ما مدى تأثر التجارة التقليدية في عصر التجارة الإلكترونية؟ (2 من 2)
هذا الوضع قد يتكرر في الصين أو ماليزيا أو كوريا، ولكن إذا ما أردنا أن نقوم بالمقارنة التي تتضمن استخدام التقنية وتقدم تقنية الاتصالات والمعلومات، حيث إنها كأسعار وبرامج تطويرية هي ما ترتكز عليه التجارة الإلكترونية الحديثة، أما من ناحية السياحة فكعامل آخر مهم في الدراسة، فإن مدى انفتاح أي بلد على العالم يعتمد على ما يمكن أن يقدمه هذا القطاع للزائر أو السائح. نحن بحمد لله بوركنا بموسمين خلال العام (العمرة والحج)، إضافة إلى أننا نعيش مرحلة انتقالية تبنّت فيها كل القطاعات مشاريع تطويرية تستقطب في كل عام أكثر من مليون عامل في مختلف القطاعات، تهيئ لنا فرصا استثمارية تستحق أن تنطوي تحت هذه الدراسة. هذا قد يجعل المقارنة أيضا ممكنة؛ لأننا في وضع تتوق الأمم لمعرفة كيف استطعنا وما زلنا نستمر في الإنفاق على المشاريع ونواصل المشاريع التنموية.
حاليا تنمو التجارة الإلكترونية بسرعة لا يمكن تجاهلها؛ فانخفاض قيمة التعاملات التجارية وتنوع الأسواق الافتراضية وزيادة التفنن في عرض القوائم وقواعد البيانات الشرائية وانعدام الاحتكار وحداثة الأسلوب كلها عوامل يميل جيل اليوم للاستفادة منها ويتعامل معها بطريقته. ولولا أنهم فطنوا لفوائدها العديدة بين فردية واجتماعية واستثمارية وخطوط إنتاج وتعاملات تجارية... إلخ، لما تم تبنيها والبراعة في إعداد برامجها واستخدامها في وقت قصير مثلما ركز على هذه التقنية في هذا العصر. لا شك أن في التجارة الإلكترونية فسحة مشجعة لنمو الشركات الصغيرة والمتوسطة وتنامي أعدادها في الأنشطة الاستثمارية المختلفة. مع أن هذه الشريحة وجدت مقاومة عنيفة من قبل كبار الشركات خلال العقود الماضية. زاد ذلك تباطؤ الجهاز التشريعي نحو دعمهم فأبقاهم يراوحون في الموقع ذاته، إلا أن الفرصة سانحة لهم الآن لتبدأ في التنفس لعقد من الزمان على أقل تقدير، ثم من بعد ذلك بابتكار أسلوب في نوعية التكتلات، فإن المستقبل سيكون محملا بأسرار عن التجارة الإلكترونية التي قد لا يقوى عليها الكبار، إلا أن يسلكوا الطريق ذاته؛ لأن هذا من صنع الشباب وهذا عصرهم. واحدة من أهم النقاط في هذه الزاوية هي الانطباعات الشخصية وتغيرها مع تغير العوامل المحيطة. فمع وضوح أسباب لجوء شريحة كبيرة من مجتمعات العالم من الإناث والذكور للتسوق عبر الإنترنت بعد دراسات تكررت في السنوات العشر الأخيرة في معظم الدول التي وفرت الإنترنت ويسرت الوصول له بدءا من عام 2002 وحتى عام 2010م، إلا أن العوامل المساعدة والمعوقات في الأعوام الأخيرة قيست بطريقة مختلفة ووسعت الفئة العمرية لتكون بين 15 - 35 عاما. بدمج بعض التخصصات الأخرى لفهم أنماط النشاط؛ فقد تم كشف بعض الأجوبة مثل سرعة تغيير انطباعتها وقراراتها في حياتها اليومية لما تختبره وتتعامل معه. وبالتالي لا بد أيضا أن تدرس الجوانب الاجتماعية والنفسية كما هي اقتصادية وسياسية.
الأسئلة التي تكمن في إجابتها حلول تساعد عددا من الجهات المعنية في هذا الشأن تتمحور حول: هل قامت الغرف التجارية بعمل الدراسات اللازمة عند إنشاء أي سوق أو مركز تجاري وعدد مرتادي المحال التجارية واحتمال زيادة نسبة البطالة وتراجع مستويات العاملين المحترفين في استخدام تقنية الاتصالات والمعلومات؟. هل لانسحاب المحال التجارية وخروجها من أرض المنافسة في كثير من الأسواق والمراكز التجارية علاقة بالموضوع أم أن وقف التأنيث سيزيد من حجم هذا النوع من التجارة؟. هل سيدخل لصناعة البرمجيات سعوديون ينافسون على صدارة الدول الأوروبية وأمريكا لهذه الصناعة وكيف يمكن دعمهم؟. هل تمت الاستفادة من قياس مَواطِن القوة والضعف، التي من المؤكد أنها رصدت وحللت من قبل؟.. أعتقد أن هذه الدراسات وما يتبعها من إجراءات ستكشف كثيرا من الغموض لجميع الأطراف وحتى للتجار أنفسهم.
بشيء من الواقعية فقد أعلق على من قال بكل أريحية، أن للتجارة الإلكترونية مستقبلا مشرقا ولم يستدرك أو يعلق رأيه. إن مواكبة هذا التطور ''بتوفير بيئة مناسبة'' بكل ما تعني هذه المقولة من معان هو ما يمكن من توقيع وثيقتها بأنها باقية وأنها بديل أو رديف تجاري لا غنى عنه. من ذلك، الحديث عن الضوابط النظامية، وأمن المعلومات، والسرية، والخصوصية، فالحلول متوافرة، وقد كانت السعودية من السبّاقين على المستوى العربي في إخراج نظم لمحاربة الجرائم الإلكترونية والنشر الإلكتروني (أخيرا) مما يتصدى للغش التجاري ويبني جدارا عاليا لحماية الفرد، إلا أن تحديث هذه اللوائح تماشيا مع تطور الجريمة الإلكترونية، والاهتمام بصيغ العقود وحمايتها، والاستمرار في إعداد برامج التعاملات الإلكترونية علميا أو تجاريا أو أمنيا، ستكون من متطلبات أن تكون هناك بيئة مناسبة وجيدة للتعاملات التجارية.
أخيرا.. عربيا وخليجيا قد أميل إلى القول إننا ونحن نحبو في هذا المجال علينا أن نولي العديد من المواضيع أولوية قصوى مثل: (1) التوعية بأهمية تقنية المعلومات، (2) تجديد وإعادة النظر في تأسيس البنى التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية. (3) إعادة تسعيرة تكلفة الوصول إلى الإنترنت، (4) وضع الأطر القانونية ودوام تحديثها، (5) زيادة الموارد البشرية القادرة على استخدام التقنية بمهارة عالية، (6) التشجيع على استخدام اللغة العربية في كل الوسائل التقنية والبرامج الممكن إتاحتها لهذا الغرض. (7) الشفافية في التعاملات القانونية المتعلقة بالتجارة بأنواعها كافة. كما أتمنى أن تقوم جهات ومؤسسات علمية بالدراسات واقتراح آليات التنفيذ؛ لأنها ستضع بلا شك الأمور في نصابها بعد فهم الوضع الاقتصادي وتوجيه خططه لما يحفظ مكانته ومتانته. والله المستعان.