رغم تعثر منظمة التجارة.. الاندماج والتكتل خياران للقطاع الزراعي
يترقب القطاع الزراعي السعودي خلال الفترة المقبلة حدوث اندماجات في القطاع، سواء من قبل شركات أو مشاريع تعود لأفراد، بالنظر إلى وجود قناعة بضرورة اتخاذ مثل هذه الخطوة في ظل التحديات العالمية المحيطة والمتمثلة في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.
ما دعاني لطرح هذا الأمر أن ضرورة ظهور تكتلات زراعية ضخمة على عدد من المختصين ومسؤولي شركات زراعية وصناعية كبرى في البلاد، هي التوسع الكبير إما في زيادة السكان وإما المساحة الجغرافية وبالتالي مقابلة ذلك في زيادة الإنتاج، سواء كان في الألبان ومشتقاتها أو المنتجات الزراعية بكافة أصنافها، خلاف ذلك أن التكتلات تسهم في توفير الكثير من الجهد سواء الإنتاجي أو التسويقي، أو في مجال الأبحاث والتطوير، وهذا لن يتوافر لدى المزارع أو المشاريع الصغيرة.
وهنا يؤكد المهندس عبد العزيز بن محمد البابطين نائب رئيس منتجي الألبان الطازجة في مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية مدير عام الشركة الوطنية للتنمية الزراعية "نادك" أهمية هذا الأمر، مشيرا إلى أن هناك ما يسمى الاستحواذ وهو أن الشركات الكبيرة تستحوذ على الصغيرة، فيما أن هناك ما يسمى الاندماج بين الشركات أو المشاريع، ولهذا الأمر فوائد كبيرة، منها قيام كيانات كبيرة وقوية، تستفيد من إمكانات بعضها، مما تنجم عنه منافسة قوية في المستقبل، خاصة في ظل ازدياد أسعار المدخلات بشكل عام، وأسعار المواد الأساسية والأعلاف وتصنيع الألبان، ومواد التعبئة، والمتوقع زيادتها في المستقبل، خلاف مصروفات التسويق، ولهذا فإن الاندماج أو الاستحواذ يعد ظاهرة صحية ومطلوبة لمواجهة كل ما ذكر، خلاف المنافسة الشديدة من المشروبات الغازية التي تتطلب جذب مستهلكين أكثر نحو منتجات الألبان والحليب الطازجة.
وأكد المهندس البابطين أن الوضع الحالي يتطلب قيام كيانات كبيرة والاستعداد عقب انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، تستطيع المنافسة، خاصة وأن ذلك سيدعم المنتجات ويطورها والتسويق لتغطية الطلب المحلي في الأسواق، خاصة في ظل الثقة التي أصبحت تنمو عاما بعد عام في منتجاتنا الطازجة الصحية التي تقدم لكل أفراد الأسرة، لافتا النظر إلى أن كل شركة تعمل في مجال الألبان الطازجة ومشتقاتها تفكر في النمو والتوسع، بل تدرس موضوع الاندماج بعناية وبشكل سري حتى يظهر على السطح.
من جانبه، أكد المهندس إبراهيم بن محمد أبو عباة نائب رئيس اللجنة الوطنية الزراعية في مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية مدير عام الشركة "الوطنية الزراعية" ضرورة إيجاد التكتلات والاندماجات، حيث إن ذلك يكسر حدة التنافس الداخلي ويلغي مما يسمى حرب الأسعار، وبالتالي يفقد الشركات هوامش الربح، كما أن من فوائد الاندماجات تقليل التكلفة لاستغلال الموارد لكل شركة، إضافة إلى الإسهام في رفع المبيعات والتسويق مما ينعكس في النهاية على جودة سعر المنتج النهائي.
وشدد المهندس أبو عباة على أن انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية يلازمها نوع من التكتلات، خاصة وأن الدعم الحكومي سيكون محدودا أو غير موجود، ولهذا فالتكتلات ستسهم في التصدي للسلعة القادمة من الخارج، خلاف أن الاندماجات ستحقق ميزا نسبية وفقا لموقع كل شركة، وتنوع منتجاتها، إضافة إلى الاستفادة من الخبرات المختلفة المتفرقة بين الشركات، سواء فنية، تسويقية، إنتاجية، إدارية.
وأردف المهندس أبو عباة قوله إن من الأسباب التي تدعو إلى ضرورة الاندماج بين الشركات والمشاريع الحالية انخفاض أسعار بعض المنتجات وعلى سبيل المثال سعر القمح، وبالتالي فإن ذلك يعني خروج مزارعين أو مشاريع صغيرة لا تستطيع أن تواجه المصروفات وغيرها بعد انخفاض السعر ما لم تكن هناك اندماجات فيما بينهم، إضافة إلى ذلك موضوع العمالة فهو تابع للخبرات، مشددا على أن المرحلة المقبلة ستشهد اندماجات بين شركات زراعية، وهذا الأمر حتمي وغير قابل للنقاش، خاصة وأن العمل الفردي أصبح مضيعة للوقت والجهد والمال.
وهنا يعود نائب رئيس منتجي الألبان الطازجة في مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية مدير عام الشركة الوطنية للتنمية الزراعية "نادك" لينوه بما وصلت إليه صناعة الألبان في المملكة، مطالبا في الوقت نفسه لتسهيل عملية الاستحواذ أو الاندماجات للشركات والمشاريع الصغيرة في مجال إنتاج وتصنيع الألبان بإيجاد جهات محايدة لتقييم المشاريع، وبالتالي وضع قيمة حقيقية لكل مشروع، حيث أن ذلك يسهم في دعم الاندماج والاستحواذ بين المشاريع، لأن عدم وجود أرقام دقيقة مقنعة يقلل من التوجه نحو الاستحواذ أو الاندماج بين الشركات الكبيرة والمشاريع الصغيرة.
ويعود نائب رئيس اللجنة الوطنية الزراعية في مجلس الغرف ليؤكد أهمية الوقت في المرحلة الحالية ووجوب التحرك نحو مزيد من دعم موضوع الاندماجات والتكتلات، لأنه كلما تم اتخاذ إجراء عاجل يعني تخفيف المشاكل التي تعاني منها بعض الشركات الزراعية في الوقت الحاضر، ولتلافي الضغوط على المزارعين والمشاريع الصغيرة، في ظل وجود مشاريع متعثرة لن تستطيع الصمود كثيرا، والتأخر في طرح مثل هذه الأمور وقيام كيانات كبيرة يعني مزيدا من الهدر المالي وخروج مشاريع لو أحسن التعامل معها من خلال دمجها أو الاستحواذ عليها لحققت نجاحا.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك، حيث يطرح خالد بن عبد المحسن الباتع رئيس مجلس الجمعية التسويقية الزراعية في حائل، رؤية متقاربة، مشيرا إلى أن الحديث عن الاندماجات يفرض بالضرورة إقناع المزارع الصغير بأهمية العمل التعاوني من خلال الانتساب إلى الجمعيات، مضيفا: ليس كل المشاريع المتوسطة تحديدا قابلة للاندماج، لكنها بالضرورة تحتاج إلى الدخول في تكتلات بشكل أو بآخر في الجمعيات التعاونية والتسويقية لتخفيض التكاليف والعمل يدا واحدة.
واعتبر الباتع أن وضع الشركات يبدو أكثر اطمئنانا في الوقت الحالي بالنظر لوجود قيادات خبيرة ومتمرسة، لكن الصعوبة تكمن في وضع المزارع الصغير الذي أسس مشروعه بشكل فردي، وبالتالي فإن الحيرة تشغله حول ضمان مستقبله.