المنتدى الاقتصادي من حوار مع أمريكا إلى حوار بين عرب الوطن وعرب المهجر
اختلفت تقييمات المشاركين في المنتدى الاقتصادي العربي ـ الأمريكي الذي اختتم أول أمس في مدينة هيوستن في ولاية تكساس حول مستوى تمثيل الدول، حجم الندوات، ونوعية المشاركين.
وأبلغ أحمد شيباني أحد مؤسسي المنتدى، "الاقتصادية" أن عدد المشاركين ارتفع في اليومين الأخيرين من المنتدى إلى أكثر من 1100 شخصية من العالم العربي والولايات المتحدة الأمريكية ومن جانب القطاع الخاص العربي والأمريكي.
من جانبه، قال الدكتور محمد بن حمد القنيبط، عضو مجلس الشورى، لـ"الاقتصادية" إن "الشركات الأمريكية الكبيرة سواء في مجال النفط أو غير ذلك ممثلة وعددها جيد في المنتدى مما يعكس اهتمامها الاقتصادي بالمنطقة العربية, خصوصا الخليجية".
وأضاف الدكتور القنيبط "موضوع الشركات ليس بذي إشكالية ولكن حضور الجهة الثانية (الإدارة الأمريكية) مهم وأهمية هذا الحضور في سماع وجهة النظر العربية في موضوع التعاون الأمريكي العربي حيث
لاحظ الكثير انخفاض مستوى الحضور الأمريكي" الرسمي وأغلب الحضور هو للعرب الأمريكيين".
"ما حدث في المنتدى هو أن الحوار أصبح بين العرب بمعنى العرب في الأصل والعرب في المهجر دخلوا في حوار مع بعضهم البعض. ولكن المهم هو الجانب الأمريكي حتى يستمع إلى وجهة النظر العربية وينشأ بالتالي حوار بين الجانبين".
وتابع "يجب على الجهة المنظمة أن تعمل أكثر في جانب الاتصالات لحشد عدد أكبر من الأمريكيين لإسماعهم الصوت العربي".
وأشار أيضا إلى "كثرة المواضيع" والندوات والمحاضرات وحلقات النقاش التي بلغ عددها خلال أيام المنتدى 23 ندوة على مدى ثلاثة أيام.
وأضاف "بما أن هذه هي الدورة الثانية للمنتدى فكان من الواجب أن يكون هناك تركيز على النوعية وليس على العدد. المنتدى مهم جدا والإعداد كان ممتازا ولكن يجب تفعيل دور الحكومة الأمريكية حيث لم يكن لها حضور لأن إشكالية العالم العربي مع أمريكا حاليا تتمثل في تأخر صدور التأشيرات حيث يتأخر تحديد موعد للحصول على التأشيرة إلى خمسة أشهر ولا بد من الاهتمام بهذه النقطة إذا أراد الجانب الأمريكي تطوير المزيد من التعاون" مع العالم العربي.
وأضاف "استطعت الحضور والمشاركة لحصولي على تأشيرة قديمة من السابق، بينما هناك أشخاص آخرون لم يستطيعوا الحصول على التأشيرة قبل أسبوعين من بدء أعمال المنتدى بينما دول أخرى تمنح التأشيرة خلال أسبوعين".
من جانبه، شارك نجاد فارس، من مؤسسي المنتدى، الدكتور القنيبط في ملاحظته على مستوى التمثيل الرسمي الأمريكي.
وقال لـ"الاقتصادية" "التمثيل الرسمي الحكومي الأمريكي كان محدودا دون شك لكن شاركت بالفعل كارين هيوز وديفيد وولش مساعدا وزيرة الخارجية، وهذا بحد ذاته حضور لأننا لا نعمل على حل مشكلة بل نعمل على تحسين العلاقة العربية ـ الأمريكية خطوة خطوة".
ورفض فارس اعتبار أن المشاركة في المنتدى اقتصرت على الأمريكيين من أصل عربي. وقال "الأمر لا يقتصر فقط على الأمريكيين العرب بل يوجد بالفعل أمريكيون في لجنة المنتدى وأيضا كمشاركين في أنشطته وأعماله".
وفي رد على سؤال عن كثرة الندوات وحلقات النقاش قال "للأسف إذا ما أردنا أن نعمل الندوات بأن تكون واحدة وراء الأخرى لاحتجنا إلى أسبوع كامل للقيام بأنشطة المنتدى واللجنة المنظمة مجبرة على اتخاذ هذا النهج, وكل مشارك يختار الندوة التي يرغب المشاركة فيها".
وعبر عن رضاه عن مستوى المشاركة العربية في أعمال المنتدى، موضحا أن نسبة مشاركة القطاع الخاص الأمريكي في المنتدى "ارتفعت لأن القطاع الخاص الأمريكي مهتم بالعالم العربي".
