القطاع العقاري في دبي يعاني فائض المعروض .. مع بصيص تفاؤل
يظهر معرض ''سيتي سكيب'' الذي تستضيفه دبي أن مشكلة الفائض في المعروض تعوق تعافي القطاع العقاري في الإمارة، إلا أن لاعبين في السوق بدأوا يستشفون تفاؤلا في أفق الأزمة.
والشركات العقارية الكبرى المشاركة في ''سيتي سكيب'' تستخدم نماذج ومجسمات قديمة سبق أن عرضتها خلال النسختين الماضيتين من المعرض، أو مجسمات وصور لمشاريع قد لا ترى النور أبدا على الأرجح.
وكان المعرض يمثل الحدث السنوي البارز الذي يجذب أنظار العالم إلى القطاع العقاري في دبي، وهو قطاع شهد فورة مذهلة قبل أن ينهار على وقع الأزمة المالية العالمية.
وقال روهان مرواها مدير ''سيتي سكيب'' الإثنين قبيل بدء المعرض الذي يستمر أربعة أيام ''إن التركيز الأساسي في المعرض بالنسبة للمطورين العقاريين في دبي سيكون على الإنجاز والتسليم''.
وخفضت شركات عقارية كبرى حجم أجنحتها في المعرض للسنة الثانية على التوالي.
وخسرت العقارات في دبي أكثر من نصف قيمتها منذ ذروة الفورة التي وصلت إليها في صيف 2008، إثر الأزمة المالية العالمية التي جففت منابع التمويل وجعلت الكثيرين يتخلون عن استثماراتهم في دبي بسبب انخفاض قيمتها.
وذكر تقرير لشركة جونز لانغ لاسال للاستشارات العقارية هذا الأسبوع أنه من المرجح أن تستمر الأسعار في الانخفاض هذه السنة بسبب الفائض في المعروض. إلا أن التقرير أشار إلى تراجع ملحوظ في وتيرة الانخفاض مقارنة بالعام 2009.
وقال التقرير ''إن الفائض في المعروض يؤثر سلبا في جو السوق ويؤخر موعد أي تعاف عام في السوق''. وذكر التقرير إن 35 ألف وحدة سكنية ستسلم هذه السنة فضلا عن 30 ألف وحدة إضافية العام المقبل. كما أن أكثر من 650 ألف متر مربع جديدة من مساحات المكاتب ستكون جاهزة بنهاية السنة الحالية.
وفي المقابل، فإن الطلب يبقى ضعيفا نسبيا مع غياب المضاربين الذين كانوا في السابق القوة الدافعة الأبرز لنمو سوق العقارات في دبي.
إلا أن بعض اللاعبين في السوق يؤكدون أن التوقعات بخصوص المعروض ليست دقيقة، مشيرين إلى أن كثيرا من المشاريع لن يتم إنجازها.
وقال الشيخ مكتوم بن حشر آل مكتوم رئيس مجموعة الفجر العقارية لوكالة فرانس برس ''سيكون هناك انخفاض بنسبة 90 في المائة في المعروض في الفترة حتى 2020 مقارنة بمستوى الذروة في 2008''.
وأشار الشيخ مكتوم إلى أن هيئة تنظيم القطاع العقاري في دبي سبق أن أعلنت إلغاء 480 مشروعا عقاريا كانت في طور التصميم، أي ما يوازي نصف المشاريع المطروحة تقريبا.
وأشار أيضا إلى أن شركات عقارية كثيرة تقوم بدمج مشاريعها وبالحد من عدد الوحدات التي تبنيها.
وفي هذه الأثناء، تظهر بعض مؤشرات التعافي بفضل الإيجارات المنخفضة التي تجتذب شركات إلى دبي حيث بات إرساء الأعمال أقل كلفة بكثير مما كانت عليه الحال قبل سنتين. وقال نيكولاس ماكلين مدير شركة الخدمات العقارية ''سي بي ريتشارد اليس'' في الشرق الأوسط إن ''سوق دبي تحسنت كثيرا بالنسبة لنا هذه السنة. والتحسن يعود إلى مجيء شركات خارجية للاستقرار في دبي بهدف تقديم خدماتها للمنطقة ككل''.
وذكر ماكلين لوكالة فرانس برس أن ''السوق تستوعب المساحات الجديدة المعروضة بسرعة أكبر بكثير من العام الماضي حين كان الوضع مزريا فعلا''. وتأتي هذه المؤشرات في وقت يبدو أن دبي نجحت في تخفيف الضغط الناجم عن ديون شركاتها الكبرى مع نجاح مجموعة دبي العالمية في الاتفاق مع دائنيها حول إعادة هيكلة ديون قدرها 24.9 مليار دولار. كما نجحت حكومة الإمارة في جمع 1.25 مليار دولار عبر طرح سندات ضمن عملية رأى فيها المراقبون مؤشرا على عودة الإمارة إلى أسواق المال العالمية. وقال حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في مقابلة مع تلفزيون ''بلومبرغ'' الأسبوع الماضي ''لقد عدنا، طبعا لقد عدنا''.
إلا أن ماكلين أشار إلى ضرورة أن تعمد دبي إلى زيادة عدد سكانها عبر خلق وظائف جديدة تستقطب الأجانب، واعتبر أن هذا الأمر من شأنه أن يحل مشكلة الفائض في المعروض ويضع حدا لانزلاق الأسعار.
وبحسب ''جونز لانغ لاسال''، انخفض عدد سكان دبي بنسبة 8 في المائة في 2009 ووصل إلى 1.52 مليون نسمة غالبيتهم العظمى من الوافدين. وسينخفض عدد السكان بحسب تقرير الشركة بنسبة 1.52 في المائة إضافية في 2010.
ولا يقيم في الإمارة عدد كبير من المستثمرين العقاريين. وهناك الكثير من المستثمرين من بريطانيا والهند وروسيا وإيران إضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
ولإقناع المستثمرين بالشراء في مشاريع التملك الحر، أي حيث يحق للأجانب التملك، وعد المطورون بتأمين تأشيرات إقامة للشارين. إلا أن الوعد لم يتحقق فعليا إذ قررت السلطات بعد الأزمة منح المستثمرين الأجانب تأشيرات لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.
وقال ماكلين ''هذا يجب أن يتغير لان هناك الكثير من الوحدات السكنية التي يجب أن يشتريها مستثمرون أجانب''.
وتساءل ''كيف يمكن للمرء أن يشتري بيتا إذا كان من حيث المبدأ لا يمكنه أن يعيش فيه''.
وأعرب الشيخ مكتوم رئيس مجموعة الفجر العقارية عن اعتقاده بأن بعض التعديلات سيتم إدخالها إلى قانون الهجرة والإقامة.
وقال في هذا السياق ''علينا أن نسمح لمن هم فوق الستين بالعيش في البلاد'' مشيرا بذلك إلى قانون العمل المحلي الذي ينص على تقاعد الموظف في سن الستين، وبالتالي فإن عليه مغادرة البلاد بعد بلوغه هذه السن.
وأعرب الشيخ مكتوم عن تفاؤله إزاء التعافي في القطاع العقاري.
وقال في هذا السياق ''لقد وصلنا إلى قاع'' الدورة وهناك بحسب اعتقاده طريق واحد يمكن للسوق أن تسلكه هو الصعود.