مطار الـ «27» مليار ريال
لسنا موفقين دوما في التخطيط الاستشرافي لمشاريعنا الكبرى؛ فعبر السنين نكتشف أن هناك أخطاء فادحة في التصميم يصاحبها هدر مالي كبير. ومن ناحية التنفيذ، فقليل هي الأخرى تلك المشاريع الكبرى التي تم تنفيذها بمتانية وإتقان وكان لجودتها السبب في تدني إهلاكها وتدني نفقات الصيانة والتشغيل. اتسمت مشاريعنا الأخيرة بموازنات ضخمة لم يتعود على أرقامها المواطن الذي أصبحت له قدرة الإبحار في المحيطات المعلوماتية والتعرف على مشاريع ممثالة أو متفوقة في الدول الأخرى. الحديث عن المشروع الجديد لمطار الملك عبد العزيز - الذي رصدت له تكلفة تنفيذ تبلغ 27 مليار ريال - يطول ويحتاج إلى الكثير من الطروحات. فالمطار قبل أن يتم اعتماد التصميم النهائي له استنزف مبالغ ليست بالهينة ذهبت كموازنات لعقود استشارية في التخطيط العام والتصميم الأولي وغيرها. وعندما أتى التصميم التفصيلي وتوقيع العقد، ظهر جليا أن هناك هدرا كبيرا مصدره فكرة التصميم القديمة التي تصر على الصالات المنفصلة والمتباعدة، وأن تكون بشكل جمالي معين، وإن أضرت بفاعلية المطار، خاصة الوظائف الأساسية للمطار. فمن أهم وظائف مباني الصالات أنها توفر العدد الأكبر من بوابات الطائرات مع إتاحة الوصول لها سواء من جهة مدارج وممرات المطار أو من جهة صالات الركاب ومرافقها المختلفة. المطار الجديد بصالاته التي على شكل (الأهلة) لا تتيح حرية عالية من حركة الطائرات نحو البوابات؛ كون أقواسها تشكل مخانق تجمع مما يصعب دخول وخروج الطائرات أمام البوابات. كما أن الصالات المنفصلة والمتباعدة تطلبت قطارات أو مترو أنفاق لربطها ببعض وكأن المترو من متطلبات التصميم لإعطاء المطار زخما وتكلفة أعلى. المطار الجديد بالمعطى الأساسي له وهو التعامل مع 30 مليون مسافر سنويا يمكن الوفاء به من خلال التصاميم الحديثة للمطارات التي تقلل من حركة المسافرين من الصالات ومرافقها إلى البوابات، وكذلك الإقلال من وصول وعودة الطائرات إلى ومن البوابات وهو ما يسمى وقت الالتفاف في عالم الطيران. تصميم المطار على هيئة مبنى واحد ذي قابلية توسعية مستقبلية سيخفض تكاليف الإنشاء بعدة مليارات تحتاج إليها مشاريع وطنية أخرى، والمراجعة وتفادي الأخطاء ليست عيبا، بل هي سلوك حضاري.