رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الإسعاف الطبي الطائر وخريطة الطريق (1 من 2)

مع ازدياد أعداد السكان بين مواطنين ومقيمين من وافدين وزائرين، ومع ازدياد الحركة المرورية اليومية ووقوع الحوادث داخل المدينة وخارجها، إضافة إلى تغير المناخ على مستوى المملكة التي تعيش أجمل مراحلها النهضوية، وما تمر به من تنامٍ لمتطلبات خطط التنمية، فإن الحاجة إلى نشر الإسعاف الطبي الطائر في أجواء المملكة لمساندة الخدمات الطبية الأرضية في كثير من الحالات الإسعافية الطارئة أصبحت مبررة بما يكفي لتكون مشغلة في جميع المناطق في القريب العاجل. في الفقرة الثامنة من الآلية الثانية من الأساس الاستراتيجي الثامن، نصت الاستراتيجية الصحية المعلنة في عام 2009 على أن ''يوفر الإسعاف الطائر''. لا شك أن الجملة من ثلاث كلمات، إلا أن هناك مجلدات يمكن أن تؤلف وتترجم الخطط التنفيذية والتصور المستقبلي للخدمة. قد لا تتوافر الآن في أي وسيلة إعلامية أو على موقع الهيئة الإلكتروني أي تفاصيل عن الخطط المستقبلية في تطوير خدمات الإنقاذ واستخدام ''برامج المحاكاة'' للتطوير وغير ذلك، لكن من المؤكد أن الإدارة العليا في هيئة الهلال الأحمر السعودي مع وزارة الصحة والمديرية العامة للدفاع المدني يفكرون، بل قد توصلوا لكيفية نقل خدمات الهيئة إلى آفاق جديدة تتماشى والإمكانات الموفرة والتقدير الكبير الذي تتلقاه الهيئة داخليا وخارجيا، كما تناقلت الأخبار تقدير لجان الصليب الأحمر الدولية لما وصلت إليه خدمات الهلال الأحمر السعودي.
إن خدمة إسعافية مثل هذه لا يمكن أن تتوارى خلف الزمن، وتلخص مخرجاتها أعمدة بسيطة في الصحف ومقاطع فيديو في هذا الموقع أو ذاك. إن الإحصاءات التي يمكن أن تبرز حجم العمل المبذول والمطلوب، سواء للإعداد أو التشغيل أو التطوير لحري بنا أن نوفيها حقها؛ لأن دخولنا في مجال تسيدت فيه دول كبيرة الموقف بعد مرور عقود من الزمن ليعني أن البرنامج يدار بأيدٍ متمكنة وعقول استطاعت في وقت قصير أن تصل بالخدمة إلى مراحل متطورة في وقت قصير. إن تقديم الخدمات الإسعافية الطبية الطائرة بالذات أصبح مجالا خصبا للدراسة منذ أكثر من 40 عاما عندما بدأ الألمان إدخال أول طائرة هليكوبتر للخدمة في 1970م. منذ ذلك الوقت والدول تتنافس في تبني، ومن ثم تطوير هذا النظام وهذه الخدمة لتقديم ما يحمي النفس البشرية من زيادة معاناتها إثر إصابة أو مرض، وفي الظروف المختلفة، حتى في السلم.
في هذا السياق، أثبتت الدراسة التي نشرت في مجلة Journal of Trauma في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2010، بالعلم القاطع، أن حاجة المجتمعات القاطنة في مساحات ومواقع متباعدة كبيرة إلى نقل الحالات الصحية الحرجة تكمن في تكوين أسطول طائر لإنقاذ أرواح الكثير ممن تعرضوا لحوادث مرورية أو سقوط مريع أو ذبحات صدرية أو غيرهم، ولا بد من نقلهم إلى مرفق صحي متطور للعلاج.. فهل ما حدث لجدة خلال هذين العامين كفيل بأن يطور التوجهات فيكون مستقبل الخدمات الإسعافية نموذجيا على مستوى الدول العربية والإسلامية أيضا؟. في عام 2003 ذُكر في أحد التقارير، أن في مقاطعة ساوث ويلز في أستراليا أن في كل 40 ثانية هناك مريض في حاجة إلى نقل إسعافي بين أرضي وطائر. بمقارنة تضاريس أستراليا وعدد السكان يمكن أن نجعل من الإحصاءات أسس دراسات وأبحاث تطويرية يستخدم فيها برنامج المحاكاة للوصول إلى صورة وحجم الخدمة المأمولة في مملكتنا الحبيبة. إحصاءات مثل هذه أيضا يمكن أن تحدث صياغة لوائح الخدمة وآلية العمل وطرق الإنقاذ، بل وحتى تطبيق بعض الخطوات العلاجية الأرضية قبل وصول الطائرة محطتها الأخيرة لمباشرة الحالة المنقولة.
لا شك أن هيئة الهلال الأحمر السعودي وضعت منذ بداياتها كجمعية بعد إصدار نظامها الأساسي في عام 1966، ثم رفع مكانتها لتكون هيئة في نهاية عام 2008 استراتيجيات وخططا تنفيذية متتالية لتطوير الخدمات الإسعافية الطبية في مواكبة وتزامن مع ما يستجد في علوم النقل الأرضي والجوي وتقنية الاتصالات وغير ذلك من مجالات. وما وصولنا وانتقالنا من مرحلة إلى أخرى إلا دليل على ذلك.. لكن ماذا عن الدراسات التطويرية التي توفر أفضل المعلومات اللازمة لوضع الصورة المستقبلية لخدماتها الشاملة بشكل علمي ومنهجي؟
في جانب مهم من الخدمة لا شك أن الأعوام الثلاثة الماضية جعلتنا ننظر إلى الأحداث بنظرة تعيد حساباتنا، كما حدث في منطقة المدينة المنورة ومحافظة جدة، ونسأل الله ألا يحدث ما لا نحب وما نكره في أي مكان بهذا البلد الأمين الكريم، وأن يحمينا جميعا مما لا نعلم. إن ما حدث من غمر للماء لأحياء عديدة من محافظة جدة خلال العام الماضي وهذا العام بعد سوء الأحوال الجوية الماطرة قد رفع وتيرة العمل في كل الجهات، وبالذات فيما يتعلق بالإسعاف الطبي الطارئ. إلا أن التطوير والتخطيط سيكون مرحلة مهمة لمستقبل مليء بالمفاجآت، نسأل الله أن يعين القائمين عليها ويعيننا على المضي في جميع المجالات وجميعنا ينعم بالخير الكبير - بإذن الله.
قد يكون من الخطط أن يتم التوسع في الأسطول الجوي الطبي عددا وعدة وعتادا، وهي في المقام الأول تتطلب الوقت، وبالتالي تأخذ أولوية قصوى.. لكن هناك الكثير لطرحه ومناقشته في محاولة لمساندة المسؤولين والمهتمين بجهود متواضعة في هذا المجال، والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي