التنمية الجغرافية من منظور قوى النجاح أو الفشل الاقتصادي
يقدم الكتاب وجهة نظر عالمية بطريقة شائقة لكنها نظرية في الوقت نفسه، حيث دمج الكاتب تركيبة فعالة من العمل الأكاديمي والقصص الواقعية والتقارير الإخبارية. يساعد الكتاب في تدريس علم الاجتماع أو للطلبة المهتمين بدراسة الاختلافات الاجتماعية أو الثقافية عبر العالم.
يعد الكتاب مقدمة ممتازة لعلم الجغرافيا التاريخية وعلاقتها بعلم الاقتصاد، حيث يقدم طريقة جديدة لتناول الرأسمالية العالمية. ففي الفترة الأخيرة انهالت الكوارث المالية في الكثير من الدول النامية من المكسيك إلى إندونيسيا ومن روسيا إلى الأرجنتين مخلفة نتائج فظيعة.
تعكس هذه الكوارث الهشاشة البالغة التي تتسم بها الأوضاع الاقتصادية السياسية المعاصرة، والتي تبدو كما لو كانت تسخر من جهودنا المضنية لفهم القوى التي تحرك التنمية في النظام الاقتصادي العالمي، فيبدو الأمر كما لو أنه لا توجد قواعد أو معايير تسمح لنا بالتوقع المستقبلي على أسس علمية راسخة.
يستعرض الكتاب الرؤى الجديدة الحاسمة التي تقدمها مجالات الجغرافيا التاريخية في حركة الرأسمالية العالمية. يقدم الكتاب فكرة التنمية الجغرافية غير المتساوية من منظور توضيحي يركز على القوى التي تصنع النجاح أو الفشل الاقتصادي.
يتناول الكتاب التحول الحاد إلى سياسات الليبرالية الجديدة في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي خاصة في بريطانيا والولايات المتحدة (وتدخلها في النظم الاقتصادية لتشيللي والمكسيك) وتأثير هذا التحول على الجغرافيا التاريخية للرأسمالية العالمية.
التأثيرات الناتجة عن هذا التحول تتراوح بين اتباع الصين ذات النظام الديكتاتوري لمذهب الليبرالية الجديدة، الذي يعتبره الكتاب محاولة لاستعادة قوة الطبقية للنخبة، وبين الاستغلال الناجح لإمدادات المال في اليابان وألمانيا الغربية. ولكن المفارقة الرئيسية لمذهب الليبرالية الجديدة العالمي أنها لا تشجع النمو الاقتصادي الحقيقي الموزع بعدل.
يتتبع الكتاب تطور التنمية العالمية في إطار الرأسمالية، منتهيا إلى عدم صحة التعليلات التي تفسر التأخر الاقتصادي لبعض الدول بأنه يرجع إلى حاجتها للحاق بركب الرأسمالية، لأن النظام الرأسمالي في الأساس لا يدعم التنمية الحقيقية لمعظم الدول والشعوب وإنما هو في الحقيقة يحبط الجهود التنموية.
ليست هذه بالفكرة الجديدة، ولكن الكتاب يقدم وصفا دقيقا للحالة العامة الحالية في العالم. يقدم مؤلف الكاتب إطارا طبقيا لفهم ديناميكيات الصراعات السياسية والطبقية ودورها في حدوث التغييرات المستمرة في التنمية الجغرافية غير المتساوية للعولمة. كما يوضح الكتاب أبعاد الاعتماد العالمي المتبادل وعلاقته بالمشكلات الاجتماعية المعاصرة.
يقدم الكتاب وجهة نظر عالمية بطريقة شائقة لكنها نظرية في الوقت نفسه، حيث دمج الكاتب تركيبة فعالة من العمل الأكاديمي والقصص الواقعية والتقارير الإخبارية. يساعد الكتاب في تدريس علم الاجتماع أو للطلبة المهتمين بدراسة الاختلافات الاجتماعية أو الثقافية عبر العالم.
يدمج الكتاب بين فكرة المساحة والنظرية السياسية. هذا الدمج يمنح آراء الكاتب بعدا آنيا ومستقبليا في عصر العولمة، حيث يعتبر مفهوم المساحة نسبياً ويرجع في المقام الأول إلى طبيعة الحياة الاجتماعية. يناقش المؤلف مفهوم المساحة في نظريته مع أخذ المواقف الراهنة في العراق والصين كمثال ليوضح مدى قابلية نظريته للتطبيق على عالم اليوم وعلى القوى التي تشكل المستقبل.