القاهرة تجمل صورتها وتستبدل أسطول سيارات الأجرة القديمة

القاهرة تجمل صورتها وتستبدل أسطول سيارات الأجرة القديمة

كانت سيارات الأجرة المتهالكة من طراز فيات ولادا من السمات الأساسية لسيارات الأجرة في القاهرة التي تعج بها شوارع العاصمة المصرية التي تنفث الدخان الملوث.
لكن تلك السيارات المتداعية ذات اللونين الأسود والأبيض أفسحت الطريق لسيارات الأجرة المزودة بعداد ومكيفة الهواء التي تم في مصر تجميع أجزائها وهي من إنتاج شركات مثل ''جنرال موتورز'' و''هيونداي'' الكورية الجنوبية وشركة شيري الصينية. في حين أن سيارات الأجرة التي تحمل علامة البيجو التجارية الفرنسية منشؤها مصانع في إيران. ويمثل هذا التحول جزءا من خطة التجديد المدعومة من الحكومة، بهدف تغيير وجه العاصمة المصرية.
وساعد هذا البرنامج على رفع مبيعات الشركات المصنعة للسيارات في مصر التي تضررت بشدة من الأزمة الاقتصادية العالمية. كما أنها تضفي صورة أجمل أمام السائحين الذين يمثلون عصب الاقتصاد المصري وفي الوقت ذاته البدء في معالجة مشكلة التلوث الهائلة في العاصمة.
يعمل الموظف الحكومي إبراهيم عبد الرازق (36 عاما) شأنه شأن كثيرين من موظفي الدولة الذين يتقاضون رواتب متدنية في وظيفتين. والخطة هي أن يقترض مبلغا من المال ليقود سيارة أجرة. قال ''أتقاضى 388 جنيها (67 دولارا) في الشهر في عملي الصباحي وهو غير كاف لتلبية احتياجات أسرتي لذلك تعين علي العمل على هذه السيارة مساء لرفع دخلي''، وجاء هذا البرنامج الذي تم إطلاقه في نيسان (أبريل) عام 2009 كعامل محفز للشركات المصرية. وهو لا يشمل إلا السيارات التي تم جمع أجزائها في مصر وإن كانت هذه الأجزاء مصنعة في الخارج.
وقال محمد عبد العزيز وهو مسؤول من وزارة المالية: إن البرنامج أطلق خلال التباطؤ الاقتصادي وساعد شركات السيارات المحلية خلال الأزمة. كما أنه ليس أسطول سيارات الأجرة وحده الذي تجدد، بل إن الطلب من الراغبين في امتلاك سيارات اكتسب زخما، ما أظهر قوة إنفاق أكبر للمستهلكين المصريين بفضل قوة النمو الاقتصادي. لكن الطلب تراجع أثناء الأزمة المالية العالمية.
وقال كمال خضر المحلل لشؤون السلع الاستهلاكية في بلتون: إن عام 2009 كان سيئا بسبب الركود، لكن المصريين أقبلوا على الشراء مجددا وهذا ملحوظ في السيارات. وبموجب برنامج تجديد سيارات الأجرة الذي أطلقته وزارة المالية يمكن للسائقين أن يمتلكوا سيارات جديدة بعد بيع سياراتهم القديمة التي تعود إلى 20 عاما أو أكثر مقابل خمسة آلاف جنيه، ثم يحصلون على قرض من أحد البنوك الحكومية. ومن ضمن التسهيلات الإعفاء من الضرائب على قطع الغيار المستوردة وتسديد القروض بالأقساط بنسبة فائدة قليلة على مدى خمس سنوات. وفي المستقبل سيكون التسديد ممكنا حتى على سبع سنوات.
وبموجب الخطة تهدف الوزارة إلى استبدال 50 ألف سيارة من أسطول يتكون من 70 ألف سيارة. وخصصت الوزارة ميزانية تبلغ 560 مليون جنيه خلال أول عامين من البرنامج. ومن ضمن الشركات المستفيدة ''جي. بي أوتو'' أكبر شركة مصرية تجمع السيارات المدرجة في البورصة المصرية والتي طرحت 64 في المائة من سيارات الأجرة الجديدة في أيلول (سبتمبر) بعد أن كانت النسبة 52 في المائة في بداية عام 2010. وتوزع شركة جيه. بي أوتو السيارت وتجمع أجزاءها من شركات دولية، ولديها روابط بشركات مثل ''باجاج'' و''هيونداي'' و''مازدا'' و''ميتسوبيشي'' و''فولفو''.
ويزيد الطلب بصفة عامة على سيارات الركوب في مصر بفضل النمو الاقتصادي القوي الذي يبلغ نحو 6 في المائة وخطة تجديد أسطول سيارات الأجرة وتدني نسبة مالكي السيارات نسبيا. ويقول بنك بلتون الاستثماري: إن هناك نحو 30 سيارة لكل ألف شخص في مصر، مقابل نحو 108 في جنوب إفريقيا و90 في تركيا و73 في تونس. وبلغت مبيعات سيارات الركوب نحو 134 ألفا في 2006، وبلغت الذروة عام 2008 مع بلوغ المبيعات 199 ألفا قبل حدوث الأزمة المالية. ويتوقع ''بلتون'' مبيعات تبلغ 194 ألفا في 2010 لتقترب من مستويات 2008 و220 ألفا في 2011 و250 ألفا في 2012.وتوقع أحمد خليل من ''بلتون'' أن تظل السوق تشهد نموا في خانة العشرات خلال السنوات المقبلة. وأضاف: إن قطاعا من السكان أصبح أكثر ثراء وإن عددا أكبر من البنوك يعرض تمويل القروض. وقال: إن المصريين أصبحوا أكثر استعدادا لفكرة القروض.
وفي العادة كان سائقو سيارات الأجرة القديمة لا يستخدمون العدادات وحتى إن فعلوا ذلك فإنهم كانوا يتجاهلونها لأنها لم تعدل بما يتوافق مع الأوضاع الاقتصادية وارتفاع التضخم. وكان حدوث المشادات على الأجرة أمرا معتادا سواء قبل توصيل الزبون أو بعده بغض النظر عن الحالة المتداعية للمقاعد أو رعونة السائق. لكن هذا المشهد المعتاد تغير مع سيارات الأجرة البيضاء ذات المربعات السوداء في المنتصف، إذ إنها مزودة بعدادات سليمة يجري ضبطها مع كل راكب وبإشراف رسمي. وقالت نجوى محمود (54 عاما) وهي ربة منزل ''أفضل ركوب سيارة أجرة بيضاء لأني أعرف بالضبط المبلغ الذي سأدفعه وأيضا لأن السائقين أكثر أدبا في العادة''. كما أن من أسباب تفضيل سكان القاهرة سيارات الأجرة الجديدة وجود مكيفات للهواء ما يعني عدم الاضطرار إلى فتح النافذة وهو ما كان يمثل مشكلة كبيرة في السيارات القديمة لأنه في كثير من الأحيان لا تكون المقابض موجودة أصلا. وقال يحيى محفوظ وهو سائق سيارة أجرة عمره 32 عاما ''السيارة الأجرة مكيفة ما يشجعني على القيام بمرات توصيل أكبر خلال أشهر الصيف، كما أن العداد قلل بصورة كبيرة من المشادات مع الزبائن حول الأجرة''. وتساعد الخطة على تحسين صورة العاصمة أمام السائحين. ويزور الملايين مصر سنويا وعادة ما يمرون بالعاصمة لزيارة الأهرامات. ويمثل النشاط السياحي 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

الأكثر قراءة