رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل نحن في حاجة إلى وزارة للبيئة؟! (2 من 2)

عموما قد نبدأ بطرح تساؤلات استكشافية مثل: ما المواضيع البيئية التي تستوجب إعادة النظر؟ هل تشعبت لدرجة أننا نحتاج إلى تركيز الاهتمام بها من قبل جهة تنظم أعمالها وتنسق لها، حيث تكون المرجعية واحدة في المباشرة والمتابعة والعلاج والدراسات التطويرية المستقبلية؟ وهل لهذه الأسباب أو غيرها تكون لدينا وزارة للبيئة؟ أسئلة إجابتها تحتاج فعلا إلى أن يطرح أعضاء مجلس الشورى (الموقرين) المتخصصين والمفكرين في هذه المجالات مبادرات تمهد لإصدار القرار المناسب بعد قياس مستوى الأداء إزاء كل مجال أو قضية تتعلق بالبيئة. هذا في حد ذاته لو أنجز فهو قفزة نوعية توضح لنا مدى فطنة مجتمعنا الواعي الكريم، ودأب الدولة ـــ أعزها الله ـــ نحو مجاراة مستجدات كوكبنا، وما تتطلبه المرحلة المقبلة من وقفات جعلتنا نمر بأعتى الأزمات بأقل الخسائر وأعظم الفوائد.
في هذا السياق، يمكن تبرير طرح الموضوع بذكر الأمثلة التالية: (1) الاحتباس الحراري/ الاحترار الكوني، (2) التحول أو التدهور البيئي الممثل في تدمير بعض مركبات ومكونات الموارد وتغيير نسب الغازات ومختلف العناصر في المياه والهواء. (3) الحفاظ على البيئة حيوانيا ونباتيا وفطريا من حيث الانقراض والتنوع والتكاثر وتغيير الملامح والخواص وفي هذه يمكن ذكر الشعاب المرجانية. (4) الطاقة وأنواعها واستخداماتها ومعالجتها والدراسات الحديثة حولها، حيث ستكون لهذه الجزئية أهمية بالغة بعد إنشاء هيئة تعنى بها بشكل متخصص. (5) صحة البيئة وما يمكن أن يندرج تحتها مثل: التلوث الإشعاعي وجودة الهواء متنفس الكائنات، ومهلكات الصحة البدنية مثل عوادم السيارات والمصانع، واستخدام المبيدات ومعقمات النفايات وتصحيح وضع وسائل معالجتها.. (6) الزراعة وما يرتبط بها من الحفاظ على الأنواع وتلوث الأرض ببقايا المبيدات مثلا، والرعي الجائر واستخدام الهندسة الوراثية في الأغذية والمحاصيل... إلخ. (7) التربة وتركيبتها للاستصلاح الزراعي والعمراني وغيرهما من المشاريع المستقبلية. (8) التعداد سكانيا وفطريا (حيوانيا ونباتيا وكائنات مجهرية) على مستوى مختلف المناطق بمختلف تركيبتها وتضاريسها. (9) مصادر التلوث بأنواعها المختلفة برية أو مائية. (10) الصيد والمبالغة فيه برا أو بحرا. (11) التعدين وآلية العمل فيه. ناهيك طبعا عن النظم واللوائح التي تحتاج دوما إلى تحديث وإعادة صياغة حتى لعملية إصدار التصاريح والرخص ومزاولة أي مهام. كل ذلك وأكثر يعد من تطورات الوضع في العالم وسواء كان يوميا أو سنويا فتفاقم المشاكل في الأرض ينذر بدخولنا حقبة تتطلب للتعامل معها إجراء الدراسات المتواصلة ذات الترابط المهني والعلمي والتواصل المتبادل في جميع هذه المجالات الذي عادة ما ينجح إذا ما كان تحت سقف جهة واحدة حتى لو تعددت الهيئات التابعة لها.
لا شك أن إنشاء وزارة يزيد من فرص تقنين الإجراء ومتابعة التطوير ونشر الوعي بشكل منظم، ويزيد من جدية الخوض في مواضيع البيئة بتوجيه الاستفسار والاستعلام لجهة واحدة محددة بعد أن كانت بين الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة ووزارة الشؤون البلدية والقروية والهيئة العليا للسياحة والآثار، وقد تكون هناك جهات أخرى حديثة. كما يتيح لنا خارجيا أن تكون لمخرجاتنا قيمة مضافة أمام المجتمع الدولي. أما داخليا فستتعرف جميع المناطق على المفارقات بين بعضها بعضا ويكون تقدير الاحتياج معتمداً على مؤشرات ومقاييس موحدة المنشأ، وتكون بذلك السياسات والإجراءات والتنسيق والمتابعة، ومن ثم التطوير والاستفادة من الموارد بأنواعها المختلفة محكومة وملموم شتاتها. أما من ناحية الصرف، فإذا ما وجه لجهة واحدة وحددت مصادر التمويل بين القطاعين، فإن التغطية هنا ستكون شمولية اقتصاديا كما هي فكريا وعمليا على أرض الواقع.
الدارسون على مقاعد الدراسة والخريجون والمتوقع قبولهم في الجامعات مستقبلا ليتخصصوا في المجالات البيئية المختلفة ينتظرهم مستقبل واعد؛ لأن الفرص كبيرة ومتاحة. أما أعضاء هيئة التدريس فلن يجدوا الوقت للراحة؛ لأن أعداد المناهج في التخصصات الحديثة وإعداد الدراسات في الميادين والحقول المختلفة ستكون ضمن قوائم طويلة، وسيكون العمل في حاجة إلى أيدي عاملة سعودية متخصصة على مدى السنوات العشر المقبلة على أقل تقدير.
إن الوقت موات للقيام بإحدى أهم الخطوات في هذا العصر الزاهر، وهي الحاجة إلى تكريس مفهوم بين المهتمين في أي شأن. إضافة إلى ذلك تكثيف الجهود لتحقيق الأهداف في أسرع الطرق وأنجع الوسائل في كل وقت ومكان. بالطبع مسألة النقاش والحوار العلمي المنهجي تتطور بشكل ملحوظ حتى أصبحت مناقشة المواضيع البيئية كما هو أكاديمي فهو مصيري لكثير من العامة، مما حرك المختصين والمفكرين والكتاب لطرح مقترحات هادفة أجزم أنها تزيد من ترسيخ أقدامنا في الأرض ونحن نسير في هذه الألفية الثانية. إلا أن آلية التنفيذ هي ما نحتاج إلى الاهتمام به أيضا. لا شك أن إيجاد مسابقة تحاول بعض الجهات في بعض المناطق تحفيز أبنائها على ابتكار طرق للمحافظة على البيئة أو غير ذلك من أنشطة هي الأميز بين المبادرات. ولكن نحن في حاجة إلى أن تكون المسابقة عامة، ولمدة أطول، ومحتواها وتنفيذها يسهم في ظهور ابتكار جديد وتميز أفراد متخصصين، وتكون لدينا حلول إبداعية وخلاقة على مستوى تناول أي مشكلة لإصدار أي تنظيم آني ومستقبلي. والله المعين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي