البنوك اللبنانية تتضافر ضد مخاطر "الربح السريع"
تستعد المصارف اللبنانية لمواكبة التحديات الكثيرة الماثلة أمامها، وفي مقدمها الانكشاف على الدَّين العام للدولة، من خلال إعادة هيكلة نموذج الأعمال واعتماد سياسة الحذر تجاه المخاطر الداخلية والخارجية.
وتجري العملية بالتنسيق مع حاكم مصرف لبنان المركزي وجمعية مصارف لبنان، تحت عنوان المحافظة على الطريق المحافظ والبقاء على أسس الصيرفة التقليدية والحفاظ على كفاءة رأس المال لمواجهة الأزمة، وهي مبادئ أسهمت في إبقاء القطاع المصرفي اللبناني في منأى عن الأزمة المالية العالمية.
وكشف أسامة بكداشي رئيس لجنة الرقابة على المصارف، أن لقاءات وندوات عدة قد حصلت في الأسابيع الماضية في بيروت للبحث في إمكانية مواجهة المصارف مرحلة ما بعد الأزمة المالية واستمرار الالتزام بتوصيات بازل3 وإدارة المخاطر كما في تفعيل الرقابة المصرفية من خلال تطبيق بعض الإصلاحات، إضافة إلى الانفتاح على ما يحصل في الأسواق الأخرى والإفادة منها والتخطيط للمستقبل.
وحدّد الخبير المصرفي بكداشي هذه الإصلاحات بالتدابير الهادفة إلى تمتين سيولة المصارف ووضع رساميلها وفقا لتوصيات لجنة بازل، وبالالتزام بخط واضح في أخذ المخاطر وعدم الانجراف نحو الربح السريع لتحقيق النمو في المدى القصير.
ولاحظ أن القطاع المصرفي لامس الخطوط الحمراء في إقراض الحكومة أو في إدارة محفظته لتحقيق الأرباح.
وكان صندوق النقد الدولي قد حذّر أخيرا من الانكشاف الزائد للمصارف على الدَّين العام اللبناني، حيث وصلت نسبة تسليفات المصارف للقطاع العام إلى 47.8 في المائة من إجمالي التسليفات، وقاربت نسبتها من الميزانية المجمّعة الكلية 30 في المائة في تموز (يوليو) الماضي.
وشدّد الصندوق على ضرورة زيادة مستوى الإجراءات الرقابية على عمل المصارف الإقليمي والدولي، بعدما أضحى للمصارف اللبنانية أكثر من 50 مؤسسة تابعة في 20 بلدا تبلغ قيمة أصولها 50 مليار دولار.
وفي هذا الإطار، أكد بكداشي، أنه لا بد للمصارف أن تتمتع بمعرفة وافية بالأسواق التي تعمل فيها، إضافة إلى تحليل حجم الأسواق المنافسة والمخاطر والبحث في المخارج الإقليمية والدولية عن فرصة لتعويض تقلّص مجالات المناورة في الداخل، حيث انتفخ مستوى الإقراض الاستهلاكي إلى حد ملامسة المخاطرة. وتطرّق إلى دور لجنة الرقابة على المصارف في عملية التنظيم، فرأى أنها تعتمد على الإرشاد والالتزام الذاتي بالسياسات المتوازنة من قبل القطاع المصرفي بحيث تتمكن كل مؤسسة من اكتشاف الخلل وتصحيحه.
وفي سياق متصل، فإن عملية تنظيم المصارف الجارية تلحظ إمكان تحديث القوانين الخاصة بالمصارف الإسلامية بهدف زيادة دورها في القطاع. وكشفت مصادر في مصرف لبنان المركزي لـ ''الإقتصادية''، أن حصة هذه المصارف لا تزال دون 1 في المائة من الأصول الإجمالية للقطاع المصرفي، وذلك بعد ست سنوات على إقرار السماح بعمل هذه المؤسسات. وأضافت المصادر أن مصرف لبنان قد يسمح لها بأن تطرح منتجا ماليا جديدا في العام المقبل يسمح لها بإدارة سيولتها. وتراجعت حصة المصارف الإسلامية إلى 0.5 في المائة من إجمالي الأصول الإجمالية للمصارف التي وصلت إلى 110 مليارات دولار.