أحلام شاب ومرارة الحزن
<a href="mailto:[email protected]">salsuhamee@yahoo.com</a>
رتب نفسه على أن يكون الأول دوما فقد تعود التفوق منذ بدأ مرحلة تعليمه الأولي، فقد كانت ثمرات تربية والده الذي كان يعيش لأجله وإخوته، مرت الأيام والسنون ودرجات النبوغ لديه تزداد يوما بعد يوم، وامتدت مساحات تفوقه الدراسي لعشق آخر بدا يحتل مكانة في نفسه، ووجد كل تشجيع من والده ومن معلميه وأصبح رويدا رويدا رئيسا لتحرير نشرة مدرسية يبذل الوقت والجهد من أجلها حتى أنها حظيت بالتنويه وبالكتابة عنها في إحدى الصحف الكبيرة السيارة، وفي غمرة هذه الأفراح والاهتمامات بالنشرة تخطف يد المنون المشجع الأول له في مشواره الحياتي الدراسي والإعلامي فقد غيب الموت والده، فماذا هو فاعل أمام هذا المصاب الجلل، وهو الابن الأصغر وأخواه اللذان يكبرانه في موطنهم الأصلي للدراسة، لقد اهتز الكثير ممن يعرفون صلاح والده وحبه للخير، وكانوا يتحدثون عنه والعيون مغرقة بالدموع فقد انتهى كل شيء فقدوا أخا وجارا وصديقا لن يعوض، والجميع أعينهم صوب ذلك الفتى الحزين الذي كان يحبس دمعه أمام المعزين وتنهمر وهو وحيد على فراشه، كان الجميع يحاول أن يتحدث إليه يريد أن يخفف آلامه وهو صامد كالصخر متسلح بإيمانه هكذا كان، وهكذا أصبح، في زمن يحتاج إلى صلابة الرجال ومواقفهم المشهودة. نعم، لقد فقد تلك اليد المشجعة له والهامسة له بمزيد من خطوات التفوق وهو مزهو فخور به وبتفوقه وبقية إخوته. كانت مغادرة والده للحياة سريعة وهكذا الإنسان الضعيف يغادر الدنيا دون رغبته، ويذهب دون أن ينهي جميع ارتباطاته، فليس بمقدوره إيقاف القدر والمنية، التي لن يستطيع أن يطلب من أي أحد أن تكون لغيره، ولاسيما إن ذلك حدث في لحظات فقد صلى العشاء ولم يستطع أن يصلي الفجر فقد حدثت الفاجعة، وغادر تلك الحياة وهو ينظر إليه، ينظر إلى خطوات الوداع النهائي في فترة وجيزة كانت القاصمة له، فقد كل شيء، فقد حنان الأب، ولكنه لم يفقد عشقه للإعلام حتى الثمالة، اطلعت أخيرا على كلمات وداعية من القلب أطلقها هذا الابن في آخر نشرة تم إصدارها لم أطلع عليها لكنها أحزنت من نقل إلي المعلومة، فقد حان الرحيل من بلاد الحرمين إلى موطنه الأصلي مودعا كل الماضي الجميل، وتاركا خلفه هموما أسرية مليئة بالآلام تتحسر على أيام مضت، لم يعد هناك مايمكن أن يصبح ذلك الماضي الوضاء الذي كانوا يستيقظون على صوت الانضباطية والنظام في وقت ربما تعجز كمعظم البيوت على السير فيه. نعم إنها صفحات من حياة شاب من أسرة مسلمة فقدت الكثير من بريقها بعد وفاة عائلها، تحتاج الكثير والكثير، أعجبت أيما إعجاب بسيرة أبنائها وتربية أفرادها، وحزنت كثيرا لفقد صديقي رب أسرتها، ورغم مضي عدة أشهر إلا أن أفعاله الطيبة لم تنسناه وكذلك خصال أبنائه الخيرة واحترامهم الكبير وتوقيره في زمن تجد زلات الصغار على الكبار تجاوزت اللا معقول، فوداعا لهذه الأسرة الطيبة وجميع أبنائها ذكورا وإناثا، وأما عاشق الإعلام فأسأل الله أن يأخذ بيده ونسمع عنه أخبارا طيبة في بلاده كما أتمنى أن يسيروا على خطا والدهم في حبه للخير والمسارعة للطاعات، وإن شاء الله يكونون جميعا بارين بوالديهم.