رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


وزارة الإسكان وأهمية دراسة التركيبات السكانية

إن إنشاء وزارة للإسكان في زمن عز فيه الإسكان وأصبح هاجس كل الأوطان، ليعد أكبر تحد سيواجه منسوبيها. هذا التحدي ليس لأنها أنشئت بعد دراسة متعمقة أو تأن في إيجاد الأرضية الصلبة للبداية الحقيقية، ولكن فيما تكرس وتولد عبر السنين من معاناة للأفراد أو تفاقم مشاكل مؤسسات أو تعدد الجهات المعنية والمسؤولة أو عدم اكتمال تنظيم محدد بسياسات وإجراءات واضحة، إضافة إلى ذلك زيادة مطردة في نسبة السكان واختلاف تركيبتهم من منطقة إلى أخرى ومن حقبة زمنية إلى أخرى؛ ويزيد من تعقيد هذه الهاجس ضبابية وضعف تعاون باقي الجهات الممكن أن يكون لها علاقة وأهمية في مسيرة الإسكان التي تتعلق ببعض القضايا، وتتقدم أخرى عن غيرها بشكل بارز ويبدأ القلق يسود القطاع مما يدخل الجميع في دائرة المعرفة وتبدأ الفتوى.
واقعيا ولأن كم العمل المطلوب بعد لملمة شتات القطاع يتطلب وقتا لأداء المهام ابتداء من وضع الاستراتيجية وحتى تمليك ما لا يقل عن 80 في المائة من السكان سكنهم، (إذا كانت هذه الاستراتيجية) فإن أكبر التحديات الحالية هي: (1) الوقت: حيث تحقيق الرغبات والأماني خلال عام أو اثنين سيسير عكس ما تأمله الوزارة من المجتمع بالصبر على النتائج ووضع الحلول بمنهجية ومرحلية منطقية. (2) إيجاد استراتيجية واضحة ومراجعة من عدة جهات وطبقات بما فيهم المجتمع نفسه. (3) إخراج نظام وخطط تنفيذية هدفها تقنين سياسات وإجراءات العمل ومهام عدة مثل التثمين والترخيص والتمويل والتصديق والإنشاء والتعمير... إلخ. (4) رصد 250 مليار ريال لحل المشكلة وبجانبها 500 ألف ريال لكل مقترض للمساعدة في بناء أو شراء سكنه الذي يعني أن هناك 10 ـــ 20 مليار أخرى للحلول الفورية. هذا يؤدي إلى التساؤل: هل هذه من ضمن ميزانية الوزارة أم ستكون الميزانية رقما إضافيا يدعم حركة الإسكان، أم أن هناك تحويرا وتعديلا للمنتج النهائي لهذا القطاع؟ (5) التوقيعات التي حددت وقررت إزالة أحياء أو تأسيس أخرى والنظرة الآن وزارية شمولية واستراتيجية شاملة. (6) نتائج الدراسات السابقة: حيث (أ) صدر ونشر عديد من الدراسات خلال السنتين الماضيتين من جهات عدة، وأكدت أن الرياض في حاجة إلى 20 ألف وحدة سكنية سنويا لمدة 15 عاما. في حين جدة في حاجة إلى 100 ألف وحدة سكنية لمدة عشر سنوات أي مليون وحدة سكنية وهكذا لكل محافظة ومنطقة. هذا قاد دراسة شاملة أخيرة إلى توقع حاجة المملكة إلى 4.5 مليون وحدة سكنية يجب أن تؤمن خلال العقد القادم على أقل تقدير. في مقابل ذلك (ب) ما زالت الشواغر غير محصورة و(ج) بمرور العالم بكثير من التغيرات البيئية فإن مواصفات البناء ستكون قضية أخرى ستحاول الوزارة شمولها حيث تختلف المنطقة الغربية والشمالية الغربية عن الوسطى والجنوبية من حيث النشاط الزلزالي والحركة البركانية. إضافة إلى (د) تصور هيئة الطاقة في تأسيس محطات للطاقة البديلة في أنحاء المملكة، مما يدعو إلى تنظيم عام لمواقعها بالتنسيق مع عديد من الجهات. هذا إضافة إلى (هـ) طاقات شركات الكهرباء الحالية والمستقبلية ومعادلة المسيرة. أما بالنسبة إلى (و) اعتماد ''التركيبة السكانية'' المناسبة فذلك يعني أن الدراسات تحتاج إلى تمحيص ومراجعة وتحديث كل عام لما لواقع وضعنا الاقتصادي من ميزة جذب لجميع أمم الدنيا في المجالات كافة، مما يجعلنا أمام متطلبات لا حصر لها تعتمد بشكل أساس على العلماء والمفكرين والمسؤولين في الجهات المختلفة لتوفير أفضل البيانات المكونة للرأي السديد ــــ بإذن الله.
هذا غيض من فيض ولكن علينا أن نفتح الحوار للحصول على حلول تجعلنا مجتمعا إيجابيا لا يعطل مسيرة ولا يقف أمام العقبات مستسلما للحيرة. أتمنى أن نفتح الحوار ما بين المجتمع والمسؤولين في جميع المناطق دون استثناء. قد يتطلب ذلك إيجاد 13 مديرية بإداراتها المماثلة للوزارة مؤقتا وتشكيل فرق محلية تُدرَّب على تناول مواضيع الإسكان بمنطقية منهجية وليست مجرد مكاتب عقارية. قد ننظر إلى أن يكون حجم الوزارة كبيرا ولكن التقنية ستكون همزة الوصل بين القطاعين الخاص والعام وستركز العددية في إدارات المراقبة والتقييم والدراسات المستقبلية.
إن التطور الملحوظ والشاهد على النهضة في مملكتنا الحبيبة يمكن أن يشاهد في عشر مدن رئيسة مقياسا لمدى المفارقة بين المدن وحتى في داخل المدينة في وضع الإسكان. هذا لأن توزيع السكان أصولهم وأنشطتهم واهتماماتهم ومتطلباتهم مختلفة ومتغايرة لم تشمل يوما في استراتيجية وخطط تنفيذية تقود لحسم الأمور الآن بشكل سريع ودقيق. فبالإجابة عن: أي المناطق أكثر حاجة للإسكان؟ ما معايير قياس ذلك والتقويم؟ كم من السكان أطفال يحتاجون إلى مدارس وجامعات؟ كم نسبة الإعاقة بينهم لتحديد الأولوية؟ هل بينهم وافدون يؤدون أعمالا لمواطنين؟ هل هناك مشاريع مستقبلية تعنى بتوظيف الشباب في المنطقة أم لا؟ هل معدل النمو السكاني متساو بين المناطق أم متفاوت، وما حدود التفاوت؟ ما أكثر المناطق صعوبة في التضاريس الجغرافية؟ ثم متى ستبدأ مطالبة الأبناء بسكن منفصل مرة أخرى ليعيدوا الدورة بشكل جديد ومختلف؟... إلخ، شريطة التأكد من أن الأرقام ''حقيقية واقعية'' وليست ''تجارية استهلاكية'' فإننا سنكون على الطريق ـــ بإذن الله. هنا يمكن أن نشير إلى أن إيجاد العلاقة بين هذه العوامل وغيرها وربطها بالواقع لتحديد ماهية المطلوب وحجمه وتخصيص المبالغ بناء على الاحتياج ومن ثم متابعة ومراقبة الأداء وما يستجد، هو الدليل إلى تطوير قطاع الإسكان وقيادته لبر الأمان. والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي