صورة الاستثمارات السعودية في مصر غير واضحة
رسم الاستنفار الأمني الذي تعيشه مصر منذ يوم الجمعة الماضي، صورة قاتمة عن مصير الاستثمارات السعودية، التي يتخطى حجمها حاجز عشرة مليارات دولار. وأبدى المستثمرون السعوديون تخوفهم الكبير على مصير استثماراتهم في مصر، خشية تعرضها لعمليات النهب التي تنتشر في أرجاء كبيرة، جراء الفوضى العارمة التي تضرب البلاد، حيث أجرى المستثمرون طيلة اليومين الماضيين اتصالات هاتفية للاطمئنان على مصير استثماراتهم.
وبنبرة تتسم بالحزن على ما آلت إليه الأوضاع، أكد لـ "الاقتصادية" سعيد العناني المستشار الاقتصادي في السفارة المصرية في الرياض، أنه يجهل مصير الاستثمارات السعودية حاليا، وقال "الصورة غير واضحة".
وأضاف العناني خلال اتصال هاتفي "الصورة قد تتضح خلال اليومين المقبلين بعد تشكيل الحكومة .. نأمل أن تكون في منأى عن المخربين".
وقال المستثار الاقتصادي إنه يراقب الوضع من كثب، وإنه سيجري اتصالاته بعد تشكيل الحكومة لمعرفة مصير الاستثمارات، وقدّر العناني حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العام الماضي بأربعة مليارات دولار تنقسم إلى 2.5 مليار دولار قيمة الصادرات السعودية، فيما تبلغ قيمة الصادرات المصرية 1.5 مليار دولار. وبين العناني أن حجم الاستثمارات السعودية في مصر يفوق عشرة مليارات دولار، حيث تتنوع الحقيبة الاستثمارية السعودية في الاستثمارات النفطية، الزراعية، السياحية، والعقارية. وتشهد مصر منذ يوم الثلاثاء الماضي مظاهرات حاشدة في مدن مصرية مختلفة تهدف للإطاحة بالنظام المصري، وسجلت المظاهرات عددا كبيرا من القتلى والمصابين، ما حدا إلى نزول الجيش بآلياته الثقيلة إلى الشارع لبسط سيطرته على الوضع الأمني، بعد أن عجزت قوات وزارة الداخلية عن ذلك، الأمر الذي ترك فراغا أمنيا كبيرا تسبب في نهب عديد من المحال التجارية، وعمليات تخريب طالت عديدا من المنشآت العامة والخاصة، وتسببت الأحداث في إقالة الحكومة المصرية، وتكليف حكومة جديدة لإدارة البلاد في ظل الأوضاع العصيبة.
وفيما تعذر الاتصال بالسفارة السعودية في القاهرة لمعرفة الإجراءات التي اتخذتها لحماية الاستثمارات السعودية، قال غسان النمر ـــ مستثمر سعودي في قطاع المجوهرات ـــ إنه يملك مصنع لإنتاج الذهب والمجوهرات في القاهرة، وإنه أوقف الإنتاج في المصنع، نتيجة الاضطرابات الأمنية التي تعيشها مصر، مؤكدا أنه أجرى اتصالا هاتفيا بمسيري شؤون المصنع، وهم يتناوبون حاليا على حراسة المصنع خشية تعرضه للسلب، مؤكدا أن جميع إنتاج المصنع خلال الأيام الماضية تم نقله إلى أماكن آمنة وبعيدة عن أماكن الاضطرابات.
وأضاف النمر الذي يعد أحد أبرز المستثمرين في قطاع الذهب والمجوهرات أن الطاقة الإنتاجية للمصنع تقدر بخمسة أطنان، فيما يفوق حجم الاستثمار 380 مليون ريال.
وأكد أنه يراقب الأوضاع التي تجري حاليا في مصر من كثب، ويجري اتصالات مكثفة لرسم تصور عن الوقت الأنسب لإعادة إنتاج المصنع، بيد أنه ألمح إلى أن هذا الأمر يقف على الحالة الأمنية التي تعيشها البلاد.
من ناحيته، قال خليفة اللحدان مدير العلاقات العامة في شركة الزامل للصناعة إن مصنع الشركة للحديد في "مدينة 6 أكتوبر" مستمر في الإنتاج ويعمل بشكل عادي، ولم يتأثر بالأعمال الجارية في مصر. وأكد أن إدارة الشركة تراقب الوضع من كثب وتجري اتصالات مستمرة بإدارة المصنع للاطمئنان على العاملين والإنتاج. وأضاف اللحدان "ورديات العمل في المصنع تسير بوتيرة طبيعية"، مشيرا إلى أن ما تمثله عمليات الشركة في مصر هي نحو 7.6 في المائة من إجمالي المبيعات.
من جانبه قال رئيس تنفيذي لشركة صناعية يتداول أسهمها في السوق السعودية، إن مصنعي الشركة في القاهرة والسويس مستقران ولم تطولهما أعمال التخريب، مشيرا إلى أنه تلقى اتصالات هاتفية من إدارتي المصنعين تطمئنانه على آلية العمل التي تسير بشكل عادي رغم اندلاع الأحداث في هاتين المدينتين.
وكان أحد مكاتب الخطوط الجوية السعودية في القاهرة قد تعرض للتلف بالكامل بعد أن أضرم عدد من المخربين النيران فيه. يشار إلى أن عددا كبيرا من الشركات السعودية تملك استثمارات ضخمة في مصر، ومن أبرز الشركات المستثمرة في مصر: "صدق"، "أميانتيت"، "الزامل للصناعة"، "البابطين"، شركة المملكة القابضة، "صافولا"، "المراعي"، ومجموعة غسان النمر للذهب والمجوهرات.