اليوم .. قمة أوروبية للتوافق على نظام دائم للإنقاذ وإدارة أزمات الديون السيادية

اليوم .. قمة أوروبية للتوافق على نظام دائم للإنقاذ وإدارة أزمات الديون السيادية

يأمل زعماء الاتحاد الأوروبي في توجيه رسالة طمأنة إلى المتعاملين وأسواق المال والرأي العام الأوروبي بشأن سلامة خياراتهم في إدارة الأزمة المالية وتداعياتها، وذلك خلال لقائهم الذي انطلق أمس في بروكسل على مستوى رؤساء الدول والحكومات الـ 27 الأعضاء في التكتل.
وتجري أعمال القمة في وقت تصاعدت فيه أزمة الثقة بشكل كبير بين ألمانيا ـــ القوة النقدية والاقتصادية الأولى في منطقة اليورو ـــ وأغلبية شريكاتها بشأن سبل إدارة الأزمة. وتواجه برلين عزلة متصاعدة بسبب صرامة الخيارات التي تلوح بها حاليا، وسعيها لجر منطقة اليورو نحو آلية تعامل متشددة وصارمة مع الدول المتسيبة، وإحكام ضوابط التعامل في منطقة اليورو وتجنب تكريس مخصصات مالية إضافية في هذه المرحلة.
ويقول المسؤولون في بروكسل، إن قمة الاتحاد يجب أن تعطي دفعا قويا للإدارة المشتركة لدحر المخاطر التي تواجه منطقة اليورو والعملة الواحدة من جهة، وضمان إرساء آليات جديدة لإحداث انتعاش اقتصادي من جهة أخرى، وهو ما يمثل الحل الفعلي للخروج من الأزمة. ويبلغ مستوى البطالة في منطقة اليورو الـ 10 في المائة من القادرين عن العمل، ولكنه يتجاوز 20 في المائة في بعض الدول، ومنها إسبانيا، مما يعكس الهوة المتصاعدة بين مختلف دول المنطقة في مواجهة تداعيات الأزمة. كما أن حجم الديون السيادية والعجز في الموازنات العامة يبلغ نسبا متفاوتة بشكل كبير بين دولة وأخرى، مما يزيد في الشكوك الخاصة بمدى تجانس وتناسق وتوافق السياسات المتبعة في كل دولة.
ومن بين المسائل المحددة المدرجة للحسم أمام قمة الاتحاد الأوروبي؛ إرساء نظام دائم للإنقاذ وإدارة أزمات الديون السيادية مستقبلا، والبدء بالعمل به عام 2013 لتعويض النظام المؤقت الحالي، الذي تم إرساؤه في أيار (مايو) الماضي بعد استفحال أزمة ديون اليونان. وحاليا يبلغ رأسمال الصندوق المؤقت 750 مليار يورو، ويشرك صندوق النقد الدولي بشكل مباشر في إدارة متاعب الديون السيادية الأوروبية.
وتدفع عدة أوساط أوروبية إلى مضاعفة رأسمال الصندوق، ولكن المستشارة الألمانية تعارض هذا الطرح؛ مما يتسبب في تسميم مناخ العلاقات الأوروبية حاليا. كما أن ألمانيا تطالب بأن تتخذ القمة قرارا واضحا بشأن تحوير بنود اتفاقية لشبونة التي تحرّم حتى الآن تقديم دعم مباشر لأي من أعضاء منطقة اليورو المتسيبين.
ويقول المتعاملون الاقتصاديون، إن رفض مضاعفة رأسمال صندوق الإنقاذ والمطالبة بتحوير اتفاقية لشبونة لن يمثل مؤشرا إيجابيا للأسواق، كما أن إقدام وكالات التصنيف على مراجعة أداء إسبانيا وبلجيكا قبل انطلاق القمة سيزيد من الضغوط على المسؤولين الأوروبيين لبلورة مخرج سريع للأزمة. ومن بين الحلول الإضافية الجاري تداولها على هامش انطلاق قمة بروكسل، تمكين المصرف المركزي الأوروبي من قدرات وإمكانات مالية وإدارية إضافية لمواجهة الأزمة، خاصة أنها باتت تقترب موضوعيا من دول كبرى هذه المرّة مثل إيطاليا وإسبانيا. ولكن غياب قراءة موّحدة ومشتركة للأزمة من قبل زعماء الاتحاد يمثل العائق السياسي الأول أمام تسجيل مقاربة أوروبية مشتركة.
ويجري الجدل إضافة إلى تفعيل دور المصرف المركزي الأوروبي حول إصدار سندات باسم الاتحاد الأوروبي لضمان وتأمين وتمويل الديون، وإشراك القطاع الخاص في تحمّل أعباء الديون، والقيام بتدابير محددة للدفع بالاقتصاد، إلى جانب تشديد الإشراف المالي على المستوى الأوروبي والدولي. ولكن وفي مجمل هذه الملفات المحددة تبدو الخلافات جوهرية ومستمرة.
وتتهم الدول المثقلة بالديون (دول جنوب القارة، وأيرلندا) ألمانيا بأنها تعمل على تهميشها وتجريدها من جزء من سيادتها عبر المطالبة بحرمانها من حق التصويت في حالة استمرار تسيبها النقدي. أما أنصار مزيد من الاندماج الأوروبي ـــ وتتزعمهم لكسمبورج ـــ فإنهم يتهمون ألمانيا بالانكفاء على الذات ومعاداة روح العمل الأوروبي. كما تطالب هذه الدول بترجمة آليات التضامن الأوروبية بشكل عملي.

الأكثر قراءة