بكين: تقليص النمو بسبب الارتفاع الهائل للاستثمارات والقروض

بكين: تقليص النمو بسبب الارتفاع الهائل للاستثمارات والقروض

تزايدت حدة المخاوف ونبرة التحذيرات من معدلات النمو الهائلة للاقتصاد الصيني بحيث أصبحت تشكل خطرا على هذا الاقتصاد نفسه، خصوصا على
القطاع المصرفي بعد أن أصبح النمو الزائد عن الحد هو "المرض" الذي يعاني منه الاقتصاد الصيني، في حين تكافح اقتصادات أخرى مثل الاقتصادين الألماني والياباني لتحقيق معدل نمو ملموس.
وتحولت ضمانات القروض التي قدمها النظام المصرفي أخيرا والزيادة في الاستثمارات في المصانع والعقارات وغيرها من المشاريع الاستثمارية في الصين إلى جرس إنذار للمسؤولين عن إدارة عجلة الاقتصاد في بكين.
وبالفعل يسعى وين جياباو رئيس الوزراء الصيني إلى كبح جماح النمو الاقتصادي الناجم عن "النمو الزائد عن الحد للاستثمارات والقروض" حتى يمكن تخفيف "النمو الأعمى" للاقتصاد الصيني. وكان الاقتصاد الصيني قد سجل خلال الربع الأول من العام الحالي نموا بمعدل 10.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي متجاوزا المعدل المرغوب وهو 8 في المائة فقط.
ونقلت صحيفة "ساوث تشاينا مورننج بوست" عن ليو مينج كانج رئيس هيئة الرقابة المصرفية قوله: إن أغلب البنوك في الصين لم تحقق تقدما يذكر في "إصلاح" النظم الإدارية فيها.
وأضاف ليو في أحد المنتديات المصرفية في بكين "في حالة الزيادة الهائلة في عدد المعاملات المصرفية تزداد المخاطر التشغيلية".
وواصل ليو حديثه في لحظة صراحة غير معتادة بالنسبة إلى المسؤولين الصينيين إن موظفي البنوك في الصين يفتقدون المعرفة المهنية الضرورية لتقييم المخاطر بشكل صحيح عند تقديم القروض للجهات المقترضة.
من جانبه، طالب تشو رئيس البنك المركزي بتطوير قدرة المؤسسات المصرفية في الصين على إدارة المخاطر وقال "من المحتمل أن نواجه مشكلات. وعندما تقع هذه المشكلات فإن مسار الإصلاح والتجريب قد يتباطأ بدرجة كبيرة". وكانت البنوك الصينية قد قدمت قروضا جديدة خلال الأشهر
الخمسة الأولى من العام الحالي قدرها 1.8 تريليون يوان صيني (225 مليار دولار) تمثل نحو 72 في المائة من إجمالي الديون المستهدف تقديمها للعام الحالي ككل وقدرها 2.5 تريليون يوان.
وفي أيار(مايو) الماضي فقط زاد حجم الائتمان لدى البنوك الصينية إلى أكثر من الضعف مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وحذر ليو من تعرض البنوك الصينية لموجة جديدة من الديون المعدومة نتيجة التوسع في تقديم القروض إلى من يطلبها دون التوقف عند مخاطر الائتمان.
وقال ليو، الذي يرأس الجهاز المسؤول عن رقابة القطاع المصرفي، إنه إذا تحققت المخاوف بالفعل وتعرضت البنوك لموجة جديدة من الديون المعدومة "فسوف تكون الخسائر هائلة". وكان البنك المركزي قد أصدر من قبل توجيهات مرنة إلى البنوك لكبح جماح عمليات الإقراض التي تتوسع فيها البنوك، خصوصا في مجالات إقامة المصانع والعقارات.
وفي تحرك قوي من جانب بنك الشعب "البنك المركزي" الصيني لكبح جماح الإقراض قرر زيادة سعر الفائدة الرئيسي على العملة المحلية بمقدار 27 نقطة أساس ليصل إلى 5.85 في المائة وهي أول زيادة في سعر الفائدة في الصين منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2004.
كما طالب البنك البنوك المحلية بزيادة نسبة مخصصات الاحتياطي لديها بمقدار نصف نقطة مئوية لتصل إلى 8.5 في المائة للبنوك الصغيرة واتحادات الائتمان. وستؤدي هذه الخطوة إلى إخراج 150 مليار يوان (21 مليار
دولار) من دائرة التداول النقدي وهو ما يمكن أن يقود إلى تقليص قدرة البنوك على الإقراض. وكانت بيانات البنك المركزي الصيني التي أعلنت الأسبوع
الماضي قد أظهرت زيادة حجم السيولة النقدية في الأسواق في نهاية أيار(مايو) الماضي بنسبة 19.1 في المائة على الشهر نفسه من العام الماضي وهو ما تجاوز توقعات المحللين، الأمر الذي يثير التكهنات بشأن إقدام الحكومة على فرض المزيد من القيود على الإقراض.
وهكذا يتحول النمو القوي للاقتصاد إلى مشكلة "صينية" جدا تسعى الحكومة إلى الحد منه وصولا إلى النمو "الهادئ" والمستقر للاقتصاد.

الأكثر قراءة