«المركزي الأوروبي» يتجه لإبقاء أسعار الفائدة منخفضة في ظل تعثر الاقتصاد الأمريكي

«المركزي الأوروبي» يتجه لإبقاء أسعار الفائدة منخفضة في ظل تعثر الاقتصاد الأمريكي

من المرجح أن يدفع التباطؤ الواضح في أداء الاقتصاد الأمريكي والمخاوف الملحة بشأن الديون في عدد من دول منطقة اليورو، البنك المركزي الأوروبي إلى الإبقاء على أسعار فائدته على انخفاضها القياسي 1 في المائة، خلال اجتماع مجلس إدارته اليوم. ورغم فيض الأنباء الاقتصادية المبشرة القادم من ألمانيا، أضخم اقتصادات القارة الأوروبية، فإن عبء الديون الهائل الذي تئن من وطأته اليونان وأيرلندا ودول أخرى في منطقة اليورو، أبقى التوقعات على اعتدالها في دول المنطقة الـ 16.
وبالأمس، سجلت ألمانيا تراجعا في نسب البطالة للشهر الـ 14 على التوالي، لتبلغ 7.6 في المائة، علاوة على ذلك، أوضحت نتائج استطلاعات الرأي الصادرة الأسبوع الماضي ارتفاعا في مؤشرات ثقة المستهلك لمعدلات هي الأعلى منذ ثلاث سنوات. ويمر الاقتصاد الألماني بحالة من الانتعاش والتحسن مرجعها قوة صادراته، يدعمها من جانب ضعف اليورو، ومن جانب آخر قوة الطلب على السيارات والمعدات من جانب الصين والبرازيل وعدد آخر من الاقتصادات الصاعدة.
وجاءت نتائج مؤشر معهد إيفو لمناخ الأعمال لتؤكد أن الشركات الألمانية سعيدة بالموقف الراهن، لكنها أقل تفاؤلا بشأن استمراره. والآن يقول المحللون ـــ ومن بينهم محللو البنك المركزي الألماني "بوندسبنك": "إن تحقيق هامش نمو بنسبة 3 في المائة، بعد أسوأ ركود تعاني منه ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية، أمر ممكن". وتلحق بيانات العمالة الألمانية، نتائج مؤشرات ثقة المستثمرين في اقتصادات منطقة اليورو التي صدرت الإثنين، حيث قفز مؤشر الثقة الصادر عن المفوضية الأوروبية لأعلى مستوياته في آب (أغسطس) منذ 2008.
وكانت نسب البطالة في منطقة اليورو مستقرة أيضا، حيث أعلنت وكالة الإحصاء الأوروبية "يوروستات" ومقرها لوكسمبورج، الإثنين، أن نسب البطالة في الكتلة ظلت ثابتة عند 9.6 في المائة، وهي النسبة التي بلغتها للمرة الأولى في شباط (فبراير) الماضي.
غير أن جان كلود تريشيه محافظ البنك المركزي الأوروبي أطلق صيحة تحذير خلال خطاب ألقاه هذا الأسبوع في مدينة جاكسون هول في ولاية وايومنج الأمريكية، حيث التقى بمسؤولي مجلس الاحتياطي الاتحادي ـــ البنك المركزي الأمريكي ـــ بشأن "تزايد حجم الدين" بشكل هائل.
وقال: "إن الاقتصادات المتقدمة تواجه الآن تحديا آخر كيف يمكن التعامل مع إرث التجاوزات والاختلالات المتراكم على مدى العقود من قِبل الأسر والشركات والمؤسسات المالية". اليونان على سبيل المثال بعجز في الموازنة يدور حول 9 في المائة، بينما الفائدة على السندات الحكومية تزيد على 11 في المائة. وكان أكسيل فيبر محافظ البنك المركزي الألماني وأحد أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، قد دعا في أوائل آب (أغسطس) الماضي، إلى تجاهل خطط الإقراض الطارئ للبنوك حتى نهاية العام الجاري، يبدو أن البنك المركزي الأوروبي غير مستعد لرفع معدلات الفائدة.
وقالت جنيفر ماكيون وهي محللة اقتصادية أوروبية بارزة تعمل مع المجموعة البحثية الاقتصادية "كابيتال جروب": "من المتوقع أن يتبنى البنك المركزي الأوروبي موقفا هادئا للغاية خلال اجتماعه المقبل.. وقد تكون البيانات الإيجابية الأخيرة دفعت البنك إلى تعديل تنبؤاته للنمو (الاقتصادي) لعام 2010.. غير أن التباطؤ في الطلب العالمي يعد دلالة مثيرة للقلق وبشدة بشأن المستقبل".
أمريكا، أضخم اقتصادات العالم وأكبر شركاء منطقة اليورو التجاريين، ترى مسار تعافيها يتعثر، وهو ما يزيد المخاوف بشأن احتمال دورة ركود أخرى. ومن المتوقع أن يظهر تقرير البطالة الأمريكية، المقرر نشره الجمعة، زيادة أخرى في أعداد العاطلين بنحو 110 آلاف شخص، عن آب (أغسطس) الماضي بحسب صحيفة "فاينانشال تايمز". ويخشى البعض أن تتكرر مأساة الركود الأمريكي لتجر معها دول أوروبا، ومن بينها ألمانيا، نحو الهاوية. وقال يورج كرامر، كبير الاقتصاديين في بنك "كوميرتس بنك": "إن الاقتصاد الأمريكي والاقتصادات الأوروبية، في مرحلة تشعب الآن ومنطقة اليورو لن تتعرض لتلك المخاطر المفرطة إذا عانى الاقتصاد الأمريكي ركودا، غير أن النمو في دول منطقة اليورو الـ 16 نفسها لا يزال متعثرا"، وأضاف: "من المرجح أن يعدل البنك المركزي الأوروبي تنبؤاته بشأن نمو منطقة اليورو صعودا.. لـ 1.4 أو 1.5 في المائة بدلا من 1.0 في المائة". وأضاف كرامر: "لكن نسبة 1.5 في المائة تظل أدنى من معدل النمو الشائع.. وذلك يعني أن نسب البطالة ستواصل ارتفاعها.. وأن يبقى الألم الاقتصادي". وقال: "إن المخاوف من التضخم لا تلائم منطقة اليورو بعد. كل المخاوف السلبية تؤدي في النهاية إلى إجماع على أن المركزي الأوروبي سيمد العمل ببنامج الإقراض الطارئ، الذي يمنح سيولة بلا حدود للبنوك، حتى أوائل 2011 على الأقل".

الأكثر قراءة