التمرُّد في مصر يمتد إلى الاقتصاد الحكومي
اجتاحت روح التمرد الذي أطاح بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، القطاع العام ملهمة العمال الذين ضاقوا ذرعا بالأجور الهزيلة وظروف العمل البائسة للخروج إلى الشوارع للاحتجاج.
ومن المؤسسات المالية المملوكة للدولة في القاهرة حتى ميناء الإسكندرية نظّم العمال إضرابات أمس الأول، فيما أدى ذلك إلى تعطل الأعمال وإجبار البنك المركزي على إعلان عطلة لم تكن مقررة أمس.
وانتقل الهتاف "ارحل.. ارحل.. ارحل" من ميدان التحرير، مركز الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس السابق، إلى الشوارع المحيطة بحي البنوك والمال في القاهرة حيث طالب العمال بالإطاحة برؤسائهم أيضا.
وخارج شركة تأمين مملوكة للدولة على بُعد بضعة أمتار من الميدان، طالب مئات العمال برحيل المديرين الذين ينحون عليهم باللائمة في مظالم، مثل الفجوة الهائلة بين أصحاب الدخول العالية والمنخفضة.
وقالت هالة فوزي وهي أم لطفلين "أعمل منذ خمس سنوات في الشركة"، مضيفة "أخيرا وجدنا الشجاعة للخروج والتحدث" ملوّحة برسالة خطية تعود إلى عام تحدد شكاواها من الشركة.
وتعمل هالة (34 عاما) 28 ساعة في الأسبوع وتقول إنها تحصل على 100 جنيه مصري (20 دولارا) في الشهر، وهو مبلغ ضئيل حتى بمعايير القطاع العام الذي يدفع للمعلمين نحو 400 جنيه في الشهر. وبصرف النظر عن ضالة الأجور تشتكي هالة من أن الشركة التي تعمل بها وهي الشركة القابضة للتأمين لم تبرم معها عقد عمل رسميا بعد أكثر من أربع سنوات من العمل. وقالت "نريد المساواة". وأضاف السيد عبد الله (35 عاما) "نريد محاسبة رئيس الشركة القابضة السابق والحالي". وتوظف الدولة ما لا يقل عن 5.7 مليون شخص في القطاع العام العريض الذي ينتقده خبراء الاقتصاد، واصفين إياه بأنه من المخلفات غير المنتجة للسياسات الاقتصادية الحكومية للرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، الذي قاد مصر بعد أن استولى الجيش على السلطة لأول مرة في عام 1952. ويزيد قليلا متوسط الناتج المحلي السنوي للفرد الواحد على ألفي دولار. وأسهم الفقر في الثورة ضد مبارك. ويعيش خمس سكان مصر على الأقل من دولار يوميا.
وشهدت تونس أيضا موجة من العمل الصناعي منذ الإطاحة ببن علي.
ووردت تقارير في مصر عن احتجاجات واعتصامات وإضرابات في مؤسسات مملوكة للدولة من بينها البورصة وشركات نسيج ومؤسسات إعلامية وشركات للصلب وهيئة البريد والسكك الحديدية والشرطة ووزارة الصحة. ويشير العمال إلى سلسلة من الشكاوى. وما يوحد الجميع إحساس جديد بالقدرة على التعبير علنا عن رأيهم في عهد ما بعد مبارك.
وصرح مصرفيون بأن طارق عامر رئيس البنك الأهلي المصري المملوك للدولة، وأكبر البنوك التجارية في مصر، قدّم استقالته أمس الأول، بعد أن منعه موظفون غاضبون من الوصول إلى مكتبه. ولم يتسن الوصول إليه للتعليق على ذلك.
وأضاف المصرفيون أن البنك المركزي الذي يعين رؤساء البنوك الحكومية لم يقبل الاستقالة بعد. ولم تتأثر البنوك الخاصة إلى حد كبير حتى الآن. وأمام المقر الرئيس لبنك مصر، وهو مؤسسة أخرى مملوكة للدولة تبعد عن ميدان التحرير عشر دقائق سيرا على الأقدام، دوت هتافات "ارحل ارحل" خلال الليل. وقال أحمد عبد الفتاح الموظف في البنك أثناء متابعته الاحتجاج، إن مطالب الناس مشروعة وهي زيادة الرواتب وعقود تثبيت.