قصص يندى لها الجبين

قصص يندى لها الجبين

تسارعت الأيام، وتغيرت الظروف، وتوالت قضايا الفساد الخلقي، وأصبح ما كنا نرى وقوعه مستحيلا، يتهادى أمامنا، يعتصر قلوبنا، يؤلمنا ما يحدث، ويكدر خواطرنا، والأمر ليس باليسير بل هو بداية خطر نخشى عواقبه، لم يكن أمرا سهلا أن نراه واقعا تروي أحداثه واقعات في براثنه، مكتويات بناره، كنا نسمع القصص والحكايات عند غيرنا فأصبحت الآن بين ظهرانينا، فبالأمس القريب كنت أتصفح إحدى الصحف في بلادنا ولفت نظري ذلك التحقيق المثير، في سجن النساء في إحدى المحافظات، لقد كان أمرا مفزعا ما قرأته من قصص لفتيات في عمر الزهور وقعن في الحرام وجلبن لأهلهن العار.
إن من المؤلم أن بعض هذه الحالات كانت ضحية لأخ مدمن هتك شرف أخته في لحظة فقدان للعقل والدين كما ذكرت إحداهن، فأصبحت ضحية لأخيها في ظل غياب الأب والأم وانشغالهما بأمورهما الخاصة، وهذه المصيبة الكبرى أي وربي، إلى أن تقول إنها هربت خوفا من الفضيحة للأسرة لتنضم إلى مجموعة فتيات يسرن في طريق منحرف، وعاشت معهن حياة الفساد الخلقي حتى أضحت بعد ذلك في غياهب السجون عندما ضبطت بمعية تلك الصديقات الفاسدات. وثانية تقول إنها كانت ضحية لعبث السائق، تقول الفتاة إنه استمالني بحبه وحنانه وكلامه المعسول حتى أفقدني أعز ما أملك وحملت منه وأنجبت توأمين وتبرأت مني أسرتي وسرت في هذا الطريق وتعرضت لمواقف أخرى جعلتني أخيرا أقبع في السجن. وثالثة تقول إنها نادمة على كل ما اقترفته من خطيئة وإثم في حق نفسها وفي حق والديها وهي تقضي حياتها في إحدى دور الرعاية الاجتماعية وخصوصا أن والدها تبرأ منها بعد أن هتك ذئب بشري عرضها وجعلها في حالة يرثى لها، والحالات كثيرة التي تناولتها الصحيفة، وهي مما يتفطر له القلب ويدمي النفوس.

الإهمال الأسري
ومن وجهة نظري أن الأسرة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية بالتساهل من قبل الوالدين في قضية التربية الصحيحة للبنين والبنات فليس هناك حرص على تربيتهم، وتوجيههم، إما نتيجة لانشغالهم أو أن بعضهم لا يملك القدرة على تسيير أمور حياته فكيف يقود ربان أسرة، بل إن مما يزيد الطين بلة ذلك الغزو الفضائي الذي يدخل المنازل ويغرر بالفتيات والشباب ويزين لهم المعصية وأنها حرية شخصية وعلاقة ليس فيها أي شيء، وتنقاد الفتيات لذلك الطريق المظلم المليء بالأشواك دون وازع ديني أو وعي أخلاقي فيحدث ما يؤلم ويقض المضاجع، كما أن بعض الأسر قد تعلم الخطوات السيئة التي تصدر من بناتهم أو أولادهم ومع ذلك لا يتخذون قرارات تحفظ لهن الحشمة وتعيدهن للصواب فتجدهن كثيرات الخروج للأسواق دون حسيب ولا رقيب وتجد الوالدان يهيئان لهن كل ما يحتجن إليه ليواصلن الذهاب للأسواق والمتنزهات مع توافر الجوالات مما يسهم في تحقيق رغباتهن ووقوعهن فريسات للعلاقات المحرمة وهذا يدفعهن لاستمراء الكذب ويصبحن حديث الآخرين الذين يشاهدون أفعالهن التي لا تخفى على أحد فلا دخان من غير نار ولا استمرار في الفساد من دون تسهيلات من الأسرة من حيث تدري أو لا تدري فلا تستيقظ الأسرة بعد ذلك إلا على الخزي والعار فتحاول المعالجة بعد فوات الأوان، ولكن قد يصعب العلاج إلا إذا كان الوازع الديني طريقا يُسلك لتغيير تلك التصرفات القبيحة والقذرة التي يندى لها الجبين وإيجاد البيئة الطيبة المساعدة على نجاح ذلك العمل، ويجب على المجتمع تشجيع هؤلاء الواقعات في الرذيلة على التوبة والرجوع إلى الله وتطهيرهن مما وقعن فيه على غرار النهج النبوي في هذا الشأن الذي سلكه مع الغامدية ومع ماعز اللذين طهرهما رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مع جعل الباب مفتوحا لهما للتوبة الصادقة لكنهما اختارا التطهير، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقي شبابنا وشاباتنا الوقوع في حظيرة الفساد وأن يأخذ بأيديهم إلى كل خير.

الأكثر قراءة