المُستثمرون يعودون إلى الاهتمام بالمؤشرات الاقتصادية بدلاً من أرباح الشركات
<a href="mailto:[email protected]">mashhour@maktoob.com</a>
كان لدى المُستثمرين مع مطلع الأسبوع الماضي قناعة بأن نتائج أرباح الشركات للربع الثاني ستكون اللاعب الأساسي والمُحرك للسوق في الأسابيع المقبلة، بل إن المُستثمر يعلم أن البيانات الاقتصادية المُخطط لصدورها ستفقد قدرتها في تحريك السوق مع بدء موسم إعلان الأرباح هذا، ولم يكن في حسبانهم أن تدخل الأحداث السياسية العالمية كلاعب جديد يوجه الأسواق، الأحداث السياسية كانت العامل الوحيد صاحب السيادة في تحريك السوق وقذفها وسط رحلة الهبوط كما هو الحال في أغلب الأسواق العالمية بما فيها الأسواق الناشئة. حدث الاعتداء الإسرائيلي على لبنان وتفاعلت دول منطقة الشرق الأوسط مما أدى إلى تخوف الأسواق العالمية من نقص في إمدادات النفط, وبالتالي ارتفع الطلب على النفط وحلق السعر حتى لامس مستوى 78 دولارا خلال يوم الجمعة ثم أغلق عند سعر 77.03 دولار أي ارتفع بنسبة 4.6 في المائة خلال أسبوع.
قصة الهبوط بدأت يوم الإثنين بعد أن قام ميريل لينش بتخفيض درجة جدوى الاستثمار في قطاع التكنولوجيا فهبط "ناسداك" قرابة 13 نقطة، ومع إعلان شركة Alcoa أرباحا جيدة يوم الثلاثاء استطاعت السوق تقليص خسائرها، لكن يوم الأربعاء أعلن مُحللون عن توقعهم أن يُحقق قطاع شركات أشباه الموصلات Semiconductor أرباحا منخفضة وشركات أخرى مهمة مثل شركات IBM, Dell, Apple مما حدا بالمؤشرات الرئيسية إلى أن تستأنف رحلة الهبوط التي بدأتها مطلع الأسبوع، ووصلت في اليوم نفسه أخبار عن بوادر حرب بين لبنان وإسرائيل لترتفع أسعار النفط وتُثير خوف الأسواق العالمية. يوم الخميس لم يكن استثنائياً ففيه استكملت السوق هبوطها وزاد من هذا الخوف أخبار تخفيض جدوى الاستثمار Downgrade في كل من شركتيّ Wall-Mart وDisney، يوم الجمعة كان يوماً آخر من الهبوط وفيه أُعلن عن انخفاض مبيعات التجزئة لشهر حزيران (يونيو) واستكمل النفط أيضاً صعوده السلبي.
البيانات والمؤشرات الاقتصادية كان تأثيرها منعدماً نوعاً ما ومنها تقرير عن الميزان التجاري لأيار (مايو) الذي كان العجز فيه أقل من المُتوقع فانخفض إلى 63.8 مليار دولار علماً بأن التوقعات كانت تتحدث عن 65 مليار دولار، ارتفع رقم البطالة بشكل لافت حتى وصل إلى 332 ألفا والتوقعات تحدثت عن 320 ألفا. من الأخبار السلبية انخفاض مبيعات التجزئة بنسبة 0.1 في المائة وهذه كانت صفعة قوية للتوقعات التي كانت ترى ارتفاعها حتى 4 في المائة.
الآن يُطل برأسه السؤال التقليدي الذي لا يريد المُستثمرون رؤية وجهه الدميم وهو: هل سيضطر البنك المركزي إلى رفع الفائدة في ظل هذه المتغيرات الاقتصادية الجديدة؟ فأسعار النفط ارتفعت وإنفاق المُستهلك تقلص بالرغم من انخفاضاته السابقة, أما أسعار المعادن والمواد الخام فارتفعت بشكل لافت, فمثلاً الذهب ارتفع بنسبة 5.4 في المائة ليصل إلى 669 دولارا للأونصة، كما أن الاقتصاد ينمو ببطء لافت, ويرى الاقتصاديون أن معدل نمو الناتج المحلي GDP سيكون بين 2 إلى 3 في المائة خلال العام الحالي، وهذا يُعيد التفكير في أرباح الشركات للربع الثالث والحديث يزداد عن نمو في الأرباح يصل إلى 10 في المائة.
الأسبوع الحالي
كما ذكرت أن دخول الأحداث السياسية العالمية عاملا ولاعبا جديدا ومُحركا للسوق جعل الأسواق العالمية بما فيها سوق الأسهم الأمريكية ترتبك خوفاً من أن تتسع رقعة الحرب لتشمل دولاً مثل سورية وإيران وتتأثر منطقة الشرق الأوسط بهذه القلاقل، ومن ثم تتأثر إمدادات النفط ويزداد الطلب عليه فترتفع أسعاره أكثر، لذا من المنطقي أن نرى تقلباً في أسعار الأسهم وكذلك ستزيد إعلانات أرباح الشركات من تقلبها, خاصة أن عدد الشركات التي ستُعلن هذا الأسبوع هو كبير حقاً.
