قبل حدوث ركود. بل إن صندوق النقد الدولي الذي أشار إلى أن أسعار النفط تشكل خطرا قال: إنه ''لا يرى خطر ركود حتى الآن''. وقال الصندوق في تقرير نشر الإثنين: ''حجم صدمة المعروض النفطي الفعلي بالمقارنة مع المستويات التاريخية متوسطة حتى الآن''. وأضاف: ''رغم أن هذه الارتفاعات (في الأسعار) تستحضر شبح الركود التضخمي الذي حدث في السبعينيات.. من المستبعد أن تخرج الانتعاش عن مساره.''
وقال ناريمان بهرافيش، كبير الاقتصاديين في اي.اتش.اس جلوبال انسايت: ''إن النفط لن يوقف القوة الدافعة للاقتصاد العالمي قبل أن يتجاوز نطاق 150 إلى 160 دولارا''.
وهناك بالفعل تقارير كثيرة بأن ارتفاع أسعار النفط هذا العام جعل بعض الأسر تحد من استهلاكها للوقود، لكن صدمة الأسعار في 2008 والقفزات السابقة جعلت المستهلكين أكثر تحملا.
وقال لورانس إيجلز من جيه.بي مورجان: ''السؤال هو هل يمكن اعتبار أسعار النفط اليوم صدمة، رغم أننا شهدناها من قبل. في 2008 ظلت أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل لنحو سبعة أشهر''. ''تظهر السبعينيات أن المستهلكين يمكن أن يعتادوا على مستويات الأسعار المرتفعة، وأن النمو الاقتصادي يمكن أن ينتعش في مناخ الأسعار المرتفعة''.
ولا تزال أول صدمة أسعار في السبعينيات هي الأضخم، حيث تضاعفت أسعار النفط نحو أربع مرات بسبب الحظر العربي للنفط. وأعقب ذلك صدمة ثانية في نهاية العقد وبداية العقد التالي بسبب الثورة الإيرانية، ثم غزو العراق لإيران.
ولذلك غيرت الاقتصادات المتقدمة سلوكها لتصبح أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة وأقل تأثرا بارتفاع الأسعار.
ولا تزال الاقتصادات الناشئة تواجه صعوبة في الموازنة بين النمو الاقتصادي والكفاءة في استهلاك الوقود وفي إلغاء الدعم، الذي يخفض تكلفة الطاقة ويشجع على زيادة الاستهلاك، بشكل تدريجي.
ورفعت الصين، أكبر مستهلك للطاقة في العالم وثاني أكبر مستهلك للنفط بعد الولايات المتحدة، أسعار بيع الوقود بالتجزئة بما يرواح بين خمسة و5.5 في المائة إلى مستويات قياسية، لكن من المتوقع أن يكون الأثر محدودا؛ لأن هؤلاء الذين لديهم ما يكفي لشراء سيارة في الصين لا يزال بإمكانهم دفع ثمن الوقود.
وقال داي جيا تشوان الباحث في شركة سي.ان.بي.سي الصينية المملوكة للدولة: ''سواء كان السبب هو الاستهلاك الفعلي للوقود أو مؤشرات على مبيعات منتجات نفطية فلا أتوقع تراجعا كبيرا في الطلب على النفط''. كان سبب الركود في 2008 في المقام الأول هو الأزمة الائتمانية. ولا يمكن أن يعزا انهيار الطلب على الطاقة بشكل مباشر إلى ارتفاع سعر النفط. وتكون قفزات سعر النفط الناجمة عن تعطل الإمدادات عادة هي سبب الانهيار الاقتصادي. وجاء ارتفاع الأسعار هذا العام مدفوعا بنقص محدود نسبيا. وكانت ليبيا البلد العضو في أوبك تضخ نحو 1.6 مليون برميل يوميا قبل توقف معظم إنتاجها بسبب العنف في البلاد. وتملك دول أوبك الأخرى ما يكفي من الطاقة الإنتاجية الفائضة لتعويض النقص.

الأكثر قراءة