من جانبه، رفض شيباني فكرة تحول المنتدى إلى حوار عربي -عربي.
وقال "مسألة أن العرب مشاركون أكثر من الأمريكيين فهذا في اعتقادي غير صحيح لأن المشاركة متساوية"، مستدركا "لكن طبعا هناك مشاركة كبيرة من أوساط العرب الأمريكيين".
وأضاف "أحد أسباب إقامة منتدى في مدن مختلفة في الولايات المتحدة لتشجيع الجالية العربية الموجودة فيها على تنظيم أمورها".
وبدوره أعرب عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية، عن عدم اتفاقه مع "سياسة الغياب" لبعض الدول العربية.
يشار إلى أن المنتدى شهد غياب مشاركة عدد من الدول على المستوى الرسمي الحكومي مثل سورية، والحكومة الفلسطينية، الأردن، والكويت.
وقال في لقاء مع عدد من الصحافيين العرب "قد تكون هناك أسباب لبعض حالات الغياب، ولكني لا أتفق مع سياسية الغياب سواء كانت لدولة أو أفراد أو مؤسسات أو منظمات, هنا العالم يعتمد على أن تكون موجودا وقائما ولك الكثير من الحجج تطرحها وتستمع إلى الآخرين عن طريق هذا التواصل أو هذه اللقاءات".
وأضاف "اللقاءات تتم مع أصحاب المصالح الحقيقية سواء رجال أعمال أو صحافة أو ثقافة في مجالات عديدة للغاية وهذا لا يسقط ولا يستبعد الكلام في السياسة".
إلى ذلك، سعى المشاركون والمنظمون للمنتدى إلى دفع حركة التبادل التجاري والاستثماري بين الجانبين إلى الأمام وسط اتفاق على ضعف التبادل التجاري وأسبابه.
وأبلغ "الاقتصادية" أحمد شيباني أن حجم التبادل التجاري للمنتجات غير النفطية بين الدول العربية والولايات المتحدة وصل إلى 50 مليار دولار، مضيفا أن نحو 1200 شركة في هيوستن لديها حركة تجارة مع دول في الشرق الأوسط، فيما بلغ حجم التجارة عبر ميناء هيوستن مع الشرق الأوسط 4.5 مليار دولار.
وقال "يهمنا طبعا تطوير العلاقات الاقتصادية الموجودة بين الجانبين".
واعتبر أن السوق في العالم العربي الذي يقدر عدد سكانه بنحو 350 مليون نسمة "غير مغرية أو جذابة للشركات الأمريكية" بسبب انخفاض متوسط الدخل الفردي في المنطقة، ولكنها قد تكون جذابة لشركات تعمل في مجال السلع الاستهلاكية قصيرة العمر".
وأضاف "الـ 50 مليار دولار أرقام غير مشجعة فإحدى الشركات الأمريكية الكبرى عندما طرح عليها في السابق إنشاء مصنع في المنطقة العربية اعتذرت بحجة أن نسبة تجارتها في المنطقة لا تزيد على 3 في المائة وهو الرقم الذي اعتبرته غير مشجع لقيام مصنع لها. على عكس الدول الأخرى فالسوق اليابانية والسوق الأوروبية مسيطرتان على السوق العربية بشكل كبير".
من جانبه، أوضح نجاد فارس أن العالم العربي مغر للاستثمار الأمريكي وكسوق يوجد فيها أكثر من 350 مليون نسمة وهذا يعني وجود سوق هائلة".
وأشار سام حمدان، من مؤسسي المنتدى، إلى "وجود فرص كثيرة يستطيع المنتدى أن يساعد فيها من أجل تسهيل حركة التبادل التجاري بين الجانبين"، معترفا بأن حركة التبادل التجاري بين الجانبين ضعيفة.
وقال "حجم تجارة أمريكا مع هونج كونج أكثر من حجم تجارتها غير النفطية مع العالم العربي".
بدورها ذكرت لـ"الاقتصادية" عايدة العريسي، المديرة التنفيذية للغرفة التجارية الخاصة بالعلاقات الثنائية العربية ـ الأمريكية، أن "عددا من الشركات العربية أصبح غير متشجع للاستثمار في الولايات المتحدة بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) بسبب أن عليها أن تمر عبر مسائل لها علاقة بالشفافية والإفصاح".
وأشارت إلى تساؤل الجانب السعودي في حوار الأعمال السعودي- الأمريكي أمس عن "غياب الشركات الأمريكية عن المشاريع الاقتصادية الأخيرة في المملكة".
وأضافت "أنصح القطاع الخاص في الدول العربية الأخرى بأن يحذو حذو السعودية في المبادرة بطرح القضايا التي تهمهم وأن لا ينتظروا أن تقوم الحكومة بعمل كل الأمور لهم".