من الشركات التي ستُعلن اليوم الثلاثاء كل من ميريل لينش وكوكا كولا تليهما شركة ياهو Yahoo حيث يُتوقع أن تُحقق 11 سنتا عائدا على السهم, وهو للأسف أقل من 13 سنتا عائدا حققته في الفترة نفسها من العام الماضي، شركة IBM ستُعلن الخميس والمُتوقع أن تُحقق 1.29 دولار عائدا على السهم مقارنة بـ 1.12 دولار في العام الماضي للفترة نفسها، وهناك شركات أخرى مثل Apple, Motorola, eBay ومعها شركة إنتل Intel Inc, حيث يُتوقع أن تنخفض أرباحها في هذا الربع وتصل إلى 14 سنتا لكل سهم بعد أن كانت 33 سنتا في الفترة نفسها من العام الماضي، هناك مجموعة كبيرة من الشركات المهمة التي ستُعلن أرباحها مثل شركات: مايكروسوفت Microsoft, جوجل Google, فايزر Pfizer, وشركة السيارات فورد وغيرها كُثر.
البيانات الاقتصادية كانت قد فقدت أهميتها بفعل نتائج أرباح الشركات للربع الثاني ولكن يبدو أن الأحداث السياسية والخوف من أن تزيد قوة التضخم بفعل ارتفاع النفط وعلاقتها بالفائدة فإن البيانات الاقتصادية التي ستصدر ستُعيد الاهتمام والهيبة لهذه البيانات والتقارير الاقتصادية هذا الأسبوع، أهميتها تأتي بسبب أن هناك مؤشرات ذات علاقة بالتضخم وهي مؤشر أسعار المُستهلكين CPI ومؤشر أسعار المُنتجين PPI لحزيران (يونيو).
البداية اليوم الثلاثاء مع مؤشر أسعار المُنتجين PPI وتوقعات الاقتصاديين تقول إنه سيزداد ارتفاعه 0.3 في المائة بعد أن كان 0.2 في أيار (مايو) الماضي، ومع استثناء الأطعمة والطاقة فإن التوقعات تتحدث عن نسبة مقدارها 0.2 بدلاً من 0.3 في المائة في أيار (مايو)، ويأتي يوم الأربعاء مؤشر أسعار المُستهلكين CPI لحزيران (يونيو), الذي لا يقل أهمية عن مؤشر أسعار المُنتجين PPI، ويتوقع الاقتصاديون ارتفاعه 0.2 في المائة بينما كان الارتفاع 0.4 في المائة في أيار (مايو)، وإذا استثنينا الأطعمة والطاقة Core CPI فالتوقعات تتحدث عن ارتفاع بمقدار 0.2 في المائة بعد أن كان 0.3 في المائة، ولمحافظ البنك المركزي دور مهم هذا الأسبوع حيث سيُدلي بشهادته أمام مجلس الشيوخ ويتحدث عن القطاع المصرفي ونشاط بناء المنازل لذا فإن المُستثمرين سيُصغون لكل كلمة يتلفظ بها بين برنانكي.
التحليل الفني
"ناسداك" هو الأسوأ حظاً بين بقية المؤشرات الرئيسية فكان الأكثر هبوطاً خلال الأسبوع الماضي بنسبة 4.35 في المائة، كنت أتوقع أن تتذبذب حركته بين مستوييّ 2107 و2185 نقطة, ولكن يبدو أن الأحداث السياسية أسهمت في تسريع أحداث السوق ودفعت بـ "ناسداك" رغماً عنه خارج هذه الحدود ورأيناه يهبط حتى مستوى 2037.35 نقطة، هذا الهبوط يحدث للأسبوع الثاني على التوالي. وجدير بالذكر أنه بهبوط "ناسداك" يكون قد سجل أدنى قيمة له منذ بداية العام الجاري وهي عند 2027 نقطة، ويبدو أن احتمالات الهبوط هي الأكثر وأنه سيكون هناك المزيد من موجات البيع القادمة على المدى الطويل.
حالياً قد يرى البعض أن مستوى 2025 نقطة هو مستوى دعم لـ "ناسداك" حيث يتوافق هذا مع أقل قيمة له حققها في الربع الثاني من عام 2005، ولكن بما أن متوسط حركة عشرة أيام مُقبل على كسر متوسط 20 يوما والهبوط أسفل منه, فإن هذه إشارة واضحة على وجود موجة هبوط أخرى.
أرفقت بالتقرير الرسم البياني الأسبوعي Weekly Chart لـ "ناسداك" بدل الرسم اليومي Daily Chart، الهدف من استخدام الرسم البياني في الإطار الزمني الأسبوعي هو للنظر إلى الصورة العامة لوضع "ناسداك"، حيث يتضح أنه قد كسر هبوطاً متجها صاعدا تكون منذ منتصف آب (أغسطس) لعام 2004 وتم كسره عند مستوى 2125 نقطة، فبهبوط "ناسداك" يكون قد صحح بنسبة 50 في المائة من هذا الارتفاع الذي بدأ منذ منتصف آب (أغسطس) عام 2004, وذلك حسب نسب فيبوناتشي.
يتضح أن "ناسداك" غير مساره على المدى الطويل نحو الهبوط ولا يوجد مبدئياً أمامه سوى مستوى دعم عند 1990 نقطة والآخر عند 1889 نقطة أيضاً، أما المقاومة فهي عند 2065 نقطة و2125 نقطة مع الأخذ في الاعتبار متوسطات الحركة كمستويات دعم ومقاومة كل حسب موقعه وذلك على الرسم البياني اليومي.