شراك الفقر .. دلائل على التأثيرات السيئة للبيئة الاجتماعية

شراك الفقر .. دلائل على التأثيرات السيئة للبيئة الاجتماعية

احتل البحث عن أسباب وتبعات التباين الاقتصادي المستمر في داخل الدولة وبين الدول المختلفة مكانا مهما في المناقشات العامة والأكاديمية لعشرات السنين. في هذا الكتاب تقوم مجموعة من الباحثين الرواد في هذا المجال بإلقاء الضوء على بعض من أهم أسباب وطرق نشوء ظاهرة الفقر.
تعتمد معظم المعتقدات الشائعة عن الفقر، وكذلك السياسات العامة التي تهدف إلى التقليل من معدلات الفقر، على فكرة أن أولئك الذين ولدوا في الفقر يمكنهم الفرار من شراكه. ولكن استمرار الفقر وفجوة التفاوت الاقتصادي التي تتسع باستمرار في العالم قادا الكثير من خبراء الاقتصاد إلى التساؤل بجدية عن نموذج التصميم الذاتي الاقتصادي الفردي عندما يتعلق الأمر بالفقراء.
يؤكد الكتاب أن هناك العديد من الظروف التي ربما توقع أفرادا وجماعات ونظما اقتصادية بأكملها في شراك فقر لا يمكن الفرار منه، حيث يجمع وجهات نظر من الاقتصاد وتاريخ الاقتصاد وعلم الاجتماع لتقييم ما يذكر فيه عن هذه الشراك.
من أهم أسباب فقر الشعوب التي يذكرها الكتاب والتي تلعب فيها المؤسسات الاجتماعية والسياسية دورا كبيرا يحتل الفساد السياسي مكانة متقدمة وكذلك النظم الاجتماعية التي تبدو حميدة في مظهرها مثل نظام الانغلاق على القبيلة.
يؤكد الكتاب أن العديد من الأسباب التي ترسخ ظاهرة الفقر في بعض الدول لها جذور عميقة في التاريخ الاستعماري، وأن هذه الأسباب استمرت لفترة طويلة بعد أن تلاشت أسبابها الأولى.
وهناك أيضا تأثير الجيرة وهي التأثيرات التي تفرضها عوامل مثل شبكة العلاقات الاجتماعية والمثل العليا والطموحات الجماعية التي تنشأ عنها جيوب من الفقر يصعب الهروب منها ويحدث هذا حتى في أكثر الدول تقدما.
فقد لوحظ أن الأفراد المتشابهين في شخصياتهم ومختلفين في البيئات الاجتماعية التي يعيشون فيها يطورون اختيارات واعتقادات مختلفة يمكن أن ينشأ عنها الفقر أو الوفرة وتتناقلها الأجيال المقبلة منهم.
يقدم الكتاب دلائل على التأثيرات السيئة للبيئة الاجتماعية، ويناقش مجموعة من الاستراتيجيات المقترحة لتجاوز هذه التأثيرات مع التأكيد على عدم القدرة على تقييم هذه الاستراتيجيات بصورة دقيقة.
قام علم الاقتصاد التقليدي على فكرة أن الفقراء يتحملون مسؤولية إصابتهم بالفقر في المقام الأول، إلا أنه صار من المعروف الآن أن النجاح أو الفشل الاقتصادي للفرد يعتمد إلى درجة كبيرة على السياق والظروف التي يولد فيها المرء والتي يتشكل وعيه بالوضع الحالي المحيط به ومفاهيمه الخاصة عن المستوى المعيشي الذي يعيش فيه وذلك الذي يرغب في أن يعيش فيه.
يحتوي الكتاب على تقييم موضوعي لمجموعة من الأفكار والنماذج الجديدة مثل نظرية العضوية والخاصة بالرفاهية الاقتصادية للفرد؛ وظهور المؤسسات المعوقة كعوامل مؤدية إلى الفقر.

الأكثر قراءة