الميزانية الجديدة .. المهم لا تضيع المشاريع
البدء بحمد الله على سلامة قائدنا المليك المفدى خادم الحرمين الشريفين، متعه الله بالصحة والعافية، وأقر برجوعه سالماً أفئدة شعبه الذي أحبه ويحبه، مترجماً بأقواله كواحد من شواهد العطاء والخير على يديه الكريمتين موازنات قياسية تترى، تكبر كل سنة سابقتها. ففي الأسبوع الماضي أعلنت الميزانية السنوية للاقتصاد السعودي، حيث جاءت بأرقام غير مسبوقة في الإنفاق الحكومي بالذات والبنية الأساسية المرتكزة على الفرد والرفع من المستوى المعيشي، على وجه الخصوص، مدللة بتلك على استمرار منظومة الهندسة الاقتصادية الحديثة التي ظهرت وتظهر آثارها على أوجه الاقتصاد وقطاعاته المختلفة على الرغم من الآثار السلبية التي تعرّض لها جميع الدول تقريباً من جرّاء الأزمة المالية العالمية.
إن الحديث عن الاقتصاد السعودي وانعكاسات الإنفاق الحكومي على مختلف قطاعاته لهو حديث متشعب يطول ولا يتسع له مقال بهذا الحجم، ولا أريد أن أغرق القارئ بالأرقام والنسب والأشكال الإحصائية المختلفة التي تناولتها التقارير الاقتصادية المتخصصة، حيث يوجد كمّ منها نشرته وستنشره بيوت الاستشارات والبنوك وغيرها، لكن قاسمها المشترك في خواتيمها ونتائجها هو إيجابية العطاء وإشراقة التفاؤل. ونحن بلا شك في الإطار العام نؤمّن على هذه النظرة، فالنصيب الأكبر جاء منصباً لما يخص الفرد من تعليم وصحة ورعاية معيشية وما إلى ذلك. وهذا له انعكاسات شتى مباشرة وغير مباشرة على كل قطاعات الاقتصاد بحكم طبيعة تقاطع الدوائر الاقتصادية عادة فيما بينها، وبالتالي تتباين الآثار على قطاع مقارنة بآخر. ولذا وكنتيجة حتمية تبقى بعض مناطق التماس تتجاذبها القطاعات المتماسة مخلفة ترقيقا وتخفيفا للنتائج الإيجابية المؤملة في ظل زخم كبير ودعم لا متناه.
لا أريد أن أتحدث عن قطاع أو قطاعات بذاتها، لكنك حين تنظر إلى بعض المشاريع العملاقة الكبيرة التي تعلن سنة بعد أخرى، ويتساءل عنها خادم الحرمين الشريفين منذ العام الماضي بكل شفافية، بقوله: "بعض المشاريع ما بينت .. ضائعة"، فإنك بلا شك تدرك حماس هذا الرجل العملاق الغيور على مصالح شعبه ووطنه. المشكلة في التأخير في التنفيذ ولمس النتائج هو بسبب تقاطع الدوائر في القطاعات الاقتصادية ووجود مناطق التماس تلك، إضافة إلى بعض الأسباب الأخرى. فالموازنات مرصودة والتخطيط مرسوم ومقر فماذا بقي؟ المشكلة أن كل قطاع ربما يضع نظاماً لديه أو لدى الطرف الآخر شماعة كسبب لعدم البدء والتنفيذ أو القصور في الآلية المتبعة، لذلك ننتهي بين أطراف لا هي نفذت ولا هي تركت الجهة الأخرى أو القطاع الآخر يتزعم تنفيذها.. وهذه واحدة من مشكلات التخطيط بالأصل.
إنني بكل وطنية أتمنى أن نترجم إحساس قائدنا وغيرته وحماسه المنقطع النظير بألا تصل إلى مسامعه في هذه الميزانية المباركة كلمة مشاريع ضائعة. دمت لشعبك ووطنك بألف خير يا أبا متعب، وأرجعك الله لنا بالسلامة.