رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مع آخر يوم في السنة الهجرية .. هل سوقنا ما زال عاطفياً؟

أجدّد التهنئة لكل متابعي هذا العمود، وأدعو الله لي ولهم بأن يجعل القادم عام خير وبركة للجميع. ولعل مثل هذه المناسبات تجعل لأي شخص فرصة استرجاع لما حصل، ووقفة تأمل لما ستكون عليه الأمور. ولكون هذه الزاوية متخصصة في النواحي المالية والاقتصادية على وجه العموم قدر الإمكان، فحريٌّ بنا أن نختار واحدا من جزئيات مكونات الاقتصاد المحلي، وهو سوق الأسهم لأسباب عديدة، من أهمها أنه يمثل بشكل معنوي القطاع الخاص الذي يمثل جزءا مهما أيضا في الاقتصاد إجمالا في ظل صعوبة تغطية كاملة لمحاور اقتصادية أخرى مهمة بمثل هذه المساحة.
من الواضح أن الاهتمام بالسوق في أوساط المجتمع قد خفّ كثيرا عن ذي قبل، وهذا واضحٌ من إحصاءات التداول اليومية، إذ بلغ معدل التداول اليومي حتى تاريخه 3.024 مليار ريال، في حين أن المعدل للعام الماضي بلغ ما يوازي 5.056 مليار ريال يوميا. وهذه الفروق بلا شك مردودة إلى عدد من الأسباب قاسمها المشترك أن السوق ما زال يعاني "أزمة ثقة" به، مرجعها أيضا أسباب عديدة يطول الحديث عنها، على الرغم من استقامة كثير من المؤشرات للاقتصاد ككل لمصلحة استقامة السوق، إلا أنك تجد استمراء لبخس بعض قيم الأسهم أو تضخيما غير مستحق لأسهم أخرى. فعلى صعيد الدخل الإجمالي كمؤشر لإيجابيته مثلا يصل معدل سعر النفط لسلة "أوبك" حتى تاريخه لهذه السنة الهجرية ما يوازي 76.38 دولار، وهذا بلا شك يؤكد سلامة التوقعات للمداخيل الرأسمالية السنوية، بينما لم ينعكس ذلك على أداء السوق إجمالا، حيث وصل معدل أداء العائد عليه ما يوازي 3.64 في المائة فقط. ومقارنة ببعض الأسواق المماثلة الأخرى تجد أن سوق الكويت مثلا حقق عائدا يوازي 19.63 في المائة، وسوق قطر 16.82 في المائة، وعُمان 4.24 في المائة، أما دبي فيمكن تعليل الأداء السلبي الذي وصل إلى ـــ 6.41 في المائة.
نعم توجد أسباب عديدة لهذه المقارنات، خصوصا في عدم تماشي السوق مع معطيات الاقتصاد المحلي الجيدة، إلا أن ما يسوء في الأمر هو عدم وجود تغيير معنوي طيلة هذه الفترة، ما يؤهل لتغيير ما يسمّى أزمة الثقة به. وللحديث بشكل أكثر علمية انظر إلى أداء القطاع الأهم الذي يقيس النبض الاقتصادي عادة وهو "البنوك"، فهذا القطاع لم يحقق عائدا يتعدى 2.04 في المائة، وهو أقل من معدل السوق. إذن أين الخلل؟ الذي يظهر أن السوق في مكوناته تغلب عليه مكونات لا يوثق بها، علاوة على وجود أداء سلبي كبير في المكونات الأخرى، مما انتقص بالتالي من حجم الإيجابية الكلي، الذي تحقق في بعضها. فمثلا توجد سبعة قطاعات سجلت إيجابية في الأداء وأقلها قطاع البنوك، بينما كل القطاعات الباقية الثمانية سجلت سلبا وصل في أعلاه إلى نحو ـــ 31 في المائة.
أدرك أن هناك نحو شهر باقيا على إغلاق أعمال السنة، والتعرُّف على حقيقة ما تم، ولكن هَب أن الصورة تغيّرت بشكل معنوي خلال شهر، فهذا يدل على أن السوق فعلا سوق "عاطفي"، لم يستطع من خلاله التعرُّف على أعمال مكوناته إلا من خلال إعلانات آخر السنة، وبالتالي تأكيد لأزمة الثقة. وإن استمر بهذه الحدود فذاك يعني أنه لا يعكس الإيجابية المستحقة لاقتصاد كبير خوّلته ليكون عضوا في مجموعة العشرين في العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي