شركات البناء التركية تعيد تقييم المخاطر بعد الاضطرابات العربية
بعد أن جنت شركات البناء التركية أرباحا كبيرة بفضل انفتاحها على العمل في أي مكان فإنها الآن تدفع ثمن المخاطرة تاركة مشاريع غير مكتملة في ليبيا بعد أن سحبت عمالها من هناك.
وستجعل الاضطرابات في العالم العربي الغني بالنفط الذي حصل على 22 في المائة من إجمالي صادرات تركيا في 2010 شركات البناء التركية أكثر انتقائية عند دخول مشاريع جديدة.
وقال ارسين تكلا، رئيس الجانب التركي في مجلس الأعمال التركي - الليبي: "نواجه مخاطر لم تكن موجودة من قبل والآن يتجه الجميع للبدء في فرز البيض في السلة". وأظهر مسح أجرته انجنيرنج نيوز ريكورد لشركات المقاولات، أن قطاع البناء التركي تخطى نظيره الأمريكي في 2010 ليحتل المركز الثاني بعد الصين من حيث دفاتر طلبيات المشاريع الخارجية.
وتوسعت شركات البناء التركية بقوة في آسيا الوسطى والشرق الأوسط وإفريقيا، وخاصة شمال إفريقيا مدعومة بسياسة خارجية تهدف إلى كسب أصدقاء وأنشطة أعمال. وتعمل الشركات التركية في العالم العربي بشكل أكثر ارتياحا؛ لأنها تنتمي إلى دولة مسلمة تربطها بدول المنطقة علاقات تاريخية وثقافية ذات جذور عميقة ولا تتبنى حكومتها توجهات مشابهة لتوجهات الحكومات الغربية.
وقال اردال ارين رئيس رابطة المقاولين الأتراك "تحتل الشركات التركية مركز الصدارة من المغرب إلى مصر مقارنة مع الشركات الغربية؛ لأنها تقدم على مخاطر لا تتحملها الشركات الغربية". لكنه أضاف: "إن المعادلة تغيرت، فبعد اندلاع الاضطرابات في ليبيا أجلت تركيا نحو 20 ألف من العاملين الأتراك هناك جوا وبحرا".
وقالت موظفة تركية في شركة بناء كانت تبني جامعة في بنغازي بعد عودتها من ليبيا بما يزيد على أسبوعين إن زملاءها العائدين من ليبيا بخير، لكنهم قلقون بشأن وظائفهم وأوضاعهم المالية، مضيفة أن شركتها فصلت كثيرا من العاملين وأرسلت البعض إلى قازاخستان وتخطط للذهاب إلى فنزويلا. وقالت الموظفة إنها تلقت عرضا من شركة استثمار قطرية للعمل في طاجيكستان.
وتبرز الاضطرابات في ليبيا وأنحاء أخرى من المنطقة المشاكل التي تواجهها الشركات التركية وهي تتوسع في مناطق مجاورة غير مستقرة. وفازت شركات تركية تعمل في قطاعات من المنسوجات إلى الآلات، بعقود بمليارات الدولارات في أسواق فتح الدبلوماسيون الأتراك أبوابها. وأظهرت بيانات لعام 2009 وهي أحدث بيانات متاحة أن 36 في المائة من إجمالي المشاريع الخارجية التي فازت بها شركات تركية كان في دول إفريقية معظمها من دول شمال إفريقيا العربية.
وتركت المعارضة المسلحة في ليبيا مصير عقود ومعدات بمليارات الدولارات معلقا وينتظر رجال الأعمال ليروا من سيحكم سيطرته على الأمور. ويقدر مسؤولون أن الشركات التركية دخلت مشاريع بقيمة 15.3 مليار دولار في ليبيا منذ 2007 ولا يزال كثير منها قيد التنفيذ. وقال أوميت أوزدمير، نائب رئيس مجلس إدارة شركة تكفين هولدنج: "نحتاج من الآن فصاعدا إلى بحث ما سيحدث في ليبيا بعد العاصفة وما إذا كانت الاستثمارات ستستمر أم لا". وأضاف: "سنواجه تساؤلات مهمة للغاية".
وأظهر بحث أجرته ديلويت أن "تكفين انسات" التابعة لـ«تكفين هولدنج» كانت ثالث أكبر شركة بناء تركية من حيث الإيرادات في نهاية 2009. وتدير "تكفين" وهي واحدة من نحو 200 شركة بناء تركية تعمل في ليبيا مشروعا هناك بقيمة 550 مليون دولار لإنشاء نظام للمياه. وقال أوزدمير: "إن ليبيا تستحوذ على 7 في المائة من محفظة "تكفين" ولا تشكل وحدها مخاطر كبيرة. وهبطت أسهم تكفين 14 في المائة منذ 21 شباط (فبراير) مع بدء الاضطرابات في ليبيا في ظل قلق المستثمرين.